الرئيس العراقي يقر بوجود "أعداد كبيرة" داخل السجون "بلا تُهم"

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، بغداد 9 مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد يقر بوجود "أعداد كبيرة" من المعتقلين "بدون تهم" في السجون، مؤكدًا على ضرورة إطلاق سراح الذين انتهت محكوميتهم وسط تصاعد عمليات الإعدام.
- قانون العفو العام المنتظر يواجه تأخيرًا بسبب الخلافات حول تعريف الإرهاب واستثناءات لتجار المخدرات والقتل العمد، مما يعقد حل أزمة السجون والمعتقلين.
- السجون العراقية تعاني من اكتظاظ وانتهاكات، والحكومة الحالية تسعى لتشريع قانون العفو العام لإطلاق سراح الأبرياء وتحقيق العدالة، رغم وجود سجون غير معلنة.

أقر الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، اليوم الأربعاء، بوجود "أعداد كبيرة" من المعتقلين داخل السجون العراقية "بدون تهم"، في تصريح هو الأول من نوعه بعد تصاعد وتيرة عمليات الإعدام التي تنفذها السلطات الحكومية في سجن الناصرية جنوبي البلاد. ونقلت صحيفة الصباح العراقية شبه الرسمية، عن الرئيس العراقي تصريحاً اعتبرته الصحفية "الأول من نوعه"، أقر فيه بـ"وجود أعداد كبيرة داخل السجون العراقية من دون تهم"، مشدداً على إنهاء ملف السجناء وإطلاق سراح ‏الذين انتهت مدة محكوميتهم.

وأكد رشيد أن "رئاسة الجمهورية مُصرّة على إطلاق سراح ‏الذين انتهت مدة محكوميتهم"، معرباً عن أسفه لـ"وجود أعداد كبيرة من السجناء داخل السجون العراقية دون وجود تهم عليهم"، كما تحدث عن حرصه، "على العمل بالدستور العراقي في كل مجالات الحياة لقطع الطريق أمام أية محاولة للانفراد بالسلطة". ويأتي موقف الرئيس العراقي الجديد من ملف السجناء العراقيين الذين تقارب أعدادهم الـ100 ألف سجين موزعين على 9 سجون رئيسية من بينهم نحو 17 ألف سجين محكوم بالإعدام، بعد يوم من إصدار مركز حقوقي عراقي تقريراً أكد فيه تنفيذ السلطات 63 عملية إعدام بحق محكومين خلال الأسابيع الأخيرة. 

وأكد عضو اللجنة القانونية عارف الحمامي، أن قانون العفو العام الذي من المفترض أن يساعد في إطلاق سراح آلاف الأبرياء "ينتظر انتخاب رئيس للبرلمان لإقراره". وأوضح الحمامي في تعليق له على تصريحات الرئيس العراقي، أنه "لا يجوز إبقاء محتجز بدون تهم، وندعو كل معتقل إلى تقديم اعتراض أو طلب إلى اللجنة القانونية النيابية"، مؤكداً أن "قانون العفو العام تأجّل حتى يتم انتخاب رئيس للبرلمان لضمان التوافق السياسي. وبيّن أن الخلاف موجود حول تعريف الإرهاب، ويتم إقرار قانون عفو عام مع تشكيل كل حكومة، كاشفاً عن أن القانون يستثني تجار المخدرات والقتل العمد الذي يحتاج إلى تنازل ذوي المجني عليه، ومرتكبي العمليات الإرهابية الواضحة.

وتضمنت ورقة الاتفاق السياسي في العراق، والذي نتج عنه تشكيل الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني، أن يقوم الأخير بحل أزمة السجون والمعتقلين الذين انتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب والابتزاز أو بوشاية المخبر السري، وغالبية هؤلاء تم اعتقالهم خلال حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية 2006 ولغاية 2014.

وفي وقت سابق، أكد النائب عن حزب "السيادة"، عبد الكريم عبطان، خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان، بمشاركة عدد من نواب التحالف، أن الحكومة تشكلت على أساس اتفاق سياسي يتضمن عددا من الفقرات التي تخص جمهور تقدم وتحالف السيادة وفي مقدمتها إصدار قانون العفو العام وفق مدد زمنية محددة". وأضاف أنه "من منطلق المسؤولية الوطنية أجدد مطالبة حكومة السوداني الإيفاء بالتزاماته التي حددها في برنامجه الحكومي ونحن كلنا ثقة بذلك".

وأشار عبطان إلى أن "ما نتحدث عنه طيلة السنين الماضية بوجود آلاف الأبرياء في السجون نتيجة وشاية المخبر السري سيئ الصيت"، مؤكداً أن السجون مليئة بالشباب الذين تم اعتقالهم على الشبهات ولأسباب غير معلومة والبعض منهم قبع في السجن منذ فترة طويلة ولهذا صار لزاما الإسراع بتشريع قانون العفو العام".

من جانبه، اعتبر الباحث بالشأن السياسي العراقي، سلام الجاف، إقرار الرئيس العراقي بوجود أعداد كبيرة من السجناء بلا تهم، بأنها "جناية ومخالفة قانونية تتحملها السلطة التنفيذية بالبلاد". وأضاف أن "الأعداد الموجودة بالسجون ممن تمت محاكمتهم وإدانتهم بتهم انتزعت تحت التعذيب أكبر وأفظع"، محذراً في حديث مع "العربي الجديد"، من مواصلة "عمليات الإعدام بشكل تعسفي دون مراجعة الاحكام التي صدرت بحق المعتقلين، في حال كانت الدولة ترغب بتحقيق العدالة للجميع"، وفقاً لقوله. 

وخلال العقدين الماضيين اللذين أعقبا الغزو الأميركي للعراق، زُج بعشرات آلاف العراقيين بالسجون، بسبب "التهم الكيدية" أو ما يعرف بـ"المخبر السري"، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا التي أثيرت ضدهم تحت العداوات الشخصية والتصفيات السياسية، وسط أجواء غير صحية داخل السجون وانتزاع "اعترافات تحت التعذيب".

وملف السجناء بالعراق من الملفات المعقدة والتي تعاني من إدخال للممنوعات، وانتهاكات وخروقات واكتظاظ، ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في البلد، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقرب من المائة ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.