الدنمارك: شباب الاجتماعي الديمقراطي يرفضون صمت حكومتهم تجاه حرب الإبادة على غزة

14 سبتمبر 2024
متظاهرون في آرهوس يطالبون بوقف الحرب على غزة 18 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- 46 من قادة منظمات الشباب في حزب الاجتماعي الديمقراطي الدنماركي طالبوا الحكومة بالاعتراف الفوري بدولة فلسطينية ومواجهة الجرائم في غزة، معبرين عن رفضهم للصمت الحكومي.
- الرسالة تعكس تحولات في مواقف الجيل الشاب الأوروبي، حيث يعبرون عن شعورهم بالعجز وفقدان الثقة بالتغيير، ويشددون على ضرورة التحدث والتصرف بناءً على الالتزام الأخلاقي.
- الشبان يعبرون عن شعورهم بالعار مقارنة برفاقهم في النرويج وإسبانيا، مطالبين بدعم القانون الدولي والعدالة في قضية فلسطين، والعمل الفوري في الإغاثة وإعادة بناء غزة.

في موقف جريء وغير مسبوق، وجه من يوصفون بـ"قادة المستقبل" في صفوف أكبر وأعرق الأحزاب الدنماركية، حزب يسار الوسط، الاجتماعي الديمقراطي، بقيادة رئيسة الحكومة ميتا فريدركسن، رسالة تطالب الحكومة بمواقف أخرى بشأن فلسطين، وبضرورة الاعتراف الفوري بدولة فلسطينية، ومواجهة ما يحدث في غزة من "جرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي". وفي الرسالة، التي انتشرت أمس واليوم على نطاق واسع، والموجهة من قبل 46 من أبرز قادة منظمات الحزب الشبابية في مختلف أقاليم البلد، وبينهم أعضاء لجنة تنفيذية فيه، ومرشحون للبرلمان، رفض هؤلاء استمرار الصمت الحكومي وتراجع العمل على مستوى السياسة والتضامن الرسمي مع فلسطين.

وبلغة لا تخلوا من مرارة، وتكشف ما يدور في كواليس الحزب الديمقراطي، رفض هؤلاء محاولات إسكاتهم داخل الحزب "حيث لا يستغرق الأمر كثيراً حتى يجري اتهامنا بدعم الإرهاب أو الإبادة الجماعية أو العنصرية أو معاداة السامية". ولفتوا إلى أنهم مضطرون بعد محاولات إسكاتهم داخلياً للخروج العلني برسالتهم. ويؤكدون أنه "حتى حين تكون المصادر (مصادر ارتكاب مجازر في غزة) من جهات معتدلة ومعترف بها مثل الأمم المتحدة أو منظمات العفو الدولية أو منظمة هيومن رايتس ووتش أو بتسيلم الإسرائيليين أنفسهم، فغالباً ما تبقى الاتهامات ضدهم بالتحيز"، مؤكدين أنه "ليس من المعاداة للسامية انتقاد سياسات إسرائيل أو الخيارات السياسية التي تتخذها".

تحول عند الجيل الشاب

ويشير اتخاذ شباب "الاجتماعي الديمقراطي" مواقف متقدمة من فلسطين إلى تحولات هامة، في سياق تحولات الجيل الأوروبي الشاب، حيث تتراكم المواقف التقدمية على مدار نحو عام من الحرب الهمجية على غزة، والتي لم يعد بإمكان الصحافة التعتيم عليها. وتحمل الرسالة نفساً متمرداً على "بعض مشاعر العجز وعدم القدرة على إحداث فرق وفقدان الثقة بالتغيير"، مؤكدين أنه لا يمكن الصمت بينما تحدث "أسوأ الكوارث الإنسانية في عصرنا أمام أعيننا (في غزة)، حتى بدعم من الغرب".

وللإشارة، فإن رئيسة وزرائهم ميتا فريدركسن أتت بنفسها من صفوف القواعد الشبابية للحزب (من فرع مدينة ألبورغ، شمال). وبالنسبة لهؤلاء الشباب، فإن "الالتزام الأخلاقي من خلال التحدث والتصرف هو القاسم المشترك بيننا"، مطالبين حزبهم بالعودة إلى قيمه في مسألة التضامن العالمي، دونما اعتبار للون ودين وجنسية. إلى ذلك أيضاً، أضافوا أنهم غير قادرين على الصمت أكثر أمام قصف المدارس والمستشفيات ومخيمات النازحين، حيث الناس بدون دواء وكهرباء وماء وطعام، مضيفين أن "آلاف الأطفال في غزة ممن قتلوا خلال ثلاثة أسابيع هم أكبر من عدد الأطفال الذين قُتلوا في جميع مناطق الصراع في العالم خلال العام الماضي بأكمله". وأشاروا إلى أنهم يشعرون "بحزن وأسى شديدين من مقاطع الفيديو المروعة التي انتشرت شهراً بعد شهر"، مشددين على أن "الأطفال محاصرون في غزة بدون حرية، وربما لن يحصلوا أبداً على فرصة عادلة لاستخدام قدراتهم وتحقيق أحلامهم، فقط لأنهم فلسطينيون".

متضامنون مع غزة في الدنمارك (العربي الجديد)
متضامنون مع غزة في الدنمارك (العربي الجديد)

الشعور بالعار والخجل

وفي لغة غير خالية المضامين والرسائل إلى حكومة فريدركسن، والتي لا تستطيع تجاهل تداعيات الرسالة، استدعى الشبان الاجتماعيون الديمقراطيون ما سموه الشعور بالعار والخجل، مقارنة برفاقهم في معسكر الاجتماعي الديمقراطي في النرويج وإسبانيا (اعترفتا بالدولة الفلسطينية في وقت سابق هذا العام). وشدد هؤلاء على أهمية دعم القانون الدولي والعودة إلى سياسات القيم والعدالة فيما يتعلق بقضية فلسطين. وفي رأيهم، الأمر ببساطة يتعلق بالوقوف إلى جانب المدنيين والسلام، وفي صف حقوق الإنسان.

إلى جانب ذلك، طالبوا بموقف أكثر حزماً مع إسرائيل وإيفاء الدنمارك بالتزاماتها الدولية، والضغط تحت سقف الاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بجرائم الحرب. هذا إلى جانب مطالبة حكومتهم بضرورة دعم الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية ومحكمة العدل الدولية في لاهاي في ما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي ومستوطناته غير القانونية، بما في ذلك في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتتعرض كوبنهاغن في الأشهر الماضية لضغوط حقوقية وشعبية لوقف تصدير معدات عسكرية، خاصة لطائرات إف35.

وبعد تأكيدهم رفض "هجوم السابع من أكتوبر"، ووجود محتجزين إسرائيليين في غزة، اعتبروا أن "لا شيء يبرر قصف إحدى أكثر المناطق اكتظاظاً، حيث فقد الفلسطينيون 40 ألفاً من الأرواح، ولا شيء يبرر أخذ الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين أسرى حرب، وإخضاعهم لظروف غير إنسانية، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة"، مطالبين أيضاً بمنع مخططات الاحتلال تهجير نحو نصف مليون من شمالي قطاع غزة. وأعادوا تذكير حكومة فريدركسن بأنه لا يمكن تجاهل تقارير الخبراء وتحذيرهم مبكراً من أن تصرفات إسرائيل وتصريحات قادتها بأنهم ذاهبون نحو تطهير عرقي وإبادة جماعية، مستشهدين بتوصيات محكمة العدل الدولية في لاهاي، وبأن حكومتهم يجب أن تدعم تلك التوصيات وتنخرط أكثر بشأن الحماية من الإبادة الجماعية.

وبالنسبة لهم، فالأولوية الآنية هي العمل الفوري في الإغاثة، بعد تأكيدهم على أن 96% من سكان القطاع هجروا من مناطقهم، وبأن المستشفيات في حالة كارثية بعد تقلص عددها وإمكانياتها، حيث قصفت 30 من 36 مستشفى، وتعرضت لأكثر من 600 قصف "وعلينا العمل على إعادة بناء ما تدمر". ولم يُغفل الشباب الديمقراطي الدنماركي تذكير شعبهم بأن إسرائيل دولة نووية، وفي المقابل "فلسطين ليس لديها حتى دولة، ومعظم أراضيها محتلة أو تحت الحصار ووفقاً لمحكمة العدل الدولية، فإن إسرائيل هي قوة احتلال غير شرعية تمارس الفصل العنصري". وفي نهاية المطاف، عاد شباب الحزب الاجتماعي الديمقراطي ليؤكدوا أن السلام "لا يأتي من تلقاء نفسه، ولا يمكننا ولا يجب أن نبقى صامتين بعد الآن".