يمهد الحوار التشادي بين المجلس العسكري الانتقالي والحركات السياسية والعسكرية المسلحة، والذي ينطلق اليوم الأحد برعاية قطرية في الدوحة، لتحقيق المصالحة الوطنية في البلاد، والتداول السلمي للسلطة، وإنهاء حقبة من الصراعات التي امتدت لسنوات.
كما يفتح الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وفق ما أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم في تشاد محمد إدريس ديبي في وقت سابق، علماً أن ديبي يتولى السلطة على رأس مجلس عسكري منذ مقتل والده الرئيس إدريس ديبي في إبريل/نيسان 2021.
كما تحضر ملفات بارزة أخرى على جدول هذا الحوار التمهيدي الذي يؤسس لحوار شامل يفترض أن يُعقد في 10 مايو/أيار المقبل في انجامينا، ومنها بحث نزع سلاح المعارضة التشادية المسلحة، وإلغاء قائمة الإرهاب، وإعادة الممتلكات لحركات وأعضاء المعارضة التي كانت الحكومة التشادية قد صادرتها عام 2008.
دعم دولي للحوار التشادي التمهيدي
ويحظى هذا الحوار، بدعم دولي حرصت قطر على حشده وتوفيره، من خلال سلسلة اتصالات ولقاءات أجرتها الدبلوماسية القطرية على مختلف المستويات، آخرها لقاء قطري فرنسي عُقد بين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، في باريس، نهاية الأسبوع الماضي، لضمان تحقيق المصالحة الوطنية وإحلال السلام في تشاد.
يؤسس الحوار التمهيدي لحوار شامل يفترض أن يُعقد في 10 مايو/أيار المقبل في انجامينا
وأكد وزير الخارجية القطري في الاجتماع، وفق بيان رسمي للخارجية القطرية، أن استضافة قطر للحوار التشادي تأتي تماشياً مع موقف دولة قطر الثابت الداعم لحلّ الأزمات بالطرق الدبلوماسية وبالحوار. وشدّد على أن دولة قطر لن تألو جهداً في القيام بدورها مع شركائها لتحقيق ما من شأنه ضمان الأمن والسلم الدوليين، وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وهذا الموقف القطري جرى التعبير عنه عملياً في الاجتماع التنسيقي الذي عقده المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية النزاعات، مطلق القحطاني، مع عدد من السفراء المُعتمدين في قطر، ومديري المنظمات الدولية، حول استضافة الدوحة مفاوضات السلام التشادية.
وأكد القحطاني، خلال الاجتماع، حرص دولة قطر على تحقيق السلام والاستقرار في تشاد وبذل مساعيها الحميدة في هذا الصدد. وعبّر عن تطلع دولة قطر لاستضافة المفاوضات بين الأطراف التشادية، بمشاركة عددٍ من الدول والمنظمات التي أكدت خلال الاجتماع دعمها جهود دولة قطر الهادفة لتحقيق السلام والاستقرار في تشاد.
وكان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قد وافق بعد لقائه رئيس المجلس الانتقالي محمد إدريس ديبي، الذي زار الدوحة في سبتمبر/ أيلول الماضي، على مساعدة الأطراف التشادية في الحوار والمصالحة.
ويحضر رئيس الوزراء الانتقالي في تشاد باهيمي باداكي، افتتاح الحوار التمهيدي التشادي، إلى جانب وزراء وممثلين عن عدد من الدول الغربية ودول الجوار التشادي. وستقتصر المشاركة في حوار الدوحة التمهيدي، على الحركات السياسية والعسكرية المسلحة والسياسيين في الخارج، فيما ستشارك جميع الحركات والأحزاب السياسية التشادية في الحوار الشامل الذي سيعقد في 10 مايو/ أيار، والمؤمل أن يقر الاتفاق الذي سيجري التوصل إليه في الدوحة.
مشاركة واسعة من الحركات المسلحة
ولم يتأكد رسمياً عدد الحركات التشادية المسلحة التي ستحضر اجتماعات الدوحة، إلى جانب وفد المجلس العسكري الانتقالي في الحوار الذي يرأسه وزير الشؤون الخارجية والتكامل الأفريقي والتشاديين في الخارج شريف محمد زين، و24 عضواً، منهم وزراء ومسؤولون حاليون وسابقون، إضافة إلى عضو يمثل المعارضة التشادية في الداخل.
ستقتصر المشاركة في الحوار التمهيدي، على الحركات السياسية والعسكرية المسلحة والسياسيين في الخارج
ولكن تأكدت مشاركة معظم الحركات التشادية المسلحة في الحوار، وفي مقدمتها، حركة المقاومة الوطنية لجبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد، "فاكت". وستُمثل هذه الحركات بأربعة أعضاء لكل منها في جلسات الحوار التمهيدي.
وسبق أن رحبت الحركات التشادية العسكرية، بالحوار الوطني الشامل، ومنها منصة لومي (توغو) للحركات السياسية - العسكرية والحلفاء التشاديين. كما أعلنت حركة التغيير من أجل الديمقراطية، برئاسة حامد عمر حامد، مشاركتها في الحوار الوطني الشامل. وسبق أن أعلن حزب التجمع من أجل الديمقراطية والحريات، الذي يرأسه الوزير السابق إسماعيل أبو بكر، عزمه المضي قدما في الانخراط في عملية السلام في البلاد، في إطار المبادرة الوطنية للحوار المزمع بين المجلس الانتقالي والحركات المسلحة في الخارج.
وسيشارك اتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية (تحالف فصائل متمردة على السلطة) برئاسة تيمان إرديمي، الذي يقيم في الدوحة بناء على اتفاق سابق منذ عام 2009، في الحوار التمهيدي. كما يشارك في الحوار التمهيدي 59 سياسياً وعسكرياً حددتهم اللجنة الفنية الخاصة المكلفة بالحوار مع السياسيين العسكريين.
وكان ديبي قد أصدر مرسوماً أعاد فيه تشكيل اللجنة الخاصة المكلفة بالتفاوض مع ممثلي الجماعات السياسية والعسكرية التشادية برئاسة وزير الخارجية شريف محمد زين، بدلاً من الرئيس التشادي الأسبق كوكوني عويدي، وعضوية 24 شخصا، يمثلون المجلس الانتقالي في الحوار، فضلا عن ممثل عن حركات المعارضة السياسية داخل تشاد، صالح كيبز أبو. ومُنحت هذه اللجنة صلاحيات التوصل إلى اتفاق نهائي مع المعارضة التشادية. وترفع اللجنة تقاريرها إلى رئيس الوزراء الانتقالي باهيمي باداكي، الذي سيطلع ديبي على سير حوار الدوحة.
وأكد ديبي، في خطاب له أواخر العام الماضي، أنه في نهاية الحوار الوطني الشامل، "سيتمّ إقرار دستور جديد عبر استفتاء، وستنظّم انتخابات عامة شفافة وحرّة وديمقراطية وذات مصداقية". وشدد على أن هذا الحوار سيكون من دون محرّمات 2022 وكل ما سيخلص إليه سينفّذ بالكامل. يُذكر أنه كان من المفترض أن يُعقد هذا الحوار التمهيدي في 27 فبراير/شباط الماضي، إلا أنه تم تأجيله إلى اليوم الأحد بسبب غياب التوافق بين أطرافه حينها، ولاستكمال الترتيبات اللازمة لعقده.