السعودية تفتح سفارتها في دمشق بلا مقابل من الأسد

11 سبتمبر 2024
السفارة السعودية في دمشق، 13 إبريل 2023 (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **إعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق**: السعودية أعادت فتح سفارتها في دمشق لتعزيز العلاقات بعد قطيعة دامت عقداً بسبب تعامل النظام السوري مع التظاهرات عام 2011.
- **الخطوات السعودية والمبادرات العربية**: السعودية دعمت إعادة النظام السوري للمنظومة العربية وقدمت مبادرة "خطوة مقابل خطوة" لحل سياسي، لكن النظام لم يتجاوب.
- **التحولات العربية في العلاقات مع النظام السوري**: دول عربية كالإمارات، البحرين، عُمان، تونس، ومصر أعادت علاقاتها مع النظام السوري، في سياق تجاوز حقبة الربيع العربي.

أعادت السعودية بشكل رسمي افتتاح سفارتها في العاصمة السورية دمشق، منضمّة بذلك إلى العديد من الدول العربية التي أعادت العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، على الرغم من أن الأسباب التي أدّت إلى القطيعة معه عام 2012 ما تزال كما هي، ولم تتغيّر. وأعلن القائم بالأعمال السعودي في دمشق عبد الله الحريص، أول من أمس الاثنين، إعادة افتتاح سفارة بلاده بشكلٍ رسمي "دعماً وتعزيزاً للعلاقات المتبادلة بين البلدين"، معتبراً في كلمة له في حفل أقيم بهذه المناسبة أن "هذا اليوم لحظة مهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين الشقيقين". وانفتحت السعودية على النظام السوري في العام الماضي بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد بسبب تعامله المتوحش مع التظاهرات المطالبة بالتغيير ورفضه التعاطي مع المبادرة العربية لتطويق الأزمة عام 2011 قبل أن تكبر.

الخطوات السعودية

ودعمت الرياض إعادة النظام إلى المنظومة العربية، ودعته إلى القمة العربية التي عقدت في جدة في مايو/ أيار 2023، في خطوة بدا أن الهدف منها إعادة تأهيل نظام بشار الأسد وفق شروط محددة لم يلتزم بها. وتقدمت دول عربية عدة، من بينها السعودية، بمبادرة وفق مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، للتوصل إلى حل سياسي منسجم مع القرار الدولي 2254. وطلبت الدول العربية تعاوناً من النظام في العديد من الملفات أبرزها: ملف اللاجئين، والمعتقلين، وإيقاف تدفق المخدرات إلى دول الجوار العربي من سورية، فضلاً عن الملف الأهم، وهو الوجود العسكري الإيراني المتعاظم في سورية. ولكن الوقائع أظهرت أن النظام لم يتعاطَ مع هذه المبادرة، بل حمّل الدول العربية مسؤولية تدفق المخدرات واللاجئين، مواصلاً سياسة الضغط على هذه الدول وخصوصاً لجهة استمرار تهريب المخدرات عبر الحدود، للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية.

أحمد القربي: فتح السفارات لا يدفع باتجاه الحل السياسي السوري

وبدا أن اللجنة التي شكّلتها جامعة الدول العربية في العام الماضي، المكوّنة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام للجامعة، لمتابعة تنفيذ بنود المبادرة، فشلت في أداء مهامها بسبب إصرار النظام على عدم التطرق للانتقال السياسي، أو نسف الدستور الذي وضعه في 2012، أو إجراء مقاربة لملف المعتقلين في سجونه. وكانت السعودية من أكثر الدول العربية دعماً للمعارضة السورية، ورعت في عام 2015 اجتماع هيئات ومجالس وتيارات المعارضة السورية، وهو ما بات يُعرف بـ"الرياض 1"، انبثقت عنه "الهيئة العليا للمفاوضات" التي تشرف على التفاوض مع النظام. ولكن تبدلاً طرأ على موقف الرياض حيال القضية السورية، ولا سيما بعد تقاربها مع طهران، حليف الأسد الأبرز، ما أدى إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية معه.

وتعليقاً على إعادة فتح السفارة السعودية في دمشق، رأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التقارب والانفتاح العربي على النظام "ليس هدفه التوصل إلى حل سياسي للقضية السورية"، مضيفاً أن الهدف من هذه الخطوات هو تجاوز حقبة الربيع العربي. وأعرب عن اعتقاده بأن "فتح السفارات لا يدفع باتجاه الحل السياسي وفي الوقت نفسه لن يعيق مساره"، مضيفاً: "ما يجري إجراءات خاصة بكل دولة لا أكثر".


أُعلن عن إعادة افتتاح السفارة السعودية بدمشق مساء الاثنين

التحوّلات العربية

وكانت أغلب الدول العربية قد قطعت علاقاتها أو خفّضت مستوى التمثيل الدبلوماسي مع النظام السوري في عام 2012، على خلفية رفض النظام أي جهود للتوصل إلى حل سياسي للقضية السورية. بيد أن عدداً من هذه الدول أعادت النظر في موقفها من النظام، فبدأت بإعادة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء أو القائمين بالأعمال. وكانت الإمارات أول دول مجلس التعاون الخليجي التي أعادت العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، ففتحت سفارتها في دمشق في ديسمبر/ كانون الأول 2018، مخالفة بذلك الإجماع العربي في حينه. وبعد أسبوع على الخطوة الإماراتية، أعلنت وزارة الخارجية البحرينية في بيان استمرار عمل سفارة البحرين في سورية، مشيرة إلى أن "الرحلات الجوية بين البلدين قائمة من دون انقطاع".

ولم تقطع سلطنة عُمان علاقاتها مع النظام السوري، إلا أنّها خفّضت تمثيلها الدبلوماسي عام 2012، وفي عام 2020 أعادت سفيرها إلى دمشق. وتحدّثت وسائل إعلام النظام في يوليو/ تموز الماضي عن قيام وفد كويتي بزيارة دمشق تمهيداً لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين "على أعلى مستوى وفي أقرب وقت"، مشيرة إلى أن "مجموعة من رجال الأعمال الكويتيين زارت دمشق أيضاً للبحث في فرص التعاون بين البلدين مع نظرائهم السوريين". وعلى الرغم من القطيعة السياسية مع النظام السوري منذ مطلع عام 2012، إلا أن الكويت أبقت على حركة الطيران بينها وبين دمشق لخدمة الجالية السورية لديها.

كذلك أعادت تونس العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، وعُيّن محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً لتونس لدى سورية والذي قدم أوراق اعتماده للأسد في منتصف العام الماضي. وطبّعت مصر علاقاتها مع النظام السوري في العام الماضي، حين زار وزير خارجيتها في حينه سامح شكري العاصمة السورية في فبراير/ شباط 2023 لتكون أول زيارة رسمية إلى دمشق منذ الثورة السورية عام 2011. وفتحت هذه الزيارة الباب أمام زيارات عدة قام بها وزير خارجية النظام فيصل المقداد إلى العاصمة المصرية. ولم تقطع القاهرة العلاقات مع دمشق بشكل كامل بيد أنها خفضت مستوى التمثيل الدبلوماسي.