السلطات الجزائرية تتواصل مع لاجئين سياسيين لإقناعهم بالعودة و"لمّ الشمل"

07 مايو 2022
عدد من اللاجئيين السياسيين عاد فعلاً إلى الجزائر (Getty)
+ الخط -

تجري السلطات الجزائرية منذ مدة اتصالات مع عدد من الناشطين والمعارضين والشخصيات التي سبق لها أن طلبت اللجوء السياسي في الخارج، بهدف إقناعها بمشروع "لمّ الشمل" وتمكينها من العودة إلى البلاد، من دون شروط واحترازات مسبقة، عدا ما يتعلق باحترام القوانين ومراعاة المصلحة العليا للدولة.

وذكرت مصادر متعددة تحدث إليها "العربي الجديد" أنّ عدداً من اللاجئين السياسيين عاد فعلا إلى الجزائر قبل عيد الفطر المبارك، بعضهم من كوادر الجبهة الإسلامية للإنقاذ (محظور نشاطها منذ مارس 1992)، وأكدت أن السلطات تجري اتصالات مع آخرين لتقديم عرض يضمن طريقا سالكة لهم للعودة إلى البلاد بعد عقود من اللجوء السياسي في عدة دول غربية وأوروبية، في إطار خطوة سياسية اتخذها الرئيس عبد المجيد تبون باقتراح من الاستخبارات، تتعلق بإعادة استيعاب اللاجئين والناشطين الفارين إلى الخارج بدلا من إبقائهم هناك، ما قد يعرضهم للاستغلال السياسي من جهات أجنبية ضد الجزائر.

وقال القيادي السابق في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" (محظورة) أنور هدام إن هذه الخطوة إيجابية، وكانت ضمن مجموع المطالبات السياسية التي كانت الشخصيات السياسية المقيمة في الخارج ترفعها، لرفع المظلمة السياسية عن الجزائريين في الخارج، مشيرا إلى أن "الجزائر مقبلة على تطورات كبيرة"، وصفها بالإيجابية، على هذا الصعيد، على الرغم من عدم اتضاح المسعى وآلياته في الوقت الراهن، لكن هدام رفض الكشف عن أية تفاصيل إضافية تخص الملف، تجنبا، بحسبه، لأي جدل إعلامي أو توظيف سياسي قد يؤثر على سياقه الإيجابي.

ويعطي هذا الموقف الإيجابي من هدام، وهو إحدى الشخصيات الفارة من الجزائر منذ التسعينيات، مؤشرا على وجود جدية في هذا السياق، فيما ترفض السلطات الكشف عن أية تفاصيل تخص الخطوة، وتفضل إنجاز ذلك في صمت، تجنبا للإثارة وإبعاد اللاجئين السياسيين عن أية ضغوط قد تدفعهم إلى رفض القبول بالمسعى، كما لا تعرف ماهية الاشتراطات التي تفرضها السلطات كالتزامات على العائدين، لكن وثيقة تداولها ناشطون معارضون في الخارج تتضمن "التزاما بقوانين الجمهورية، وأن يكون أي نشاط سياسي ضمن هذه القوانين"، وكذا الالتزام "بالحفاظ على المصلحة العليا للبلاد".

ويمكن أن يفسر إطلاق هذه الاتصالات من قبل السلطات الجزائرية لإعادة استيعاب اللاجئين السياسيين من الخارج قرارها، في منتصف فبراير/شباط الماضي، السحب الفوري لنسخة من الجريدة الرسمية كانت تتضمن لائحة بالأشخاص والكيانات المصنفة إرهابيةً، ضمت 16 شخصا، أبرزهم مراد دهينة المقيم في سويسرا، والدبلوماسي السابق محمد العربي زيطوط المقيم في بريطانيا، ورضا بوذراع في تركيا، وهم من قيادات حركة رشاد، والصحافي الضابط السابق في الاستخبارات عبود هشام المقيم في بلجيكا، والمحاميان رشيد مسلي وعباس عروة  في لندن، إضافة إلى فرحات مهني، وهو مغن سابق ومؤسس حركة "الماك" الانفصالية التي تطالب بفصل منطقة القبائل، وخمسة من قياديي الحركة الانفصالية يقيمون في الخارج.

ويعتقد أن تكون السلطات قد فضلت إعطاء الأولوية لإمكانية أن تنجح هذه الاتصالات مع عدد من هؤلاء، سواء لإقناعهم بالعودة أو على الأقل دعم المسعى والكف عن مهاجمة السلطة والجيش والأجهزة الأمنية والتحريض ضدها، خاصة أن بعض هذه الشخصيات كانت أكدت وجود اتصالات معها، على غرار هشام عبود، على الرغم من أن بعضهم قد ينطبق عليه ما يعتبره المنشور الأخير لوكالة الأنباء الاستثناء من مسعى لم الشمل، بسبب "تجنب الخطوط الحمراء" و"العمالة للخارج".

والثلاثاء الماضي، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية تقريرا قصيرا في صورة بيان غير منسوب للرئاسة - نشر من دون مناسبة - كشفت فيه عن مشروع رئاسي لـ"لمّ الشمل"، وأكدت أن "يد الرئيس عبد المجيد تبون، وهو رئيس لطالما اهتم بالنقاش السائد في المجتمع، ممدودة للجميع، بشكل دائم، ما عدا الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء وأولئك الذين أداروا ظهرهم لوطنهم. فهو ليس من دعاة التفرقة بل بالعكس تماما". وأضاف أنه "يجب أن يعرف أولئك الذين لم ينخرطوا في المسعى أو الذين يشعرون بالتهميش، أن الجزائر الجديدة تفتح لهم ذراعيها من أجل صفحة جديدة".

واليوم، بدأت أحزاب الموالاة والمشاركة في الحكومة في الجزائر التحرك لإسناد مبادرة "لم الشمل"، إذ أعلن حزب جبهة التحرير الوطني، أكبر أحزاب السلطة، عن "انخراطه الفاعل" لصالح مبادرة الرئيس تبون لجمع الشمل"، في حين أكد بيان لرئيس "حركة البناء الوطني" عبد القادر بن قرينة إسناد الحركة لكل مسعى يتوجه نحو تعزيز الجبهة الداخلية.

كما ثمّنت رئيسة حزب "تجمع أمل الجزائر" (تاج)، فاطمة الزهراء زرواطي، المبادرة ورأت أنها "تجسيد أرضية صلبة تصنعها قاعدة اجتماعية متماسكة". وكان لرئيس مجلس الأمة صالح قوجيل موقف، في حوار بثه التلفزيون الرسمي، إذ دعا مختلف فعاليات المجتمع إلى الالتفاف حول المسعى الذي قال إنه "يرمي إلى إرساء دعائم ومعالم الجزائر الجديدة".

المساهمون