اضطر محافظ كوبنهاغن المنتخب عن "الاجتماعي الديمقراطي" (يسار الوسط) فرانك يانسن (59 سنة)، ظهر اليوم الاثنين، إلى تقديم استقالته، إثر يومين من السجال حول محاولة إنقاذ مستقبله السياسي من تهمة تحرش جنسي وانتهاك حدود بعض نساء حزبه خلال مسيرته السياسية.
وتأتي استقالة هذا السياسي الشهير، الذي حصل في 2017 على أكبر نسبة أصوات شخصية في الانتخابات الدنماركية، على خلفية جدل كبير تشهده البلاد منذ أسابيع حول الانتهاكات والتحرشات الجنسية على المستويين السياسي والصحافي.
وكانت الصحافة الدنماركية كشفت النقاب، يوم الخميس الماضي، عن ورود اسم فرانك يانسن بين أسماء السياسيين المتهمين بالتحرش والاستغلال الجنسي خلال مسيرتهم المهنية، وبعضها يعود لثلاثين سنة ماضية، وتطاول من حزبه الحاكم (الاجتماعي الديمقراطي) أيضاً وزير الخارجية ييبا كوفود، المتهم بممارسة الجنس مع قاصر في الخامسة عشرة من عمرها في أحد فنادق كوبنهاغن، قبل سنوات طويلة.
وبحسب ما نُشر عن قصة محافظ العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ونائب رئيس الحزب، الذي تتزعمه رئيسة الوزراء ميتا فريدركسن، فإن الرجل متهم اليوم بانتهاك جنسي بحق سيدتين في عامي 2004 و2011. وتوالت منذ الخميس شكاوى نساء من الحزب، حيث برزت من بين من تعرضن لتحرش جنسي، سياسية كانت ناشطة في صفوف شبيبة "الاجتماعي الديمقراطي" ماريا غودما، وهي منتخبة أيضاً في بلدية كوبنهاغن وعضو في الحزب منذ 11 سنة، وقد تعرضت لانتهاك جنسي من فرانك يانسن، وأخبرت أمانة الحزب منذ سنوات عن ذلك الانتهاك، من دون أن يؤدي ذلك إلى تصرف بحق نائب رئيس الحزب، يانسن.
وخلال السجال الذي تشهده البلاد حول الانتهاكات والاعتداءات الجنسية على المستوى السياسي، منذ سبتمبر/أيلول الماضي، كُشف النقاب عن وجود قضايا غير محلولة منذ 8 و10 سنوات في المستوى السياسي. وكان السجال أطاح قبل أيام بزعيم حزب "راديكال فينسترا" (يسار وسط)، مارتن أوسترغورد، بعد كشف زميلة له في البرلمان عن تحرشه بها قبل 10 سنوات.
وكانت البرلمانية لوتا رود أفصحت أمام اجتماع طارئ للبرلمانيين عن الحزب وقيادته أن "أوسترغورد وضع يده على ساقي (حرفيا منطقة الفخذ)، من دون إرادتي". وتسببت قضية هذه البرلمانية بسجال كبير، كون البعض اعتبر القصة "تافهة وليست تحرشاً"، وهو ما ذهب إليه حزب "البرجوازية الجديدة" اليميني المتطرف، الذي أخرج ملصقاً بالخصوص يقول إنه في حزبهم "لا مشكلة من الملامسة"، وتعرض الملصق لانتقادات لاذعة، واعتبره سياسيون مهيناً للسيدات كونه "تعبير عن تشجيع تخطي قيادات في السياسة لحدود النساء وملامستهن رغم تمنعهن".
وتشغل قضية الاستغلال الجنسي في كوبنهاغن الرأي العام الدنماركي والأحزاب السياسية، من اليمين إلى اليسار، بعد أن بدأت البلاد بمراجعة استغلال السياسيين لمناصبهم للتقرب الجنسي ممن هن زميلات في السياسة. وكانت مئات السيدات الدنماركيات وقّعن على عريضة نُشرت في الصحافة تضامناً مع صحافية دنماركية ادّعت أنها تعرضت لانتهاك جنسي حتى تبقى في وظيفتها، وتدحرجت القضية ككرة الثلج، بعدما وصل عدد الموقعات إلى أكثر من 700 سيدة من الوسطين السياسي والإعلامي، أبلغن عن تعرضهن للتحرش خلال مسيرتهن المهنية.
وتجد رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن نفسها اليوم تحت ضغوط هائلة من الصحافة والرأي العام وبرلمانيين عن حزبها، للكشف عما يدور في كواليس السياسة، بعد أن بقيت صامتة لأيام مع توالي الكشف عن قضايا تطاول أشخاصاً في مناصب قيادية عليا، وزراء ومسؤولين بمستويات مختلفة، تدور حولهم شبهة التحرش واستغلال المنصب.
وعبّر اليسار الدنماركي، الذي يشكل قاعدة برلمانية لفريدركسن، عن غضبه من معرفة الحزب الديمقراطي لقضية وزير الخارجية ييبا كوفود (ممارسة جنس مع قاصر) من دون إعلام الأحزاب الأخرى قبل التصويت على منصبه العام الماضي. وتتعالى الأصوات المطالبة باستقالة كوفود، وفتح ملف التحرش والانتهاك الجنسي بشكل تام، حيث يرى المطالبون بذلك أن الأمر يتعلق "بنساء يعانين بسبب الصمت على تلك القضايا لسنوات".