أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ليلة أمس الأحد، تمسك بلاده بالمشاركة في تنفيذ أيّ حل سياسي للأزمة الليبية، مشدداً على أن الأزمة السياسية الجديدة في الجارة الجنوبية مالي، عقب الانقلاب العسكري، تتجه إلى آلية حلّ اقترحتها الجزائر.
وقال تبون، في مقابلة صحافية بثّها التلفزيون الرسمي، إن "الجزائر لن تقبل إقصاءها عن تنفيذ أيّ حل سياسي للأزمة الليبية، بحكم الجوار الجغرافي الذي يمتد إلى ألف كيلومتر بين البلدين"، مضيفاً أنه "في حال عدم إشراكنا في الحل، فإن الجزائر ستتحمل مسؤولياتها"، مؤكداً أن "الجزائر تتعاطى بإيجابية مع كل مبادرات الحل، لكنها لن تقبل بأيّ حال أيّ تلاعب بأمن الليبيين وسيادتهم ووحدتهم، وعليه فإننا سنتحمل مسؤولية كاملة لحل الأزمة".
وشدد الرئيس الجزائري على أن "سياسة التعيينات أثبتت فشلها في حل الأزمة في ليبيا، وحلها لن يكون إلا عبر إجراء انتخابات تحت مظلة الأمم المتحدة". وكشف عن أن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، أبلغه بثلاثة أيام قبل إعلانه تسليم السلطة والانسحاب من رئاسة المجلس وحكومة الوفاق الوطني، مشيراً إلى أن "إعلان السراج انسحابه خطوة في اتجاه تشجيع الحل السياسي".
الحل في مالي
وبشأن أزمة سياسية أخرى على الحدود الجنوبية للبلاد، في الجارة مالي، كشف تبون عن أن "الجزائر تلعب دوراً فاعلاً في حل الأزمة السياسية الأخيرة التي نتجت من الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس أبو بكر كايتا".
الرئيس الجزائري: رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج أبلغني ثلاثة أيام قبل إعلانه تسليم السلطة والانسحاب من رئاسة المجلس وحكومة الوفاق الوطني، وانسحابه خطوة في اتجاه تشجيع الحل السياسي
وقال: "كانت بحوزتنا مؤشرات على أن الجيش هناك يحضّر للتحرك، واستقالة الرئيس المالي مع حلّ البرلمان فرضا المجلس العسكري حاكماً على البلاد"، موضحاً أن "الحل في مالي سيكون جزائرياً بنسبة 90 في المائة عبر رئيس مدني. نحن الامتداد الطبيعي للشقيقة مالي، ما يبرر زيارتَي وزير الخارجية بوقادوم لباماكو، ولهذا اقترحنا عليهم ألا تتجاوز فترة الحكم الانتقالي سنة ونصف سنة، وشددنا عليهم بأن الرئيس المقبل يجب أن يكون مدنياً، مع حتمية التزام اتفاقية الجزائر في التعاطي مع الوضع في الشمال".
العلاقة بالمغرب
وما زالت العلاقة مع المغرب تشكل محور تساؤلات بشأن إمكانية حلحلة الوضع العالق منذ غلق الحدود البرية عام 1995. وعبّر الرئيس تبون، في الحوار الأخير، عن خطاب هادئ إزاء المغرب، موضحاً أن "الشعب الجزائري لا يكنّ إلا مشاعر الود للأشقاء في المغرب، رغم أن بعض الأطراف هناك لا تتردد في التهجم على الجزائر"، مضيفاً أن "هذه الأطراف يزعجها تعاملنا المبدئي مع القضية الصحراوية على أنها تصفية استعمار، وفق مبدأ الحق في تقرير المصير. نذكر هؤلاء بأن الملك الراحل الحسن الثاني نفسه اعترف بهذا المبدأ".
وأغلقت الجزائر حدودها البرية مع المغرب منذ يناير/ كانون الثاني عام 1995، في أعقاب فرض المغرب التأشيرة على الراعايا الجزائريين، بسبب اتهام الرباط للسلطات الجزائرية بالتورط في تفجير فندق أطلس آسني بمراكش، غير أن قضية الصحراء توجد في صلب العلاقات المضطربة بين البلدين.
"التطبيع" مع فرنسا
وفي سياق آخر، جدد الرئيس تبون قناعته السياسية بأن التطبيع الكامل للعلاقات فرنسا مرهون بتصفية ملف الذاكرة المرتبطة بفترة الاستعمار الفرنسي. وقال: "العلاقات الجزائرية الفرنسية الجزائرية لن تشهد هدوءاً واستقراراً حقيقيين ودائمين إلا بعد تصفية ملف الذاكرة، وفي هذا المجال لمسنا صدق النية لدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبعض مستشاريه، لكن ذات الأطراف الحاقدة على الجزائر مستمرة في التشويش على العلاقات". وجدد تمسك الحكومة الجزائرية بـ"استرجاع ما بقي من جماجم شهدائنا وأرشيفنا، والاعتراف ببعض الجرائم، وفي كل الحالات لن تتخلى عن أي جزء من سيادتها، مهما كان صغيراً".