ردّت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، اليوم الاثنين، في مقطع فيديو مصوّر، على خطاب رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي ألقاه ظهر الأحد، واصفةً محتواه، في جزئه الأكبر، بأنّه غير دقيقٍ، وينمّ عن سوء فهم لكيفيّة سير العقوبات في الولايات المتحدة، وكذلك، عن نقصٍ في فهمِ السياسة الأميركية وكيفية صنعها.
وفي خطوة لافتة، بردّ السفيرة شخصياً على باسيل، وبلهجة متشدّدة، كشفت فيها "محاضر اللقاءات"، من دون إزالة الضبابية عنها بشكل كامل، قالت شيا إنّ باسيل أعربَ بنفسهِ عن استعداده الانفصال عن "حزب الله" بشروط معيَّنة، علماً أنها لم تذكر ما هي هذه الشروط. وأضافت، "عبَّر باسيل، أيضاً، عن امتنانهِ لكون الولايات المتحدة جعلته يرى مدى تأثير العلاقة على التيار وانعكاساتها السلبية"، مشيرة، الى أنّ هناك مستشارين رئيسيين أبلغوها أنهم شجَّعوا باسيل على اتخاذ هذا القرار التاريخي.
ردّت #السفيرة_الأميركية #دوروثي_شاي على رئيس التيار الوطني الحرّ #جبران_باسيل، قائلةً إنّ باسيل نفسه «أعرب عن الاستعداد للانفصال عن #حزب_الله بشروط معيّنة».
— Megaphone (@megaphone_news) November 9, 2020
./1 pic.twitter.com/3G7nXnEdCk
وذكرت السفيرة الأميركية هذه المسألة، رغم زعمها أنها "ليست الطريقة التي تعمل بها في العادة، لكن باسيل ظنّ أن انتقاء بعض المعلومات الخارجة عن سياقها حول نقاشنا، وتسريبها، يخدم قضيّته".
وسريعاً، ردّ المكتب الإعلامي لباسيل على السفيرة الأميركية، مشدداً، على أنّ شيا أعطت برهاناً على عدم وجود إثباتات على الاتهامات الموجهة إلى باسيل بالتورط بالفساد، عبر إعلانها أن المعلومات التي تم الاستناد اليها غير قابلة للنشر، مطالباً، بتسليم المستندات إلى السلطات اللبنانية المختصة في حال لم تكن تريد الجهة الأميركية نشرها.
وقال المكتب الإعلامي، إنه "إذا كانت السياسة الأميركية قد فشلت حتى الآن بفك التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله على الرغم من كل الضغوط التي مارستها واشنطن عبر السنين، وبالرغم من التهديد والترغيب، فإنّ محاولة دق الإسفين بينهما من خلال بيان إعلامي، يتكلّم عن شروط معيّنة بدل الكلام عن مسار حواري وطني شامل، هي محاولة ظريفة ولكنها لن تنجح بهذه الطريقة حتماً".
وكرّر باسيل عبر مكتبه التأكيد على أنّ "موضوع الفساد لم يطرح لا من قريب ولا من بعيد في النقاشات التي حصلت، لا لناحية وروده في العقوبة ولا لناحية أي مطالب لواشنطن بخصوصه، بل دارت المباحثات حول التفاهم مع حزب الله والمواضيع المرتبطة به ولم يكن من موجب باسيل أن يسأل أو يعتب أو يهتمّ لنوع العقوبة".
وتحوّلت كلمة السفيرة الأميركية الى مادة نقاش، وتأييد، وهجوم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث اعتبر مناصرون لباسيل، أنّ التصريح يخلو من المصداقية ولم يتضمّن أي ذكر للشروط التي تحدّثت عنها، كما أن مجرّد ذكرها أنه لا يمكن نشر كل المعلومات يشكّك في مدى صحّة المستندات التي على أساسها اتهم وزير الخارجية السابق بالفساد. فيما تفاوتت الآراء، على خطّ مناصري حزب الله، فمنهم من هاجمه، وآخرون حذّروا من الوقوع في الفخّ الأميركي لإحداث شقاق بين الحلفاء. أما المعارضون لباسيل، فتبنّوا مضمون حديث شيا، خصوصاً أن رئيس التيار قال بصراحة أمس، إن هناك الكثير من الأمور التي نختلف فيها مع الحزب، وأشاروا إلى أن باسيل مستعدّ للانقلاب في أية لحظة على حلفائه لمصالحه الخاصة، والسلطوية، وهو هاجم سابقاً وفي الكواليس والغرف الضيقة الحزب. يبقى أن الأنظار تتجه يوم الأربعاء إلى كلمة الأمين العام للحزب حسن نصر الله، التي سيتطرق فيها إلى أبرز الأحداث والتطوّرات وحتماً العقوبات التي طاولت باسيل.
وكان "حزب الله" أكد وقوفه إلى جانب "التيار الوطني الحر" ورئيسه جبران باسيل، معرباً عن "تضامنه الوطني والأخلاقي والانساني معه في مواجهة هذه القرارات الظالمة والافتراءات المرفوضة". واعتبر أن قرار وزارة الخزانة الأميركية بحق رئيس التيار الوطني الحر، "هو قرار سياسي صرف وتدخل سافر وفظ في الشؤون الداخلية للبنان".
وأوضحت شيا، أن "وضع الخزانة الأميركية اسم باسيل على لائحة العقوبات لا علاقة له بالانتخابات الرئاسية، وبأي نيّة مقصودة من جانب قادة أميركيين كما يحاول باسيل إظهاره، بل وصلت العملية إلى نقطة باتت فيها جاهزة للتنفيذ. وبناءً على تعليمات واشنطن، ومن باب المجاملة، تابعت الموضوع عبر مكالمات هاتفية رفيعة المستوى، وتمت مناقشة هذه المسألة"، مشددة، على أنّ "العقوبات لا تُفرَض على حزب، بل على فرد، وبالتالي، فإنّ الولايات المتحدة لا تسعى إلى تدمير التيار الوطني الحر".
وأضافت، "الكلّ يسأل ويريد معرفة الأدلة الموجودة في الملف التي أدت إلى فرض العقوبات على باسيل، ونحن نسعى لجعل القدر الأكبر من المعلومات متاحاً، عند الإعلان عن التسميات، بيد أن بعضها الآخر غير قابل للنشر".
وفي معرض تعليقها على نيّة باسيل الطعن بالتسمية في محكمة قانونية في الولايات المتحدة، قالت شيا، "مرحّب برئيس التيار القيام بهذه الخطوة والمضي في عملية الاستكشاف المناسبة".
وأعلن باسيل، أمس، أنه سيعمل على تكليف مكتب محاماة بهدف إبطال القرار لفقدانه الأساس القانوني وطلب التعويض المعنوي والمادي. وقال، "موعدي، يكون عندها مع القضاء الأميركي، مع علمي أنّ الذي يأتي بالسياسة بشحطة قلم بروح (يغادر) بالسياسة"، معتبراً، أنّ "الجريمة التي ارتكبتها الإدارة الحالية بحقه، وسارعت إلى الاعلان عنها يوم تأكّدت من خسارتها للانتخابات، يجب أن يتم التحقيق فيها وبأسبابها، ومعرفة من دفع ثمنها".
وتوقفت السفيرة الأميركية في بيروت، عند قول باسيل، بأنّ "شيا لم تحذّره مسبقاً بأنه سيعاقب على أساس تهم بالفساد بموجب قانون ماغنيتسكي"، معتبرة أنه ليس من مسؤوليتها الكشف عن هذه المعلومات، مشددة في المقابل على أنّ "توقيت تسمية باسيل عملاً بالقانون المشار إليه، لا يعني أنه من غير الممكن تسميته وآخرين بموجب عقوبات أخرى في أي وقتٍ لاحقٍ".
ولفتت السفيرة الأميركية، في ختام المقطع المصوَّر، إلى أنّ "الولايات المتحدة اتخذت هذه الخطوة تضامناً مع الشعب اللبناني الذي يستمرّ منذ عام في مطالبة قادة البلاد بوضع حدٍّ للنمط المعتمد في العمل، وتكريس الإصلاح والشفافية واقتلاع الفساد المستشري".
وتحدّث باسيل، أمس، عن اتصالات ولقاءات أميركية، تمحورت حول الطلب منه فك العلاقة مع "حزب الله" فوراً، مقابل مغريات عرضت عليه، وتهديده من جهة ثانية، بفرض عقوبات عليه في حال رفضه ذلك، مؤكداً، أنّ جوابه ارتكز على أنه لا يسير بهذا الشكل وهو يرفض أخذ تعليمات من أي دولة خارجية.
وكشف عن "لقاء طويل مع الأميركيين في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ويومها أعطيَ مهلة أخيرة وهي 24 ساعة ليغيّر رأيه ويفكّر بما عرضوه عليه، لمصلحته ومصلحة لبنان، وتعرّض للتنبيه إلى العواقب في حال سيرهم بالعقوبات".