السلطات الجزائرية تسارع لاحتواء أزمة العسكريين المتقاعدين

24 مارس 2021
تخوف من عودة العسكريين للشارع (رياض قرامدي/ فرانس برس)
+ الخط -

تسابق السلطات الجزائرية الزمن لاحتواء أزمة العسكريين المتقاعدين ومعطوبي مكافحة الإرهاب، بعد عودتهم قبل أسبوع إلى الشارع لمطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية، والاحتجاج على مماطلة وزارة الدفاع في معالجة لائحة مطالبهم المرفوعة منذ عام 2014. 
واليوم الأربعاء كشف مدير المصلحة الاجتماعية بوزارة الدفاع الجزائرية، اللواء دحماني زروق، أن "ملف متقاعدي ومعطوبي ومشطوبي الجيش يسير بشكل طبيعي، حيث ستتيح مراجعة وتعديل بعض مواد قانون المعاشات العسكرية المعمول به منذ عام 1976"، موضحا أن ذلك سيهم "عديداً من الفئات من العسكريين السابقين الذين أودعوا ملفات التسوية". 
وتقرر على هذا الأساس سن مادة في القانون الجديد تسمح بتمديد آجال الطعون ضد قرارات منع الاستفادة من المنح والامتيازات، بالإضافة إلى المادة التي تسمح بإحداث منحة عطب تكميلية، على أن يستفيد منها العسكري الذي تمنحه لجان الخبرة الطبية نسبة عطب منسوبة للخدمة.

تسلمت وزارة الدفاع أكثر من 28 ألف ملف من مختلف فئات العسكريين السابقين، حيث تم تسوية 15 ألف ملف منها حتى شهر يناير/ كانون الثاني الماضي

 

وذكر زروق أن وزارة الدفاع تسلمت أكثر من 28 ألف ملف من مختلف فئات العسكريين السابقين، حيث تمت تسوية 15 ألف ملف منها حتى شهر يناير/ كانون الثاني الماضي. وقال إنه تم طبقا لتعليمات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع الوطني، تم البدء في معالجة ملفات العسكريين المتقاعدين الذين لا يتقاضون منحة العطب، خاصة الذين تعرضوا لعطب خلال فترة الأزمة الأمنية ومكافحة الإرهاب (تسعينيات القرن الماضي)، والذين بلغ عددهم 171 ألف ملف، تم لحد الآن قبول 5684 ملف. 
وأشار إلى أن فئة العسكريين الذين تم تمديد فترة خدمتهم العسكرية، خاصة في التسعينيات بسبب حاجيات الجيش في مكافحة الإرهاب، حيث يطالب هؤلاء بمنحة، نالوا حقوقهم كاملة، وأنه يستحيل تحقيق مطلبهم الخاص بمنحة التقاعد، كونهم غير منتسبين لمؤسسة الجيش، وبالتالي لا يشتركون في صندوق تقاعد العسكريين. 
ودفعت مواقف العسكريين السابقين وحساسية الملف والمطالب الرئيس الجزائري إلى الإسراع في الإعلان عن التزامه شخصيا "بالتكفل التام بكل الانشغالات المعبر عنها في هذا الصدد، عملا بقيم العرفان لكل التضحيات التي قدمها منتسبو الجيش بكل أصنافهم وأسلاكهم".
ووافق تبون خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير على مشروع يقضي بتعديل وتكييف نظام المعاشات العسكرية، ليتيح التكفل بالمطالب المرفوعة لهذه الفئة، وكلف الحكومة "تخصيص معالجة عادلة ومنصفة لكل العرائض المطروحة الخاصة بمختلف أشكال العجز أو العطب أو التسريح من الخدمة". 
ويبدو أن المواقف الأخيرة التي أعلنها العسكريون السابقون ومعطوبو مكافحة الإرهاب، بعد تعرضهم الأسبوع الماضي للقمع على يد قوات الدراك في احتجاجهم الأخير، قد أحرجت السلطات بعدما هددوا بسحب ثقتهم من الرئيس الجزائري، والعودة للمشاركة مجددا في مظاهرات الحراك الشعبي. وهو ما ساهم في إعلان السلطات العسكرية ووزارة الدفاع عن تسريع وتيرة معالجة ملفات ومطالب هذه الفئات.
ويشكّل هذا الملف حالة حرج سياسي وحساسية بالغة بالنسبة للسلطات، خاصة أنه يتعلق بفئة دافعت عن بقاء الجمهورية وأدت واجب الحفاظ على الدولة واستعادة الأمن. وتعرض الكثير من العسكريين لإصابات بليغة أثناء الخدمة تسببت لدى بعضهم في فقدان أعضائهم واستبدالها بأعضاء اصطناعية، ويقوم بعضهم بإظهار ما تعرضوا له في المظاهرات.
ويحوزون لأجل ذلك تعاطفا مجتمعيا وسياسيا كبيرا، ويرفع العسكريون المتقاعدون لائحة مطالب تضم الدعوة إلى إعادة النظر في المعاش المقدر بـ 180 دولار أميركي، وتوحيد منحة العجز الناجم عن العمل والمجهود العسكري، وتعديل قانون المعاشات العسكرية خاصة ما يتعلق بالاستفادة من التعويضات عن الأمراض الموروثة، واستحداث منحة مكافحة الإرهاب بالنسبة للذين شاركوا في الحرب ضد الإرهاب، وكذلك الاستفادة من كل المزايا والتحفيزات التي تستفيد منها باقي الفئات العسكرية أخرى.

 

وكان العسكريون المتقاعدون والمعطوبون قد نظموا قبل أسبوع زحفا إلى العاصمة الجزائرية، لكن السلطات استخدمت وحدات الدرك لصدهم، واعتقلت 170 منهم، ليتم إخلاء سبيل 150 منهم بعد تحرير محاضر لهم.
وتضم حركة احتجاج العسكريين عددا من الفئات، منهم من أمضوا فترة خدمة عسكرية في إطار التعاقد بين 15 إلى 25 سنة، وكذلك المعطوبين الذين تعرضوا لإصابات وعاهات خلال مشاركتهم في العمليات القتالية لمكافحة الإرهاب خلال الأزمة الأمنية التي شهدتها البلاد، وكذلك العسكريين الذين تم فصلهم من الجيش لأسباب مختلفة دون تعويضات وجنود الاحتياط المعطوبين في عمليات مكافحة الإرهاب وذوي الحقوق.

المساهمون