استمعت المحكمة الدستورية العليا في تركيا، اليوم الثلاثاء، إلى مرافعة دامت 45 دقيقة للمدعي العام للمحكمة الإدارية العليا، بكر شاهين، في قضية إغلاق حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي المعارض، طرح خلالها المبررات التي قادت إلى رفع الدعوى ضد الحزب، على أن تحدد المحكمة الدستورية العليا موعدا لاحقا للاستماع لمرافعة الحزب.
وقبلت المحكمة الدستورية العليا الدعوى القضائية في 21 يونيو /حزيران من عام 2021، وتبعتها مراحل عديدة، وكان آخر قرارات المحكمة قبل أيام تجميد حسابات الحزب بشكل مؤقت استجابة لطلب قدمه المدعي العام شاهين.
وتنحصر الاتهامات بحق الحزب الكردي بعلاقته مع حزب "العمال الكردستاني" المصنف في تركيا على أنه تنظيم مسلح محظور ويقوم بأنشطة إرهابية.
وعقب مرافعته، تحدث شاهين للصحافيين مؤكداً أنه كرر كل ما ورد في الوثائق التي قدمت سابقاً للمحكمة، مضيفاً أن نشاطات الحزب تحوّلت إلى مركز من أجل تقسيم وحدة البلاد والشعب، ومشيراً في الآن نفسه إلى أنه جرى تقديم وثائق بهذا الخصوص.
وأضاف: "الشعب يعرف مدى ارتباط الحزب بالكردستاني، وتقريبا 85 مليون مواطن (سكان تركيا) يعرفون أن الشعوب الديمقراطي يسير تبعا للكردستاني، ومتقبل هذه الفكرة، ولم نشاهد أي إدانة من أعضاء الحزب لنشاطات الكردستاني".
وشدد على أن "قيادات الحزب لا ترى مسلحي الكردستاني أنهم إرهابيون بل تنظيم شعبي مسلح، وكل ما ذكرته موجود في الملف، ومعلوم في الإعلام، والجميع شاهد جميع تسجيلاتهم".
كما اتهم شاهين "حزب الشعوب بالعمل على تزويد الكردستاني بمسلحين". وردا على سؤال حول إمكانية صدور قرار إغلاق الحزب من عدمه قبل الانتخابات، أجاب: "هو أمر يعود تقديره للمحكمة الدستورية العليا، واعتبارا من اليوم انتهى دور الادعاء العام، ووضعنا جميع الأدلة وقدمنا الملف".
ويعتبر "الشعوب الديمقراطي" الحزب الكردي الوحيد في البرلمان التركي وحقق في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 2018 نسبة 11.7% من الأصوات بمجموع 67 نائبا برلمانيا، ولكن مع الاستقالات وطرد الحزب بعض الأعضاء، وطرد البرلمان آخرين، انخفض عدد النواب إلى 56 نائبا من إجمالي 600 نائب يشكلون البرلمان التركي، فيما يواجه عدد كبير من النواب ملفات لرفع الحصانة عنهم.
المعارضة ترفض لقاء الحزب الحاكم
وفي سياق مرتبط باللقاءات الحزبية في تركيا بمسألة التعديل الدستوري، انضم حزب "الشعب الجمهوري" و"الحزب الجيد" المعارضان اليوم لحزب "الشعوب الديمقراطي" في رفض لقاء حزب "العدالة والتنمية" الحاكم لمناقشة التعديلات الدستورية المرتبطة بحماية حق الحجاب للسيدات في البلاد.
وقدم "الشعب الجمهوري" جوابه على طلب "العدالة والتنمية" بالرفض، مبررا ذلك بوضع ملفي رفع حصانة النائب عن الحزب علي ماهر باشارير، والنائب عن "الحزب الجيد" لطفي توركهان على أجندة أعمال البرلمان.
وقال النائب عن حزب "الشعب الجمهوري" أوزغور أوزيل "نحن في توافق مع حليفنا (الحزب الجيد) في رفض طلب اللقاء مع حزب العدالة والتنمية".
ويعتبر رفض الحزبين اللقاء مفاجئا، خاصة بعد أن صدر بيان عنهما مع أحزاب معارضة أخرى قبل أيام، دعمت فيه التعديلات الدستورية المتعلقة بالمحجبات، شريطة إدخال التعديلات اللازمة، ويندرج طلب حزب "العدالة والتنمية" اللقاء بالأحزاب البرلمانية في هذا الإطار.
وقالت نائبة رئيس الكتلة النيابية لحزب "العدالة والتنمية" في البرلمان أوزلام زنغين "تلقينا ردا من حزب الشعب الجمهوري برفض طلب اللقاء معنا".
وأضافت في تصريح "حزب الشعوب الديمقراطي رفض اللقاء بسبب قرار المحكمة الدستورية العليا، وحزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد رفضا اللقاء بسبب اجتماع اللجنة البرلمانية المشتركة (المعنية بالنظر بملفات رفع الحصانة)".
وأكملت كلامها: "محزن هذا الأمر، وربما رفضهم تحضير لأمر ما من عندهم أيضا، وكنت أعتقد أنهم سيوافقون على التعديلات الدستورية، وبدأت أظن أنهم يبحثون عن أرضية من أجل رفض التعديلات، وتصريحهم قبل أيام بتقديم مشروعهم قد يكون مناورة، لأن ليس لديهم عدد كاف لطرح تعديلات دستورية جديدة".
ومن المنتظر أن يلتقي حزب "العدالة والتنمية" مع حليفه في التحالف الجمهوري الحاكم، حزب "الحركة القومية" من أجل مناقشة التعديلات الدستورية.
وشملت التعديلات المقدمة المادة الـ 24 المتعلقة بالحجاب، حيث أضيف إليها أن "من ضمن الحقوق والحريات الأساسية لن يكون هناك أي شرط يتعلق بالاستفادة من الخدمات العامة والخاصة بمسألة غطاء الرأس أو عدم تغطيته"، كما شملت المادة الـ41 المتعلقة بتعريف الأسرة.
ويتطلب تمرير التعديلات الدستورية بشكل مباشر موافقة 400 عضو بالبرلمان من أصل 600، وفي حال موافقة 360 عضوا فقط يجري اللجوء للاستفتاء، وهو السيناريو الذي يسعى حزب "العدالة والتنمية" لتفاديه.
وأملا في تفادي حصول التعديلات على موافقة 360 عضوا على الأقل والذهاب إلى الاستفتاء الشعبي، فإن حزب "العدالة والتنمية" يسعى لإقناع بقية الأطراف في مسألة الموافقة على التعديلات الدستورية، حيث يمتلك التحالف الحاكم 336 عضوا فقط في البرلمان.
أردوغان ينتقد الطاولة السداسية المعارضة
في الأثناء، وجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم، انتقادات لزعماء الأحزاب المعارضة المشكلة للطاولة السداسية، إثر اتفاقهم على إدارة مشتركة للبلاد خلف رئيس الجمهورية الذي سيرشحونه حال فوزهم بالانتخابات وتوليهم السلطة.
وتضم الطاولة السداسية التي تجمع المعارضة أحزاب "الشعب الجمهوري" بزعامة كمال كلجدار أوغلو، و"الحزب الجيد" بزعامة ميرال أكشنر، و"السعادة" بزعامة تمل قره موللا أوغلو، و"دواء" بزعامة علي باباجان، و"المستقبل" بزعامة أحمد داود أوغلو، و"الديمقراطي" بزعامة غولتكين أويصال.
وقال أردوغان في كلمة: "بقيت أشهر قليلة على الانتخابات ولم يظهر أمامي أي مرشح منافس، والقرار الذي صدر من الطاولة السداسية هو إدارة البلاد من قبل 6 أشخاص، 6 قباطنة يغرقون السفينة، السفينة تسير بقبطان واحد".
وأضاف: "لماذا يوافق الشعب على شخص لا يمكنه حكم البلاد عقب فوزه بأصوات الناخبين، وسيقرعون الطبل بـ6 عصي، وهذا أمر مخالف للدستور الحالي، ويعتبر انقلابا مدنيا".
وتنتقد الحكومة التركية عدم طرح المعارضة التركية مرشحها للانتخابات، رغم قرابة عام من اجتماع زعماء أحزاب المعارضة الستة، فيما يدور الحديث عن قرب اختيار المعارضة مرشحها الرئاسي بالاجتماع المقبل، نهاية الشهر الجاري.