أصدر القضاء الجزائري، مساء الخميس، قراراً بتعليق أنشطة الحزب الاشتراكي للعمال (معارض)، بقرار من الغرفة الاستعجالية لمجلس الدولة، بناء على دعوى رفعتها وزارة الداخلية ضد الحزب، فيما نجا حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي المعارض من قرار مماثل مؤقتا، في سياق مساعٍ تقوم بها السلطات الجزائرية لشل عدد من الأحزاب التقدمية المعارضة.
وأعلن حزب العمال الاشتراكي عن قرار من مجلس الدولة (أعلى سلطة في القضاء الإداري)، يقضي بتعليق أنشطته وإغلاق مقاره بحجة مخالفة الحزب التشريعات المنظمة للأحزاب، وعدم عقده مؤتمره العام في الوقت المحدد قانوناً لتجديد قيادته.
وأفاد بيان وقعه أمينه العام محمود رشيدي بأن قرار تعليق أنشطة الحزب "قمع وقرار سياسي ويعتبر سابقة خطيرة واعتداء صارخاً على التعددية الحزبية والحريات الديمقراطية في الجزائر"، مشيراً إلى أن "الكفاح في صفوف العمال وفي الأوساط الشعبية سيتواصل من أجل الحريات والعدالة الاجتماعية، وسنواصل كذلك كفاحنا العالمي والمعادي للرأسمالية ومن أجل الاشتراكية".
ويعد هذا القرار الثالث من نوعه في حق أحزاب سياسية معتمدة، حيث كان القضاء الإداري في الجزائر قد أصدر، في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، قرارين بحل حزبين معتمدين ومنعهما من أي نشاط سياسي، على خلفية دعوى قضائية رفعتها وزارة الداخلية ضد الحزبين لعدم مطابقتهما قانون الأحزاب المعمول به، وهما حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والحريات وحزب جبهة الجزائريين الديمقراطيين.
كما صدر مؤخراً قراراً بحل جمعية (تجمع عمل شبيبة)، التي تضم ناشطين مدنيين والمقربة من جبهة القوى الاشتراكية، كانت تأسست في أعقاب انتفاضة أكتوبر/ تشرين الأول 1988، على خلفية مواقفها الداعمة للحراك الشعبي.
وكانت السلطات الجزائرية قد أبلغت أحزابا سياسيا معارضة بمباشرة إجراءات وضعها تحت طائلة القانون وتعليق نشاطها بسبب مواقفها السياسية، كحزب الحركة الديمقراطية والاجتماعية (الشيوعي سابقا)، وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إذ تتهمه وزارة الداخلية بمخالفة قانون الأحزاب ووضع مقره المركزي تحت تصرف تنظيمات غير مرخصة لعقد اجتماعاتها.
وجاء قرار تعليق نشاط الحزب الاشتراكي للعمال بعد أيام من قرار قضائي بوضع رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس تحت الرقابة القضائية، والحكم على رئيس الحركة الديمقراطية والاجتماعية فتحي غراس بالسجن عامين حبساً نافذاً، بسبب تصريحات سياسية سابقة تخص أزمة الربيع الأمازيغي في يونيو/حزيران 2001.
وشجبت الحركة الديمقراطية الاجتماعية، اليوم، قرار تعليق أنشطة الحزب الاشتراكي للعمال وإغلاق مقاره، وأكد بيان للحركة أن القرار "تدخل في شؤون الأحزاب والقضاء على التعددية الحزبية.. واستتباعا كليا للعدالة لكسر الأحزاب والمناضلين الحراكيين المعارضين له".
وأشار إلى أن "النظام يتوجه بقوة الى المنع الكلي للعمل السياسي المنظم، فكل الضغوطات التي تطاول القوى السياسية المعارضة له تأتي في ظرف لم ينجح هذا الأخير في إقناع أغلبية الجزائريات والجزائريين بمشروعه السياسي".
وفي نفس السياق، نجى حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي المعارض، والذي تقوده القاضية السابقة زبيدة عسول، من قرار تعليق أنشطته السياسية.
وأعلنت عسول، في بيان لها، أن مجلس الدولة رفض دعوى استعجالية رفعتها وزارة الداخلية ضد الحزب بهدف تعليق أنشطته، مؤكدة أن مجلس الدولة رفض الدعوى بسبب عدم التأسيس، حيث كانت قيادة الحزب قد قدمت بيانات تفيد بتحديث قيادتها وعقد المؤتمر التأسيسي في الآجال القانونية، بخلاف ما زعمته وزارة الداخلية.
وفي نفس السياق، دان حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في بيان اليوم الجمعة، ما وصفه بحملة حل الأحزاب السياسية في الجزائر، معتبراً أن السلطات باتت تعمد إلى "توظيف القضاء كمشهد وحيد في مسرح الحياة السياسية الوطنية".
واعتبر الحزب أن "قرار مجلس الدولة بتجميد نشاط حزب العمال الاشتراكي مع إغلاق مقاره، ما هو إلا إعادة نظر وإنكار للتعددية والعمل السياسي، وهي المكاسب التي انتزعت جراء نضالات دُفع ثمنها باهضا".
وأشار إلى أن "الحملة الإدارية والقضائية الموجّهة ضد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ورئيسه محسن بلعباس إشارة واضحة إلى انحراف استبدادي خطير وغير مقبول، الهدف منه معاقبة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية على موقفه الصريح وغير المهادن ووقوفه في صف الشعب في كفاحه السلمي من أجل تغيير جذري للنظام".