استمع إلى الملخص
- **مباحثات حقوق الإنسان**: خلال زيارة بلينكن، تم التطرق إلى تحسين حقوق الإنسان في مصر، مع ترحيب الولايات المتحدة بخطوات مصر في هذا المجال، مؤكداً على أهمية احترام الحريات الأساسية لتعزيز الشراكة.
- **الشراكة الأمنية والاقتصادية**: مصر تُعتبر شريكاً أمنياً جوهرياً للولايات المتحدة، حيث يرتبط الدعم العسكري بضمان أمن إسرائيل، وتظل الشراكة مع الولايات المتحدة جوهرية رغم تطوير القاهرة لعلاقاتها مع الصين وروسيا.
بعد مرور نحو 26 عاماً على انطلاق الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي ظل المحور الأمني متربعاً على عرش أولويات هذا الحوار من ناحية واشنطن. وعلى الرغم من اتفاق الطرفين على تحديد محاور أخرى للحوار منذ انطلاقه، منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، إلا أن الجانب الأمني طغى على بقية الجوانب، وهو ما تمثل أخيراً في تغاضي الإدارة الأميركية عن مسألة حقوق الإنسان في مصر لصالح باقي القضايا الأمنية، إذ أقرت واشنطن حزمة المساعدات العسكرية المقدمة لمصر بموجب بروتوكول 1982، المقدرة بمليار و300 مليون دولار، من دون حسم أي مبالغ منها.
تطورات الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي
وشهدت مباحثات وزير الخارجية أنتوني بلينكن في القاهرة في الأسبوع الحالي مطالب ضمن الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي بشأن المزيد من التحسينات في حالة حقوق الإنسان. وهو الأمر الذي تعامل معه المسؤولون المصريون باعتباره "روتيناً" يجب على الوزير الأميركي طرحه وتسجيله ضمن المباحثات، لعدم التعرض للمساءلة في الكونغرس. الشعور المصري بالأمان من ناحية الإدارة الأميركية، رسخته تصريحات بلينكن في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره المصري بدر عبد العاطي في القاهرة، الأربعاء الماضي، والتي أكد خلالها "ترحيب الولايات المتحدة بالخطوات التي اتخذتها مصر خلال العام الماضي في مجال حقوق الإنسان، والإفراج عن المعتقلين، والمضي قدماً في جهود إصلاح الحبس الاحتياطي، وحل القضايا المتعلقة بحظر السفر وتجميد أصول موظفي المنظمات غير الحكومية". وقال: "أقر كلانا بالخطوات الإضافية التي تعتزم مصر اتخاذها، بما في ذلك اعتماد وتنفيذ إصلاحات قانون العقوبات، ومواصلة العفو عن السجناء والمحتجزين والإفراج عنهم، وضمان تمكين الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وجميع المصريين من التعبير عن أي خلافات بحرية". وأضاف بلينكن أن "هناك مصلحة قوية من جانب الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) بالكونغرس الأميركي في رؤية مصر تواصل إحراز التقدم، واحترام الحريات الأساسية وحمايتها من شأنه أن يعزز الشراكة بين بلدينا".
انطلق الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي عام 1998
وفي التعليق على ذلك، قال الناشط السياسي رامي شعث، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الولايات المتحدة لا تهتم بشكل حقيقي بقضية حقوق الإنسان في مصر، وكل همها هو توسيع مساحة هيمنتها على القرار المصري كما باقي الدول العربية"، مضيفاً أن "ملف حقوق الإنسان لدى صانع القرار الأميركي هو أداة تُستخدم فقط في الدعاية السياسية ولكنها غير حقيقية". وحول مدى تغير أولويات الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي، اعتبر الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية عمار فايد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "بالنسبة لمصر، فإن الولايات المتحدة هي القوة الدولية الرئيسية، والأكثر تأثيراً في شؤون المنطقة. هذا ما عبّر عنه الرئيس السابق محمد أنور السادات منذ السبعينيات، قائلاً إن 99% من أوراق اللعبة في يد أميركا. السياسة المصرية بعد ذلك لا يبدو أنها تحررت من هذه النظرة حتى لو لم تكن سعيدة بهذه الهيمنة". وتابع فايد: "العلاقة مع الولايات المتحدة لا تضمن فقط الدعم العسكري المستمر منذ أكثر من أربعة عقود، ولكنها أيضاً تضمن لمصر الوصول للدعم الاقتصادي الغربي الذي يمثّل أولوية اقتصادية لمصر، خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، والمتوقع أن يستمر. النفوذ الأميركي على المؤسسات الغربية المانحة يظل جوهرياً لتأمين احتياجات مصر من التمويل الأجنبي والدعم الاقتصادي".
عمار فايد: بالنسبة للولايات المتحدة، تمثل مصر شريكاً أمنياً جوهرياً في المنطقة
مصر شريكة أمنية لأميركا
وأضاف فايد: "أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن مصر تمثل شريكاً أمنياً جوهرياً في المنطقة، وهو ما يمثله تصنيف حليف من خارج (حلف شمال الأطلسي) ناتو. كما أن الدعم المقدم لمصر يرتبط بأحد أهم أولويات أميركا في المنطقة وهو ضمان أمن إسرائيل. وخلال حرب غزة الراهنة يمكن الجزم أن النظرة الكلاسيكية للمعونة العسكرية لمصر باعتبارها جزءاً من ضمانات أمن إسرائيل عادت بصورة كبيرة، وهو ما عبّر عنه بلينكن حين برر عدم اقتطاع أي جزء من المعونة هذا العام بدور مصر في حرب غزة". وأشار الباحث إلى أن "القاهرة خلال السنوات الماضية طوّرت علاقاتها مع كل من الصين وروسيا، لكن هذا التطور ما زال بعيداً عن التأثير في طبيعة الشراكة مع الولايات المتحدة، بل إن جزءاً من هذا التطور هو مجرد جهد للضغط على الولايات المتحدة لتعزيز تلك الشراكة".
وانطلق الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي عام 1998، ليشكل منصة حيوية لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات متعددة، منها السياسة والاقتصاد والأمن. وشهدت هذه العلاقة تطورات ملحوظة على مدى 25 عاماً. ويتم تنظيمه عادةً على مستوى وزراء الخارجية أو ممثلين رفيعي المستوى. ويأتي "التعاون الأمني" على رأس المحاور الأساسية للحوار الاستراتيجي، فقد عملت الدولتان على تعزيز القدرات العسكرية المصرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وهو ما ساهم في مواجهة "التحديات الأمنية المشتركة، مثل الإرهاب والتهريب" بحسب الخطاب الرسمي للطرفين. ومقابل ذلك جاءت "التنمية الاقتصادية"، حيث قدمت الولايات المتحدة دعماً اقتصادياً لمصر من خلال برامج مساعدات واستثمارات.