السعودية تقول إنّ الاتفاق مع إيران "لا يعني التوصل إلى حل جميع الخلافات".. ولقاء قريب بين وزيري الخارجية
قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الاثنين، إن اتفاق بلاده مع إيران بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016 "لا يعني التوصل إلى حل جميع الخلافات العالقة بين البلدين".
جاء ذلك في تصريحات لبن فرحان لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، عقب 3 أيام من اتفاق الرياض وطهران في بكين على استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارتين في غضون شهرين، وعقد لقاء مع نظيره الإيراني حسين عبد اللهيان في هذا الصدد.
وقال وزير خارجية السعودية، بحسب ما نقلت "الأناضول" عن الصحيفة، إنّ الاتفاق جاء "برعاية ووساطة الصين، بعد جولات عدة من المباحثات على مدى العامين الماضيين في كل من العراق وسلطنة عمان".
واستدرك قائلاً: "وصولنا إلى هذا الاتفاق، الذي سيفضي إلى استئناف العلاقات السياسية، لا يعني توصلنا إلى حل جميع الخلافات العالقة بين بلدينا، وإنما هو دليل على رغبتنا المشتركة بحلها عبر الحوار".
وبشأن زيارة طهران، قال بن فرحان: "أتطلع إلى لقاء وزير خارجية إيران قريباً، بناء على ما تم الاتفاق عليه، وسنعد لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا خلال الشهرين المقبلين. ومن الطبيعي مستقبلاً أن نتبادل الزيارات".
وبشأن التشكيك الأميركي في التزام إيران ببند احترام السيادة وعدم التدخل في شؤونها، أضاف: "من أهم مقتضيات فتح صفحة جديدة مع إيران الالتزام بما تم الاتفاق عليه بين الطرفين (..) وإنه ليحدونا الأمل بأن تشاركنا التطلعات ذاتها، والعمل معاً في سبيل تحقيق ذلك".
وبشأن ما أثير في الغرب بأنّ الاتفاق "إنقاذ للنظام الإيراني في وقت حرج" داخلياً وخارجياً له، قال: "لن أتحدث عن معظم ما تطرق له السؤال، فهو شأن داخلي إيراني". واستدرك: "لكن ما يمكنني قوله هو أنّ إيران دولة جارة يصب استقرارها وتنميتها في مصلحة استقرار المنطقة وتنميتها ككل. ونحن في السعودية لا نتمنى لها إلا الخير".
وحول الموقف من نووي إيران، تابع قائلاً: "أما في ما يتعلق باستمرار إيران في تطوير قدراتها النووية، فإنّ ذلك بلا شك يقلقنا". وأضاف: "ونكرر دعوتنا إلى خلو منطقة الخليج والشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. وندعو إيران إلى الالتزام بتنفيذ التزاماتها النووية وسنستمر في العمل مع الحلفاء والأصدقاء في سبيل ضمان ذلك".
وبما يخص القبول ببكين وسيطاً، أضاف: "الصين تتمتع بعلاقات إيجابية مع الطرفين، ما أسهم في تقريب وجهات النظر".
إيران: اتفاقنا مع السعودية سيعود بالنفع على أمن المنطقة
من جهته، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، اليوم الاثنين، أنّ الاتفاق مع السعودية في الصين لاستئناف العلاقات سيعود بالنفع على الأمن والاستقرار في المنطقة وقضاياها، مشيراً إلى أنّ الاتفاق ستكون له آثار إيجابية في هذا الاتجاه.
وكشف كنعاني، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، عن أنّ وزراتي خارجية إيران والسعودية تعملان على التنسيق لعقد اللقاء بين وزيري خارجية البلدين، معربا عن أمله أن يحصل ذلك قريباً.
وعن مكان اللقاء، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إنه جرى الاتفاق على مكان عقد اللقاء بين وزيري خارجية إيران والسعودية، وسيُعلَن عنه لاحقاً.
وتابع أنّ اتفاق بكين بين طهران والرياض هو ثمرة عام ونصف من المباحثات، مشيراً إلى عقد خمس جولات منها في بغداد، وعقد ثلاث جولات في مسقط، مقدّماً الشكر لكل من العراق وسلطنة عمان.
ولفت كنعاني إلى طرح الصين "أفكاراً ومقترحات" قبل زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى بكين خلال الشهر الماضي، مضيفاً أنّ الرئيس الصيني شي جين بينغ قد نقل خلال زيارة رئيسي رسالة من الجانب السعودي إليه، مع القول إنه تم الاتفاق على عقد المباحثات في الصين على مستوى أمين مجلس الأمن القومي الإيراني ونظيره السعودي.
وعزا الاتفاق في الصين بين إيران والسعودية إلى "حسن النوايا" للبلدين و"الدور الإيجابي للغاية للحكومة الصينية"، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على أن تُستأنف العلاقات فوراً بعد التوقيع على الاتفاق، ثم تفتح السفارات والقنصليات بين البلدين خلال فترة أقصاها شهران.
الاتفاق مع السعودية يزيد احتمالية عقد اتفاق مع البحرين
كما قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إنّ الاتفاق مع الرياض يمكن أن يحدث مع البحرين أيضاً في ظل الأجواء الإيجابية السائدة في المنطقة، مرجّحاً أنّ هذا "التطور الدبلوماسي المهم يمكن أن تكون له تداعيات إيجابية في العلاقات الإقليمية بين إيران وبقية الدول".
الملف اليمني
وعن تأثير الاتفاق على الملف اليمني، قال كنعاني إنّ هذا الملف "لطالما كان أحد الأولويات الجادة لدى إيران"، مضيفاً: "يتوقع في ضوء الفضاء الإيجابي الجديد بشأن العلاقات الإيرانية السعودية أن تكون له نتائج إيجابية وجيدة بشأن الموضوع اليمني". وتابع أنّ "الشعب اليمني هو صاحب القرار بشأن اليمن".
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أنّ الحل السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن الأزمة اليمنية "واضح"، لافتاً إلى أنّ وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ناقشه أخيراً مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
وقال كنعاني إنّ غوتيريس طلب من وزير الخارجية الإيراني أن "تواصل إيران لعب دور مؤثر في الملف اليمني"، لافتاً إلى أنّ طهران تستضيف حالياً، منذ أمس الأحد، المبعوث الأممي للشأن اليمني هانس غروندبرغ.
وأكد المتحدث الإيراني أنّ "الحوار اليمني اليمني والاتفاق على تشكيل حكومة شعبية أفضل حل للأزمة اليمنية".
زيارة باقري لعُمان
وبشأن أجندة زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، أمس الأحد، إلى سلطنة عمان، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إنها كانت بهدف عقد الدورة التاسعة للمشاورات السياسية بين البلدين.
وأضاف أنّ باقري كني أجرى "مباحثات جيدة" مع وزير الخارجية العماني بدر بو السعيدي بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مشيراً في السياق إلى بحث "التطور الإيجابي" في العلاقات مع السعودية ومناقشة عدد من الملفات.
المفاوضات مع واشنطن
وبشأن المفاوضات لعقد صفقة تبادل السجناء بين طهران وواشنطن، قال كنعاني إنّ المفاوضات غير المباشرة عبر الوسطاء بشأن هذا الملف والمفاوضات النووية مستمرة، معلناً عن استعداد طهران لتنفيذ صفقة تبادل السجناء.
وأضاف أنّ "المشكلة الفنية لدى الطرف الأميركي أمر مرتبط به"، رابطاً تنفيذ الصفقة بأن تتحلى واشنطن بـ"الواقعية"، مع قوله إنها "مسألة إنسانية".
وفي السياق، لفت كنعاني إلى أنّ الطرفين وقّعا على "اتفاق مكتوب في مارس/آذار 2022، عبر وسيط، ووقع عليه مندوب أميركي، لكن الإدارة الأميركية لم تنفذه حتى الآن بذرائع مختلفة".