الرئيس الجزائري يدعو الحكومة لمراجعة مسودة قانون يحارب التزوير

12 يونيو 2023
تبون يعتبر التزوير تهديداً لأمن الجزائر (فيسبوك)
+ الخط -

أعاد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أمس الأحد، إلى الحكومة مسودة قانون جديد تمت صياغته لردع التزوير واستعمال الوثائق والمحررات المزورة، وطلب إثراءه ومراجعته على أن يكون جاهزاً قبل نهاية الشهر الجاري.

ويأتي ذلك في سياق تعهد تبون بالاستمرار في تنفيذ البند الرابع، من مجموع التزاماته السياسية (54) التي قدمها خلال انتخابات عام 2019، والمتعلق بأخلقة الحياة العامة ومحاربة ظاهرة التزوير في كل المجالات السياسية والإدارية والاقتصادية، ووصفها بأنها "ظاهرة مشينة" تشكل "تهديداً لأمن الدولة".

وشدد الرئيس الجزائري خلال اجتماع لمجلس الوزراء على أن يتضمن مشروع القانون "الصرامة في معاقبة وردع كل المتسببين والمتورطين في جرائم التزوير بأقصى العقوبات، وإعادة الاعتبار للمنافسة الشرعية والنزيهة، وتوفير حماية أكبر لمصالح الدولة والمواطن على حد سواء"، وكذا "محاربة كل السلوكات التي كلفت الخزينة العمومية أموالاً طائلة في سنوات ماضية". وحث الحكومة على دمج كل جرائم التزوير ضمن مشروع قانون واحد.

ودعا الرئيس الجزائري، الذي يركز على تطهير الإدارات من كل السلوكيات غير القانونية في المعاملات الإدارية والاقتصادية، إلى "تقوية الترسانة القانونية التي تحارب هذه الظاهرة المشينة المؤثرة سلباً على السير الحسن للإدارة الجزائرية وتشكل تهديداً لأمن الدولة". وقال إن "التسهيلات التي جاءت في إطار الرقمنة والعصرنة للوثائق، يجب أن لا تكون على حساب أمن الدولة، حيث يتعين منح الأولوية لحماية المعطيات والبيانات الشخصية من كل أشكال التزوير".

ويعد "أخلقة السياسة والحياة العامة وتعزيز الحكم الراشد"، الالتزام الخامس من بين 54 التي تعهد بتنفيذها تبون في انتخابات الرئاسة عام 2019، ويتضمن "فصلاً بين المال والسياسة وتقنين ورقابة صارمين للتمويل السياسي ومحاربة الفساد والمحسوبية والمحاباة، وجعل الكفاءة معياراً أساسياً في الاختيار والتعيين في وظائف الدولة المختلفة، ووضع آليات لضمان نزاهة الموظفين العموميين والمساءلة والمحاسبة أمام هيئات الرقابة والمواطن والشفافية في إدارة المال العام". ويتضمن كذلك "تجديد الإطار الأخلاقي والقانوني المطبق على الموظفين العموميين، ووضع آليات لنجاعة القرار والنشاط العام ومتابعتهما والإجراءات المتعلقة بإدارة الأموال العامة".

وشهدت الجزائر في العقود السابقة تسيباً مبالغاً فيه في التزوير، حيث يلجأ بعض المسؤولين والمواطنين إلى تقديم وثائق مزورة أو تزوير المحررات الإدارية للاستفادة من خدمات وامتيازات أو صفقات وتلقي عمولات. وقال النائب في البرلمان الجزائري أحمد رابح لـ"العربي الجديد" إن "خطة الحكومة لمواجهة التزوير ضرورية، بعد فترة تسيب كبيرة تسبب فيها التزوير في مخاطر وأزمات مجتمعية وسياسية واقتصادية وأضرار مختلفة للأفراد والمجتمع".

وأضاف أن "التشريعات لن تكون وحدها كافية، ما لم يكن هناك أيضاً عاملان أساسيان، هما استقلالية العدالة ووعي المجتمع والأفراد بخطورة التزوير جنائيا وأخلاقيا، وبالتالي المشاركة في محاربة التزوير وفضحه، لأن هذه العوامل هي الأكثر مساعدة على الحد من التزوير وردع المزورين".

بدوره، قال مدير مكتب "منظمة برلمانيون ضد الفساد" لخضر براهيمي لـ"العربي الجديد" إن مشروع القانون الجاري صياغته لمحاربة التزوير "جاء لتدارك الفراغات واستجابة لحاجات الواقع التي أصبحت تهدد دولة القانون وتمس بمصداقية مؤسساتها المختلفة منتخبة أو تنفيذية".

وتابع قائلاً "لا بد من إدانة التزوير وتجريمه"، معتبراً مشروع القانون "إضافة إيجابية للترسانة القانونية التي ستضفي شفافية أكثر وتحمي المال العام وتحارب البيروقراطية وكل مظاهر المحاباة والفساد الإداري الذي نخر الاقتصاد الجزائري".

واستدرك بالقول "لكن لضمان نجاحها لا بد من تكوين فعلي للقائمين عليه، والإسراع في تعميم الرقمنة، والحرص على التطبيق الفعلي، لأننا أحياناً نجد أنفسنا أمام مشكلة تطبيق لا مشكلة مواد أو تشريعات".

وفي 29 مايو/ أيار الماضي طلب الرئيس الجزائري من الحكومة، صياغة قانون جديد يتضمن "تسليط أقصى العقوبات، ضد كل مزور أو مستخدمي التزوير مهما كان، سواء من تورط في قضايا كبرى أو صغرى تخص أبسط مناحي الحياة".

وأصدر الرئيس الجزائري منذ توليه السلطة حزمة تشريعات لردع التزوير، بما فيها ظاهرة تزوير الانتخابات. كما تم سن قوانين لمكافحة الفساد والتحايل واستغلال النفوذ واستخدام السلطة، ولزيادة الشفافية في الصفقات العامة وتسيير المالية العمومية، ومنع المسؤولين الحكوميين من استغلال مناصبهم في منح الصفقات والمشاريع، والحد من الرشوة، حيث زادت الملاحقات القضائية في حق المسؤولين بسبب الفساد.

 ويقدم الوزراء البالغ عددهم أكثر من 30 وزيراً وثلاثة رؤساء حكومات سابقين وأكثر من 50 مسؤولاً عسكرياً سامياً يوجدون في السجون أو قيد الملاحقات القضائية بتهم الفساد والتزوير، كعبرة للمسؤولين الحاليين.