تنطلق في القاهرة، اليوم الأربعاء، أولى جلسات "الحوار الوطني"، بمشاركة "الحركة المدنية الديمقراطية"، وحركة شباب 6 إبريل، وعدد من الشخصيات السياسية والنشطاء المفرج عنهم من السجون خلال العام الماضي، في أعقاب الدعوة للحوار التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إبريل/ نيسان من العام الماضي.
وأعلنت إدارة "الحوار الوطني المصري"، قبل يومين في بيان، أن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ستكون "بمشاركة واسعة وفعالة من مختلف القوى السياسية والنقابية والمجتمع الأهلي والشخصيات العامة والخبراء". وأفاد البيان بأن الانطلاق سيكون "بداية مرحلة جديدة تتضمن جلسات نقاشية، يُشارك بها كافة فئات الشعب المصري على طاولة واحدة، لمناقشة العديد من القضايا والمقترحات المقدمة بهدف الوصول إلى مخرجات لصالح المواطن المصري، وتكون بمثابة خطوة فارقة في مسيرة البناء نحو الجمهورية الجديدة".
الحركة المدنية تقرر المشاركة
وأعلن المتحدث الرسمي باسم الحركة المدنية، خالد داوود، عقب اجتماع للحركة مساء الإثنين، عن قرار المشاركة، وأوضح أنه جاء بعد اجتماع استغرق 4 ساعات، كما تمت عملية تصويت بين أطراف الحركة المدنية، شارك فيها 12 حزباً من الأحزاب الأعضاء بها، و12 شخصاً من الشخصيات العامة، وكانت النتيجة تصويت 13 لصالح المشاركة، و9 لعدم المشاركة، وهو ما استتبعه الإعلان الرسمي عن المشاركة في الحوار.
وكانت التباينات داخل الحركة حول المشاركة في الحوار قد استمرت حتى مساء الإثنين في ظل ما وصفته مصادر من داخل الحركة لـ"العربي الجديد" بالمراوغة من جانب الأجهزة الممثلة للنظام طوال الفترة الماضية.
وقال قيادي في الحركة، كان من الرافضين للمشاركة في الحوار، مفضلاً عدم ذكر اسمه: "طوال الفترة الماضية، هناك مطلب وحيد هو الذي كانت تتمسك به الحركة، مرتبط بما يمكن تسميته بتبييض السجون من النشطاء السياسيين، والإفراج عن أسماء بعينها على رأسهم الناشط أحمد دومة".
طوال الفترة الماضية، هناك مطلب وحيد كانت تتمسك به الحركة، مرتبط بما يمكن تسميته بتبييض السجون من النشطاء السياسيين
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الاجتماعات الأولى التي جمعت بين قيادات بالحركة، ومسؤولين أمنيين رفيعي المستوى على رأسهم رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل، لم تشهد معارضة للشرط الخاص بإطلاق سراح دومة وعدد آخر من الأسماء".
وتابع: "مع الوقت وطوال عام كامل كانت كافة مؤشرات عدم الجدية متوفرة من جانب مسؤولي السلطة، وبدا واضحاً أنهم يلعبون بورقة الحوار الوطني على المستوى الخارجي بالمقام الأول، ثم داخلياً لتبريد الشارع المتوتر بفعل الأزمة الاقتصادية الطاحنة". وأشار إلى أنه "طوال الوقت يتم التعامل معنا بنظرية: أنتم ليست لديكم معلومات بشأن ما يحاك بالدولة المصرية، وهو الأمر الذي لم يعد مقبولاً".
في المقابل، قال قيادي في الحركة المدنية صوّت لصالح المشاركة في الحوار، خلال الاجتماع الذي حسم قرار المشاركة، إنه "يتفهم جيداً مواقف الرافضين للمشاركة"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" بشرط عدم ذكر اسمه: "علينا استغلال أي فرصة تلوح في الأفق من أجل حلحلة المشهد الراهن"، معتبراً أن "أي تعرية للسلطة الحالية هي تعرية للدولة إزاء ضغوط دولية تفرض عليها".
وأكد المصدر أن "اجتماعات صندوق النقد الأخيرة في واشنطن شهدت التمسك بضرورة تنفيذ الحكومة مجموعة من الإجراءات القاسية، من دون أي ضمانات بعدم تدهور الأوضاع على المستويين السياسي والاقتصادي".
وأوضح أنه "في مقدمة الشروط كان ضرورة تفعيل مرونة سعر العملة المحلية"، مؤكداً أنه "تم رفض تقديم الشريحة الثانية من القرض المتفق عليه، معتبرين أن ما تقوم به مصر في إطار وضع العملة المحلية ليس ما تم الاتفاق عليه خلال الجلسات التي سبقت إقرار القرض، وأن الحكومة المصرية تراوغ في هذا الشأن، وهو ما رد عليه ممثلو الحكومة بأن الأمر في غاية الخطورة وقد يؤدي إلى اضطرابات سياسية واسعة، وهو الأمر الذي ليس في مصلحة أي طرف".
وأضاف أن "الشرط الثاني المتفق عليه بين الصندوق وشركاء التنمية الخليجيين هو ما يتعلق بمسألة طروحات الشركات الحكومية".
وقال: "الحكومة تلقّت موقفاً صارماً من إدارة الصندوق، أكدت خلاله الأخيرة عدم الرضا عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية في هذا الصدد، مشددة على أن مصر لم تأخذ خطوات جدية وأنها اكتفت فقط بالإعلان عن أنها ستطرح شركات حكومية". وتابع: "إنني وآخرين من قيادات الحركة شاركنا في لقاءات مع مسؤولين بالدولة، وأحد هؤلاء طالبنا بشكل واضح وصريح بدعم الدولة المصرية وليس الرئيس أو النظام في تلك الفترة الحرجة، إزاء ضغوط شديدة من بعض الأشقاء في الخليج" على حد تعبير القيادي بالحركة.
تساؤلات عن دوافع المشاركة
من جهته، قال عضو حركة "الاشتراكيين الثوريين" حسام الحملاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "من غير المفهوم بالنسبة لي أن تذهب كيانات يعتقل النظام أفراداً منها، من بينهم أشخاص لم يتعدَ على اعتقالهم ساعات، للجلوس مع هذا النظام على طاولة مفاوضات".
وتابع: "كان هناك حد أدنى من الضمانات التي كانت مطلوبة للجلوس إلى الحوار مع ممثلي النظام، منها وقف الاعتقالات، ولكنها لم تنفذ". ولفت إلى أن "أعداد المعتقلين في مصر تتراوح ما بين 20 إلى 30 ألف معتقل، منهم كثيرون تم اعتقالهم لأنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، أو أقارب لأشخاص موجودة في السجن".
الحملاوي: كان هناك حد أدنى من الضمانات التي كانت مطلوبة للجلوس إلى الحوار مع ممثلي النظام، منها وقف الاعتقالات، ولكنها لم تنفذ
واعتبر أنه "كان من المفترض -على الأقل- إذا كانت الحركة المدنية ستذهب للتفاوض، أنها تتفاوض على المعتقلين الموجودين داخل السجون، لكن ما حدث أن ماكينة الاعتقالات لم تتوقف، ولا أفهم ما الداعي للذهاب والجلوس مع ممثلي النظام".
ورأى الحملاوي أنه "لا توجد أي ضمانات تم تقديمها لإثبات جدية النظام حول حدوث أي انفراجة سياسية"، مضيفاً: "موقف ضعيف جداً من قبل ممثلي المعارضة أن تبيع الوهم للناس وتحاول إقناعهم بأنك ذاهب للتفاوض على إصلاح ديمقراطي، ونحن نعلم في النهاية أن هذه عبارة عن مفاوضات لإطلاق سراح رهائن، والغريب أن تذهب المعارضة للتفاوض ولا يزال أعضاؤها في السجون".
من جهتها وجهت الناشطة سناء سيف، شقيقة الناشط القابع في السجن علاء عبد الفتاح، انتقادات للمشاركين المحسوبين على المعارضة. واعتبرت في منشور على حسابها الرسمي على "فيسبوك" أن الأمر برمته مجرد "مسرحية من جانب النظام"، سيديرها وفقاً لـ"الظرف الدولي".