السلطات الجزائرية تبدأ خطوات لحل حزب معارض... استهداف سياسي؟

23 ابريل 2021
الإجراءات تمس حزب "الاتحاد من أجل العدالة والترقي" (العربي الجديد)
+ الخط -

بدأت السلطات الجزائرية تنفيذ إجراءات قضائية لحل حزب سياسي معتمد، على خلفية ما تعتبرها "وضعية غير قانونية" له، في سياق ما يعتقد أنها عملية "استهداف سياسي" لجيوب المعارضة، ولا سيما أنّ هذه الخطوة ترتبط، على غرار أخرى سابقة مسّت أحزاباً أخرى، بمواقف الحزب المعارضة، ومقاطعته للانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة في 12 يونيو/ حزيران، ونشاط رئيسة الحزب، المحامية زبيدة عسول، في الحراك الشعبي وهيئة الدفاع عن معتقلي الرأي.

وأعلنت وزارة الداخلية، في بيان، أمس الخميس، مباشرتها إجراءات قانونية أمام الجهات القضائية ضد حزب "الاتحاد من أجل العدالة والرقي"، الذي ترأسه المحامية والناشطة السياسية زبيدة عسول. ووصف البيان وضعية الحزب بـ"غير القانونية"، لعدم مطابقة نشاطاته مع القانون المتعلق بالأحزاب السياسية. 

واعتبرت الداخلية الجزائرية أنّ زبيدة عسول تمارس نشاطات بوصفها رئيسة الحزب، بالرغم من انتفاء الصفة القانونية عنها، وأنّ "المعنية تمادت في تصرفات تتنافى مع الأحكام القانونية المؤطرة للعمل السياسي". وذكرت الداخلية أنها كانت قد وجهت "بناء على ما سبق ذكره، إعذارات إلى  المعنية، لمطابقة الوضعية القانونية للحزب، لكنها لم تسجل استجابة الحزب للإعذار الموجه إليه، ما يدفعها إلى مباشرة الإجراءات المنصوص عليها قانوناً أمام الجهات القضائية المختصة". ويمنع الدستور الجزائري الجديد حل الأحزاب السياسية بقرار إداري، ويلزم السلطات بأن يكون الحل عبر القضاء حصراً. 

ولم تعلّق رئيسة الحزب حتى الآن على بيان الداخلية، لكن بيان الأخيرة يتضمن إشارة واضحة إلى انزعاج السلطة من تصريحات ومواقف عسول الداعمة للحراك والمطالب الديمقراطية. 

وكان الحزب الفتي قد حصل على الاعتماد قبل سنتين، بعد عقد مؤتمره التأسيسي. ويفرض القانون على الحزب عقد مؤتمر أول بعد حصوله على الاعتماد، لتثبيت قيادة بدلاً من القيادة المؤقتة المنبثقة عن المؤتمر التأسيسي.  

وقبل حزب "الاتحاد من أجل التغيير والرقي"، كان الدور على حزب "العمال"، في 28 مارس/ آذار الماضي، حينما سمحت السلطات الجزائرية لمجموعة تزعم انتماءها للحزب اليساري بعقد مؤتمر لإعلان هيئة قيادية بديلة عن قيادة الحزب التي ترأسها لويزة حنون، وكان واضحاً أنّ تلك الخطوة جاءت كرد فعل من قبل السلطة بعد قرار الحزب مقاطعة الانتخابات البرلمانية.

وفي 30 مارس/ آذار الماضي، وجهت حنون اتهامات مباشرة للسلطة بالسعي لشق صفوفه وإحداث انقلاب تنظيمي في الحزب، وأكدت أن هذه التطورات لها علاقة مباشرة بالقرار الأخير الذي اتخذه الحزب بشأن مقاطعة الانتخابات، والتي وصفتها بأنها "انتخابات حمالة للعنف وتشكّل خطراً على الأمن القومي".

ويدخل في سياق محاولات الاستهداف السياسي استدعاء جهاز الدرك الجزائري قبل فترة رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" محسن بلعباس، لمساءلته في قضية شخصية، لكن الحزب اعتبرها محاولة ضغط سياسية ضده، وأنها جزء من التحرشات المستمرة بالحزب نتيجة معارضته للمسار الانتخابي، ورفضه الإقرار بشرعية الرئيس عبد المجيد تبون، ورفضه للدستور الجديد واستمرار دعمه للحراك الشعبي. 

وقبل أشهر، هددت السلطات الجزائرية الحزب المعارض بالحلّ، بسبب ما وصفتها وزارة الداخلية، في بيان رسمي، "خروقات تمس الأمن والوحدة الوطنية"، وبوضعه تحت طائلة القانون والإجراءات القضائية التي قد تؤدي إلى حله وسحب الرخصة القانونية لنشاطه السياسي في حال استمراره في ارتكاب هذه الخروقات. 

ووجهت وزارة الداخلية الجزائرية، في وقت سابق، إعذاراً لحزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، قبل بدء إحالة ملفه إلى القضاء وسحب رخصة نشاطه، بسبب "تسجيل خروقات متكررة ومخالفة للدستور والتشريعات من شأنها أن تشكل مساساً بالنظام العام وسلامة المواطنين، والمساس بخصائص الدولة ورموزها، وفتح المجال لتنظيمات غير معتمدة تهدف لضرب وحدة البلاد".

واتهمت الداخلية الحزب باستغلال مقره الموجود في قلب العاصمة الجزائرية لإيواء المتظاهرين المشاركين في الحراك الشعبي، كما كانت السلطات قد سعت لاسترجاع المقر لصالح الدولة، لكن الحزب اعتبر أنّ هذه التهديدات "معركة فاشلة لإبعاد الفاعلين السياسيين النزهاء والتضييق السياسي على الأحزاب والجمعيات". 

وكان حزب "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" المعارض، والذي أعلن أيضاً مقاطعته للانتخابات، قد تعرّض لما وصفها بأنها تحرشات إدارية من السلطات، كما ظلت السلطات تمنع حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يقوده الناشط السياسي كريم طابو، من الحصول على الاعتماد.

وإضافة إلى هذه الخطوات التصعيدية من السلطة إزاء قوى المعارضة، كانت السلطات الجزائرية قد منعت، غير مرة،كتلة "البديل الديمقراطي"، التي تضم هذه الأحزاب، من عقد مؤتمرات وأنشطة سياسية، بسبب مواقفها من السلطة والاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، كاستفتاء تعديل الدستور في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. 

ويعتقد الناشط السياسي ناصري حداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الخطوات التي تقوم بها السلطة ضد قوى المعارضة في الوقت الحالي "هي أكثر جرأة مما كانت تقوم به في زمن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة"، وقال: "أعتقد أنّ السلطة لا تريد أن تسمع أي صوت معارض خارجاً عن الخط الذي ترسمه، وأتوقع أن تقدم السلطة ربما على تنفيذ تهديدات ضد أحزاب الكتلة الديمقراطية".

وأضاف أنّ "هناك كيلاً بمكيالين: إذا صدقنا بيان الداخلية بوجود خلل قانوني في حزب الاتحاد، فهناك عشرات الأحزاب الموالية التي تعرف بأحزاب المحفظة، لم تعقد مؤتمراتها ولا أحد يرى لها وجوداً، ومع ذلك لم تتخذ السلطات في حقها أي خطوة لحلها أو سحب الاعتماد منها". 

المساهمون