الرهانات المصرية في ليبيا ثابتة رغم التقارب مع تركيا

30 يوليو 2023
مجلس نواب طبرق، ديسمبر 2020 (عبد الله دومة/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن الموقف المصري تجاه الأزمة الليبية لم يتغير كثيراً عن ذي قبل، إذ أكدت القاهرة دعمها لمجلس النواب في طبرق، ورئيسه عقيلة صالح، في مواجهة توصيات البعثة الأممية وبيانها الأخير الذي حذّرت فيه مما وصفته بـ"التوجه الأحادي الذي يتبناه مجلس النواب"، معلنة عن رفضها الضمني لاعتماد المجلس أخيراً خريطة طريق المسار التنفيذي للقوانين الانتخابية الصادرة عنه.

تقارب مصر مع تركيا

على الرغم من التقارب المصري التركي الذي تجلى في الفترة القليلة الماضية، بترفيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتبادل السفراء، والإعلان عن زيارة مرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، للقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان، إلا أن المفاوضات مستمرة حول الملف الليبي بين القاهرة وأنقرة، و"لم يتم حسمه بعد"، بحسب ما أكده مصدر مصري مطلع على المفاوضات.

وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، إن "خروج القوات التركية والأجنبية من ليبيا، أحد أهم المطالب المصرية من الجانب التركي في هذا الملف".

محمد بويصير: لا يمكن تصوّر أن تغيّر مصر توجهها في ليبيا

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية (مركز أبحاث غير حكومي)، أيمن سلامة، أكد في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الوضع في ليبيا غير مستقر، ويشكّل تهديداً مستمراً على الأمن القومي المصري على حدودها الغربية، منذ سنوات"، مشيراً إلى أن "مصر ساندت مع الإمارات ودول أخرى الجنرال خليفة حفتر، و"الجيش الوطني" في مواجهة المليشيات المسلحة في الغرب.

غير أنه بعد تفاقم الموقف الأمني، أدت مصر دور الوساطة واستضافت العديد من المشاورات بين الفرقاء الليبيين من أجل الاستقرار على القاعدة الدستورية المهيئة للانتخابات، بما يحقق الاستقرار لمصر وتأمين حدودها، ولا يتم ذلك إلا باستمرار الدعم المصري للبرلمان الليبي في الشرق ومؤسسات الدولة المنتخبة الشرعية.

وفي السياق، قال محمد بويصير، المستشار السياسي السابق للواء المتقاعد خليفة حفتر، في حديثٍ مع "العربي الجديد": "لا يمكن تصوّر أن تغيّر مصر من توجهها في ليبيا، لأنها استثمرت كثيراً على مدى سنوات في حفتر وفي رئيس مجلس النواب عقيلة صالح. والأمور هنا ليست مرتبطة بفكرة الأمن القومي المصري وتأمين حدودها بحسب ما تروّج، بل يتعدى إلى رغبة في استمرار التبعية والسيطرة على الشرق الليبي".

وحول تأثير التقارب المصري التركي على الأزمة الليبية، قال بويصير: "لا أظن أن هذا التقارب سيذهب بعيداً بالملف الليبي، فكل من الدولتين ستحرص على تحقيق أقصى مدى من الاستفادة السياسية والاقتصادية، ولن تستطيع مصر مجاراة تركيا سياسياً واقتصادياً في طرابلس".


عبد الله الكبير: الموقف المصري مناقض لموقف البعثة الأممية

الرهانات المصرية

من جهته، اعتبر الكاتب الليبي عماد المدولي، لـ"العربي الجديد" إن "بيان الخارجية المصرية الأخير، تأكيد للموقف المصري الثابت طوال السنوات الماضية باستمرار الرهان على مجلس النواب في طبرق وبالأخص على رئيسه عقيلة صالح، وهو توجه مخالف لتوصيات البعثة الأممية وبيانها الأخير. لا يزال الرهان المصري على حاله منذ بداية الأزمة".

وأضاف المدولي: "لقاء (رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد) الدبيبة والسيسي، وإعادة فتح السفارة المصرية في ليبيا، لا يمكن أن يعبّر عن تغيّر في الموقف المصري الذي لا يزال الداعم الأكبر لمجلس النواب في الشرق. ولا أعتقد أن هناك أفقا لتحول في الموقف المصري، إلا إذا وصلت إلى تفاهم مع تركيا، الداعم الأكبر لحكومة طرابلس، في الملف الليبي، وهو أحد ملفات محل الخلاف بين مصر وتركيا التي ستسعى للوصول لتفاهمات حولها".

بدوره، رأى رئيس مجموعة "منحنى الأزمة الليبية"، سعد سلامة، لـ"العربي الجديد" أن "التعامل المصري مع الملف الليبي لا يزال نمطياً من دون أن يشوبه تطور، وهو موقف يصطدم مع واقع متغيّر يدفع بالضرورة إلى مزيد من المرونة. لا شك أن أي تقارب مصري تركي ينعكس إيجاباً على الملف الليبي، فكلا البلدين لديه نفوذ سواء في الشرق الليبي أو في الغرب، وقد تؤدي عودة العلاقات إلى إيجاد تفاهمات تنعكس إيجاباً على الخروج من الأزمة في ليبيا".

من ناحيته، أشار المحلل عبد الله الكبير، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "الموقف المصري من ليبيا يقف على النقيض من موقف البعثة الأممية المدعومة أميركياً وأوروبياً، فالأخيران يبحثان عن خريطة طريق تحظى باتفاق جميع الأطراف في ليبيا ينتج عنها انتخابات حقيقية وحكومة شرعية، بينما تتمسك مصر بدعم برلمان طبرق، وتخشى أي مسار جديد يخرج من هيمنة مجلس النواب، وهو ما يعني تراجع النفوذ المصري".

أما الكاتب فرج فركاش، فأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "الموقف الرسمي المصري لم يستوعب بعد ما يتطلع إليه الشعب الليبي منذ سنوات، وهو تجديد الشرعية السياسية عبر الانتخابات، فمجلسا النواب والدولة فقدا شرعيتهما الانتخابية التي استمدتها من اتفاق الصخيرات الموقع في 2015 وأصبحت الآن تتصرف بمنأى عمّا جاء فيه".

المساهمون