أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء، أنه لا يفكر في الوقت الحالي في عهدة رئاسية ثانية، معتبراً أنه من المبكر التفكير في ذلك، وملمحاً في الوقت نفسه، إلى إمكانية إنشائه حزباً سياسياً بعد استقرار الأوضاع وعودة السير العادي للمؤسسات.
وقال تبون، في مقابلة مطولة مع مجلة "لوبوان" الفرنسية: "مهمتي هي أن يقف البلد على رجليه مجدداً، وتقويم وإعادة تركيز المؤسسات، وبناء الدولة التي يتطلع إليها الجميع، أما مسألة عهدة أخرى فلا أعرف، ما زلت في بداية عهدتي الحالية".
وكشف تبون عن إمكانية إنشاء حزب سياسي في وقت لاحق، قائلاً: "مجموع الأحزاب السياسية في الجزائر يمثل في حدود 800 ألف منخرط، بينما عدد سكان الجزائر 45 مليون نسمة"، مضيفاً: "عندما تعود المؤسسات إلى سيرها الطبيعي، ويتم التخلص من المال الفاسد، قد نفكر في تأسيس حزب سياسي، لكن ليس حالياً".
لمح تبون إلى انتهاء الحراك بقوله إن ما تبقى من التظاهرات لا يمكن ان يطلق عليه اسم الحراك
ورداً على سؤال حول ثقل الجيش وتدخله في السياسة، قال الرئيس تبون "الجيش انسحب من السياسة نهاية الثمانينات، حيث كان عدد من الجنرالات أعضاء في اللجنة المركزية للحزب الحاكم حينها"، وبعد استقالة الرئيس كان يمكن للجيش أن يتسلم السلطة لكنه لم يفعل، و"لولا الجيش لكان الوضع أسوأ من ليبيا وسورية".
وتابع أنه لمس بكل فخر وفاء المؤسسة العسكرية له، على رأسها الفريق السعيد شنقريحة، في فترة إصابته بكوفيد-19، "والتي لم تعطل ممارستي للحكم، صحيح أنها أخرت قليلاً برنامج الإصلاحات، لكن الدولة كانت تسير في فترة غيابي، الدليل أننا استطعنا إعادة تأهيل مؤسسات الدولة التي بدأنا في إصلاحها، وأيضاً استطعت خلال هذه الفترة تقييم محيطي وأطلقنا مشاريع جديدة"، مضيفاً: "البعض ظن أنني تركت الحكم، لكنكم تعرفون من يترك السفينة في هذه الحالة".
EXCLUSIF. Rarement un président algérien s’était livré à ce point. Voici ce que @TebbouneAmadjid a dit à @adlenmeddi et @daoud_kamel sur la France, l’Algérie, l’islamisme, le Maroc, le Covid... Un doc passionnant https://t.co/tVttgXSVkH @LePoint
— Sébastien Le Fol (@sebastienlefol) June 2, 2021
وفسر الرئيس تبون حملة الاعتقالات الأخيرة التي قامت بها الشرطة لعشرات المتظاهرين، خلال المسيرات الأخيرة للحراك الشعبي، بأنها جاءت لإثبات أنّ الدولة ليست ضعيفة، وقال: "في بداية عهدتي الرئاسية، كانت المسيرات تضم ما بين 20 ألفاً و25 ألف متظاهر عبر التراب الوطني، كنت أول من مدّ يده للحراك من خلال إشراك حوالي خمسة وزراء منه في حكومتي الأولى، رغم "أنني رأيتهم يهينونني في مقاطع فيديو"، وأضاف "بعد ذلك بدأنا في إطلاق سراح المعتقلين الذين بلغ عددهم حوالي 120، لكنهم ظلوا ينتقدونني، أعتقد أن هذا تم تفسيره على أنه ضعف، كانوا مخطئين".
وبيّن الرئيس الجزائري أنّ التوقيف القسري للمسيرات جاء كخطوة لمنع حدوث صدام بين الشرطة والمتظاهرين، بسبب ما يعتبره وجود تحريض على الاشتباك، موضحاً أنّ "المتظاهر والشرطي الذي يحافظ على النظام العام هما أبناء نفس الجمهورية، ليس لدي الحق في السماح لهم بالاشتباك، خصوصاً أن الدعوات للعنف كانت واضحة، وطالما كنا في مرحلة الأفكار، لم تكن هناك مشكلة، لكن الدعوات إلى العنف شيء آخر".
وكان الرئيس تبون يشير بوضوح الى حركتين تتهمهما السلطات باستغلال التظاهرات للتحريض على مؤسسات الدولة كالجيش والمخابرات، وهو ما دفع بالمجلس الأعلى للأمن القومي إلى اتخاذ قرار يقضي بتصنيف حركتي "ماك" الانفصالية التي تطالب بانفصال منطقة القبائل (ذات الأغلبية من السكان الأمازيغ)، وحركة "رشاد" ذات التوجهات الإسلامية، كمنظمتين إرهابيتين. واعتبر تبون أن هذا التصنيف مرده "أنهم أعلنوا أنفسهم كذلك، بدأت رشاد بالتعبئة في جميع الاتجاهات، وأعطت التعليمات لمواجهة الأجهزة الأمنية والجيش، وحاولت الماك استعمال السيارات المفخخة. للصبر حدود في وجه دعوات العنف".
ويعتقد الرئيس تبون أن ما تبقى من التظاهرات لا يمكن أن يطلق عليه اسم الحراك، مضيفاً "نجد كل شيء، البعض يدعو إلى دولة إسلامية، والبعض يرفض الإسلام، ربما يعبّر عن غضبه، لكنه ليس الحراك الأصيل"، قائلاً: "الأمور تغيرت، والحراك الوحيد الذي أؤمن به هو الحراك الأصيل والمبارك الذي جمع بشكل عفوي ملايين الجزائريين في الشوارع، هذا الحراك اختار طريق العقل بالذهاب إلى الانتخابات الرئاسية، لم يستمع إلى أصوات صفارات الإنذار التي حثته على التحرك نحو فترة انتقالية، ذهب عشرة ملايين جزائري للتصويت، رفضت أقلية الانتخابات، أعتقد أن لكل جزائري الحق في التعبير عن نفسه، لكنني أرفض إملاءات الأقلية".