الدعوات تتجدد في الجزائر لإحياء "قانون تجريم الاستعمار".. وماكرون يتصل بتبون

21 سبتمبر 2021
جثامين مقاومين جزائريين كانت محتجزة في باريس بعد استرجاعها (العربي الجديد)
+ الخط -

تجددت دعوات سياسية في الجزائر إلى ضرورة إعادة تفعيل قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، ردا على الخطوة التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون أمس بتكريم الحركيين وتخصيص "تعويض" لهم (عملاء الجيش الفرنسي خلال ثورة الجزائر 1954-1962)، وهو ما اعتبر استفزازا للشعور العام في الجزائر.
وكشفت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس عبد المجيد تبون تلقى، مساء أمس، مكالمة هاتفية من نظيره الفرنسي، تطرقا خلالها إلى العلاقات الثنائية وعدة قضايا إقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا والساحل، من دون أن تشير إلى ما إذا كان ملف الذاكرة العالقة بين البلدين ضمن حديث الرئيسين.


لكن توقيت المكالمة، التي جاءت مباشرة بعد الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الفرنسي بتكريمه الحركيين (أو الحركى)، ربطها البعض بإمكانية أن يكون الرئيس الفرنسي سارع الى تقديم وجهة نظره بشأن دوافع تكريمه لهم.
وقال الباحث السياسي المتخصص في العلاقات الجزائرية الفرنسية عبد القادر خدروش، في تصريح له، إن "الطرف الفرنسي يدرك حساسية الملف بالنسبة للجزائريين، والجميع يدرك طبيعة العلاقات السياسية الفاترة بين البلدين منذ اعتلاء الرئيس عبد المجيد تبون سدة الحكم، خاصة بعد إقدام السلطات الجزائرية على إنهاء عدد من عقود عمل شركات فرنسية في الجزائر، كعقود الشركة التي كانت تدير مترو الجزائر وتسيير المياه في العاصمة الجزائرية، وقريبا مطار الجزائر".
وأضاف قائلا "أفترض أن الرئيس ماكرون استبق أية تقديرات سياسية جزائرية للموقف، وقدم وجهة نظره بكون الخطوة تتعلق بتسوية وضعية تضفي عليها باريس طبيعة إنسانية، لتتجاوز بذلك الاعتبارات السياسية".
ودفعت الخطوة الفرنسية أطرافا جزائرية إلى إعادة طرح فكرة تفعيل مساعي سن قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر.
وأوضح الأمين العام بالإنابة لمنظمة المجاهدين (قدماء مقاتلي ثورة التحرير) علي بوغزالة، في تصريحات صحافية، أن "الأمر يتعلق بشأن فرنسي داخلي لا يعنينا"، لكنه استدرك بالقول إن "أفضل رد على استفزازاتهم هو بعث مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي".
وأضاف "فرنسا تتعمد استفزازنا بإثارة قضية المتعاونين مع الاستعمار ضد ثورتنا التحريرية"، مشيراً إلى مقترح قانون تجريم الاستعمار "هو مشروع قانون طرح أكثر من مرة على البرلمان الجزائري منذ عام 2001، وحتى قبلها عام 1984، لكنه كان يصطدم برفض سياسي من قبل الرئاسة التي كانت تتحفظ على ذلك، على الرغم من أن فرنسا بادرت عام 2005 إلى إقرار قانون يمجد الاستعمار ويصفه بالعمل الحضاري".
وترى بعض الأوساط أن الظرف مناسب لإقرار أول قانون لتجريم الاستعمار، خاصة مع وجود برلمان انتخب في يونيو/ حزيران الماضي، وقبل أقل من شهرين عن الاحتفال بذكرى ثورة التحرير (فاتح نوفمبر/ تشرين الثاني).
وقال الكاتب المهتم بقضايا التاريخ والنائب السابق في البرلمان محمد أرزقي فراد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الظرف مناسب لطرح مشروع قانون تجريم الاستعمار، وقد كنت طرحت المشروع عام 2001، لحماية الذاكرة وتضمينه ما يجب أن يمنع أي تنازل عن الحق التاريخي للجزائر".

وأضاف أن "مسألة الحركيين قضية فرنسية بامتياز، وبالنسبة لنا، نحن الجزائريين، فهؤلاء خونة فضلوا خدمة العدو في ساعة الجد والحسم، وعليه، فإن الفرنسيين الذين يطالبون الجزائر بالمصالحة مع الحركيين هم واهمون، وحالهم كمن يطلب من الفرنسيين أن يتصالحوا مع من خانوا المقاومة الفرنسية في وقت الشدة".
وشدد على أن "إعادة ملف الحركيين إلى سطح الأحداث قد يندرج ضمن حسابات الانتخابات الرئاسية الفرنسية"، وقال "ما يهم الجزائريين، في المقام الأول، هو أن تقدم فرنسا اعتذارها للجزائر، لما ارتكبته من جرائم تصنف ضمن الإبادة الجماعية التي يعاقب عليها القانون الدولي".

المساهمون