وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الاثنين، إلى العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة هي الأولى لرئيس جزائري إلى مصر منذ عام 2000، يبحث خلالها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ملفات سياسية عربية وإقليمية، تتعلق بالقمة العربية المقبلة المقررة في الجزائر منتصف العام الجاري، والأزمة في ليبيا، وملف عضوية إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب.
ووصفت الرئاسة الجزائرية الزيارة بأنها "زيارة أخوة وعمل" تدوم يومين، يلتقي خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي لبحث ملف القمة العربية المقبلة في الجزائر، والتي سيتقرر تاريخ عقدها خلال الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية العرب في التاسع من مارس /آذار المقبل في القاهرة، بعدما كان الرئيس تبون نفسه قد أعلن، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقدها في شهر مارس/آذار المقبل، وتعتزم الجزائر طرح تاريخ يقترب من ذكرى إحيائها ستينية الاستقلال (في الخامس من يوليو/تموز)، لإعطائها رمزية تاريخية.
والأكثر أهمية بالنسبة للرئيس الجزائري، فضلاً عن موعد عقد القمة، هو حلحلة بعض الملفات السياسية العالقة في مسارها، خاصة ملفي مشاركة سورية التي تتحفظ بشأنها دول عربية وعلى رأسها قطر، ومعضلة المشاركة المغربية على خلفية قرار الجزائر قطع العلاقات مع الرباط، حيث تشعر الجزائر بانحياز من دول الخليج إلى صف المغرب، إضافة إلى رغبة الجزائر إعطاء القضية الفلسطينية موقعاً متقدماً على أجندة القمة، تزامناً مع مبادرة لعقد مؤتمر مصالحة فلسطينية في الجزائر يسبق عقد القمة، والذي سيكون الرئيس تبون مضطراً لتوضيح خلفيات عقده؛ منعاً لأي التباس سياسي بالنسبة للقاهرة، التي تتحسس من دخول الجزائر على خط الملف الفلسطيني، حتى وإن لم تعلن ذلك.
وتمثل الأزمة الليبية أحد أبرز الانشغالات التي ستحضر في النقاش السياسي بين تبون والسيسي، على أمل تضييق المسافات بين مواقف البلدين، إذ تسعى الجزائر إلى إقناع القاهرة بالعمل معاً في مسار هذه الأزمة، وفقاً لمحددات مؤتمر الجزائر لدول الجوار المنعقد قبل أشهر، ودعم إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات السياسية والجيش والقوى الأمنية، منعاً لمشكلات جديدة، على الرغم من بعض التباين الواضح بين التصورات الجزائرية والمصرية، بسبب انحياز القاهرة لطرف حفتر وعقيلة صالح.
إضافة إلى الأزمة السياسية الراهنة في تونس، والتي قد تكون من بين الملفات التي سيتم بحثها، إذ لا تغفل الجزائر عن دور مصري في الداخل التونسي قد يدفع بالأزمة في اتجاهات إقصائية لحركة "النهضة" والاتجاه الإسلامي، وهو ما يزعج الجانب الجزائري الذي يعتبر التدخل في تونس خطاً أحمر، وفقاً لما عبّر عنه الرئيس تبون في وقت سابق.
تضاف إلى هذه الملفات جميعها قضية تمدد إسرائيل في القارة الأفريقية، حيث تراهن الجزائر على تحالف مع مصر في مؤتمر القمة الأفريقية المقبلة، المقررة شهر فبراير/شباط القادم، لإخراج إسرائيل من الاتحاد الأفريقي وسحب صفة مراقب منها، كانت حصلت عليها بقرار إداري منفصل من قبل الأمين العام للاتحاد موسى الفقي.
وتعد هذه الزيارة هي الأولى لرئيس جزائري إلى مصر منذ آخر زيارة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2000، وخلال العقدين الماضيين، لم تتطور العلاقات السياسية بين البلدين بسبب خلافات سياسية، أهمها الموقف المصري من الأزمة السورية، ودعم القاهرة، عام 20،12 التدخل الدولي في سورية وليبيا، مروراً بأزمة كرة القدم الحادة عام 2009، على الرغم من دور جزائري لافت في مساعدة النظام المصري بعد 2013 في البقاء داخل الاتحاد الأفريقي، فقد كانت الجزائر أول دولة زارها السيسي في يونيو/حزيران 2014، وهو ما قد يستند إليه الرئيس تبون في طلب دعم مصري في ملف القمة العربية المقبلة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، بقي التعاون والتبادل التجاري بين البلدين في مستويات منخفضة، إذ سجلت المبادلات التجارية 747 مليون دولار خلال العام المنصرم، وبلغت قيمة الصادرات الجزائرية إلى مصر قرابة 188 مليون دولار خلال 2020، أما قيمة الواردات، فقد بلغت قرابة 559.5 مليون دولار. وتتطلع الجزائر إلى الدفع بعلاقات التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي الثنائي من خلال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، التي يتم التحضير لانعقادها قريباً، وفق ما أعلن عنه وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، خلال زيارته الأخيرة مصر، الأسبوع الماضي.