الخلافات المصرية التركية تتضاءل رغم إرجاء زيارة شكري

24 مايو 2022
أعلن جاووش أوغلو في وقت سابق أنه سيلتقي شكري (Getty)
+ الخط -

انقضى الموعد الذي حدده وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، للقاء مسؤولين أتراك ومصريين، بهدف بحث خطوات التطبيع بين البلدين، من دون حدوث اللقاء، وهي المرة الثانية التي يعلن فيها الوزير التركي عن لقاءات من هذا النوع من دون أن تجري. وكان جاووش أوغلو قد أعلن، في 21 إبريل/نيسان الماضي، استمرار خطوات تطبيع العلاقات مع مصر، وأن لقاء سيعقد على مستوى نواب وزيري الخارجية مطلع مايو/أيار الحالي.

وفي 12 إبريل، وبعد اتصال مع نظيره المصري سامح شكري، أعلن الوزير التركي أنه "سيلتقي شكري على مائدة الإفطار في إسطنبول قريباً"، وانقضى شهر رمضان أيضاً من دون حدوث ذلك.

مصر ترغب بتعهدات تركية في ليبيا

وأرجعت مصادر دبلوماسية مصرية، حالة التردد في التحركات المصرية التركية على مسار استعادة العلاقات الطبيعية، إلى "عدة أسباب تخص الطرفين". وأوضحت المصادر، في أحاديث لـ"العربي الجديد"، أن "مصر لا تزال ترغب في الحصول على تعهدات من الجانب التركي في ما يتعلق بالملف الليبي، لضمان مصالحها في الغرب الليبي، والمتمثلة في الاتفاق على حكومة تراعي مصالح القاهرة في مسألة إعادة الإعمار والأمن وغيرها من القضايا".


عدم استعجال تركي لحسم مسألة استعادة العلاقات مع مصر بعد التقارب مع الخليج


وأضافت المصادر: "على الجانب التركي، هناك أيضاً حالة من عدم الاستعجال لحسم مسألة استعادة العلاقات مع مصر، على عكس ما كان ظاهراً منذ فترة، وسبب ذلك هو التقارب التركي الخليجي الذي تأكد أخيراً مع الزيارتين اللتين قام بهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى كل من السعودية والإمارات، وهو ما أضعف بعض الشيء حماسة أنقرة في تطبيع العلاقات مع القاهرة".

وقالت المصادر إن "تركيا أصبحت الآن شبه مطمئنة بعد تطبيع العلاقات مع الحليفين الرئيسيين لمصر في الخليج، ولذلك فهي غير مستعجلة في حسم ملف المصالحة مع القاهرة".

لكن دبلوماسياً في وزارة الخارجية التركية، طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد" إن موضوع اللقاء بين وزيري الخارجية ما زال قائماً، لكنه تأخر لأسباب تقنية وبسبب المستجدات الدولية وبرنامج الوزير التركي، مشدداً على أن العلاقات لا تزال تسير بشكل جيد بين البلدين. ولفت إلى أن زيارة وزير المالية التركي نور الدين نباتي، إلى مصر الشهر المقبل، لا تزال قائمة. مع العلم أن وسائل إعلام تركية كانت قد أشارت إلى أن الزيارة هدفها حضور اجتماع للبنك الإسلامي للتنمية، وستكون هي أول زيارة على مستوى الوزراء منذ تسع سنوات.

إلا أن مصدراً دبلوماسياً تركياً آخر لفت إلى أن "مصر ما زالت تنتظر من تركيا اعترافاً بالرئيس عبد الفتاح السيسي كرئيس شرعي لمصر، وأن يأتي ذلك على لسان الرئيس أردوغان"، مشيراً إلى أن هذا الأمر من الأسباب التي أدت لتأخير اللقاء بين وزيري الخارجية.

توافقات غير مباشرة حول ليبيا

في المقابل، قالت مصادر مصرية خاصة، إنه "على الرغم من خفض مستويات التوتر بين أنقرة والقاهرة إلى أدنى مستوى منذ قطع العلاقات بين البلدين في عام 2013، إلا أنه لا تزال هناك مجموعة من الملفات العالقة، التي لا تزال تؤخر الإعلان عن خطوات رسمية في إطار عودة العلاقات بين البلدين".

وأوضحت المصادر أن "الدائرة الملاصقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والتي تضم نجله محمود، القيادي بجهاز المخابرات العامة، ورئيس الجهاز اللواء عباس كامل، استبعدت تركيا من الحركة الدبلوماسية الجديدة، بعد ما أرسلت وزارة الخارجية ترشيحها لسفير مصر في أنقرة وفق ما اتفق عليه في وقت سابق".

ولفتت المصادر إلى أن الخطوة "لا تمثل توتراً أو تراجعاً عن مسار تطبيع العلاقات بين البلدين"، ولكن يمكن وصفها بأنها "إرجاء" إلى حين الوصول لمزيد من التفاهمات بين البلدين.

وأشارت المصادر إلى أن "هناك ما يمكن وصفه بـ"بنود" ضمن ملفات تنتظر الصيغة النهائية لها"، مؤكدة أن "ذلك في حد ذاته يعتبر تقدّماً كبيراً، فبعد ما كان الحديث يدور بين ممثلي البلدين بشأن ملفات برمتها، بدأ الحديث يتمحور حول بنود داخل تلك الملفات".

وأوضحت المصادر أن "الملف الليبي، وعلى الرغم من أنه لا تزال هناك مشاورات بشأنه في الاتصالات بين ممثلي البلدين، إلا أن هناك توافقات غير مباشرة تمت خلال الأيام الأخيرة، عبر تنسيق من قِبل المستشارة الأممية لليبيا ستيفاني وليامز".

توافق مصري تركي على إجراء الانتخابات الليبية في أسرع وقت

وكشفت المصادر عن "تطور" وصفته بـ"المهم للغاية" بين الطرفين، وهو أن "هناك توافقاً مصرياً تركياً على إجراء الانتخابات الليبية في أسرع وقت". وأكدت أن تركيا أبدت مرونة بشأن إمكانية تولي رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا، الذي تدعمه القاهرة، قيادة السلطة التنفيذية في ليبيا، شرط أن يكون ذلك بتوافق ليبي. وأضاف أن باشاغا "بمثابة صديق لأنقرة، وفق ما أكد عليه الجانب التركي خلال محادثات بشأن ليبيا أخيراً".

مصير المعارضين المصريين في تركيا

كما كشفت المصادر عن أن "الخلافات بشأن ملف المعارضة المصرية المتواجدة في تركيا، باتت في أدنى مستوياتها بعد التوصل إلى صيغ توافقية بين الطرفين، إذ أكدت أنقرة عدم فتح الأراضي التركية أمام أي أنشطة سياسية للمعارضة المصرية خلال الفترة المقبلة".

ونفت المصادر صحة ما أثارته تقارير عربية أخيراً بشأن تمسّك القاهرة بتسليم عدد من قيادات وأعضاء الجماعة المتواجدة في تركيا في المرحلة الراهنة، مؤكدة أن "استعادة العلاقات مع تركيا في الوقت الراهن باتت أولوية أكبر من تسليم قيادات الجماعة".

وأوضحت المصادر أن الجانب التركي "عرض إبعاد عدد من الأسماء التي تعتبرها مصر "شديدة الخطورة" إلى خارج تركيا كحل وسط، لعدم تسليمها، وهو الحل الذي لم يلق اعتراضاً مصرياً".

ووسط تسارع وتيرة التقارب بين مصر وتركيا، وانطلاق المحادثات بين البلدين لاستعادة العلاقات، أعلن عدد من الإعلاميين المصريين، خلال الفترة الماضية، رحيلهم عن تركيا بعد أن مكثوا فيها 8 سنوات، عمل معظمهم خلالها في فضائية "مكملين" المعارضة. وقبل أسابيع، أعلنت "مكملين" وقف بث برامجها نهائياً من تركيا، وإغلاق استديوهاتها في إسطنبول، وهو ما فسّره مراقبون بأنه جاء بعدما طالبت السلطات التركية إدارة القناة المعارضة للنظام المصري الحاكم، بوقف بث القناة من داخل أراضيها، في محاولة لإرضاء مصر ودول خليجية.

وحسب مصادر مصرية معارضة في تركيا، فإن السلطات التركية أدرجت عدداً من الأسماء ضمن قائمة لمذيعين معارضين آخرين، طالبتهم أنقرة بوقف نشاطهم، ووقف أنشطتهم الإعلامية، سواء على منصات فضائية أو مواقع التواصل الاجتماعي و"يوتيوب" من أراضيها.
وأكدت المصادر أن "هناك أسماء مصرية معارضة، غادرت الأراضي التركية أخيراً بناء على طلبات السلطات التركية، ممن لم يوفقوا أوضاع الإقامة القانونية، سواء عبر التجنس بالجنسية التركية، أو الحصول على الإقامة الدائمة".

من المقرر أن تشهد الفترة المقبلة توسعاً في التعاون الاقتصادي بين البلدين

ولفتت المصادر إلى أن المشاورات الجارية في الوقت الراهن بين القاهرة وأنقرة، والتي تستبق الإعلان عن الخطوات الرسمية، "من شأنها وضع أطر عامة لمستقبل العلاقة بين البلدين وأسسها التي من المقرر أن يلتزم بها الطرفان". وأكدت أن "أولى الأسس المصرية المطروحة هو عدم الإساءة للنظام المصري الحاكم ورموزه، أو التشكيك في شرعيته كما حدث في أوقات سابقة، من جانب مسؤولين أتراك في مناسبات عدة".
وكشفت عن أن "الفترة المقبلة من المقرر أن تشهد توسعاً في التعاون الاقتصادي بين البلدين، عقب تسوية باقي النقاط العالقة في المفاوضات بين البلدين".

ووفقاً للمصادر، فإن "التقارب الأخير بين تركيا من جهة، وكل من الإمارات والسعودية من جهة أخرى، سينعكس بالضرورة على تطور العلاقات بين أنقرة والقاهرة".

وكان أردوغان قد صرح للصحافيين على متن رحلته العائدة من السعودية أخيراً، بأن الجانبين (أنقرة والرياض) عازمان على تسريع الجهود من أجل تحقيق المصالح المشتركة والاستقرار في المنطقة. وقال إن من الممكن انتهاج سياسة مماثلة نحو مصر، و"من الممكن رفع مستوى الحوار الجاري على مستوى منخفض الآن". وأضاف أردوغان: "اتفقنا مع السعودية على إعادة تفعيل إمكانيات اقتصادية عظيمة عبر منظمات ستجمع مستثمرينا معا"، وتابع: "أعلنا أن تركيا ستدعمهم في مسعاهم لاستضافة إكسبو 2030 في الرياض".

المساهمون