الحكومة اللبنانية تقدم ورقة اقتراحات لتحقيق الاستقرار في الجنوب

09 اغسطس 2024
جلسة لحكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بيروت 13 يونيو 2023 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **النهج اللبناني لخفض التصعيد**: قدمت الحكومة اللبنانية ورقة رسمية لبعثاتها الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار في جنوب لبنان، بعد تصاعد المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، مشيرة إلى أن وقف إطلاق النار مرتبط بوقف الحرب على غزة.

- **التصعيد الإسرائيلي ورد الفعل اللبناني**: بعد اغتيال قياديين من حزب الله وحماس، فعّلت الحكومة اللبنانية خطة الطوارئ ودعت المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لخفض التصعيد وتجنب العنف.

- **خطط الحكومة اللبنانية**: تضمنت الورقة ثلاث نقاط: خفض التصعيد، تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، وتعزيز التعاون الدولي، مع زيادة دعم الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.

عمّمت الحكومة اللبنانية على كافة البعثات الدبلوماسية اللبنانية في الخارج ورقة تُظهر القواعد الهادفة إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في جنوب لبنان، وطلبت من بعثاتها إجراء الاتصالات اللازمة في دول الاعتماد على المستوى الثنائي وضمن مجالس السفراء العرب لتظهير الموقف اللبناني. وقالت إنها اقترحت نهجاً ممنهجاً ومنتظماً "بهدف تحقيق خفض التصعيد" من شأنه أن يوفر بديلاً للفوضى الحالية، مشيرة إلى أنّ "هذا النهج سيكون هادفاً غايته الأساسية إعادة إرساء الاستقرار".

وهذه المرّة الأولى التي تنشر فيها الحكومة اللبنانية ورقة رسمية مفصّلة بشأن الموقف اللبناني تقدّم من خلالها اقتراحاتها لخفض التصعيد، وذلك منذ بدء المواجهات بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث كان يكتفي المسؤولون بإعطاء عناوين عريضة للحلّ مع تسريب بعض أجواء اللقاءات التي كانت تحصل مع الموفدين الدوليين العاملين على خطّ التهدئة. وفي المقابل يُعتبر موقف حزب الله واضحاً بأنّ وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني يرتبط بوقف الحرب على غزة و"لا حديث بأي ملف قبل ذلك" بحسب ما تكرر أوساطه السياسية.

ومنذ حادثة "مجدل شمس" واغتيال الاحتلال الإسرائيلي للقيادي في حزب الله، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت وما تبع ذلك من تطورات أبرزها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، تصاعدت المخاوف من تطور المواجهات إلى حرب واسعة على لبنان ما دفع الحكومة اللبنانية لإعادة تفعيل خطة الطوارئ، التي كانت وضعتها مع بدء الحرب على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وكثفت من اجتماعاتها واتصالاتها الدبلوماسية للضغط على إسرائيل لعدم الانزلاق بالأوضاع إلى ما لا يمكن توقع نتائجه وتداعياته.

وقالت الحكومة في الورقة إنّ "الغارة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مبنى سكنياً في الضاحية الجنوبية لبيروت تظهر النمط العدواني الإسرائيلي المستمر على لبنان. ولا يشكل هذا الهجوم تصعيداً كبيراً فحسب لوضع غير مستقر في الأساس، بل يمثل أيضاً انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي الذي يحظر استهداف المناطق المدنية المكتظة بالسكان من خلال هجمات عشوائية"، مشيرة إلى أنّ "هذا الهجوم، الذي وقع على خلفية المذبحة المروعة في غزة، قد زاد من مخاطر اتساع رقعة الحرب لصراع شامل يمكن أن يطاول لبنان والمنطقة"، مشيرة إلى أنها تؤمن بأن من الممكن تجنّب حرب شاملة كما وتلتزم بحماية سلامة وأمن مواطنيها وتحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس وفقاً للقانون الدولي. في الوقت ذاته، ترى الحكومة بأنّ "خفض التصعيد هو الطريق الأنسب لتجنب دوامة العنف المدمرة والتي سيكون احتواؤها أكثر صعوبة. ولكن، ليس بإمكانها التصرف بمفردها، إذ على المجتمع الدولي أن يلعب دوراً حاسماً وفورياً في تهدئة التوترات وكبح العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان".

وقسّمت الحكومة ورقتها إلى ثلاث نقاط:

أولاً- المنظور القريب: خفض التصعيد ووقف الأعمال الاستفزازية

اعتبرت الحكومة اللبنانية في هذا المحور أن التصعيد المستمر في الصراع الحالي من شأنه أن يؤدي إلى إشعال صراع شامل، مشيرة إلى أن الهجمات الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان أدت إلى خسائر كبيرة في الأرواح وسبل العيش حيث شملت هذه الهجمات تدمير البنية التحتية وفقدان الأراضي الزراعية، وتقدر المنظمات الدولية بأن أكثر من 90 ألف لبناني قد نزحوا. وأكدت الحكومة أن لبنان سيبقى ملتزماً "بالقانون الدولي وبما في ذلك القانون الإنساني الدولي وقوانين الحرب"، وبالتالي يجب على جميع الأطراف "الالتزام بمبادئ التناسب والتمييز والضرورة لحماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم، وتجنب المزيد من التصعيد. كما يحتفظ لبنان بحق الدفاع عن النفس وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة". وإلى أن يتم التنفيذ الكامل والمتكافئ لقرار مجلس الأمن رقم 1701، هناك حاجة إلى خفض التصعيد الفوري ووقف الأعمال الاستفزازية من أجل تخفيف المخاطر وحماية المدنيين.

وأضافت الحكومة أنها تعتقد بأن وقف إطلاق النار في غزة سيكون له أثر فوري في تهدئة التوترات في جنوب لبنان وسيمهد الطريق لاستقرار مستدام طويل الأمد، حيث أن وقف الأعمال العدائية في غزة يفتح الباب أمام مسار دبلوماسي ستدعمه الحكومة بشكل تام ويهدف إلى معالجة المخاوف الأمنية على طول الحدود الجنوبية، بما في ذلك النزاعات على طول الخط الأزرق، إضافة إلى أنه سيمهد الطريق للتنفيذ الكامل للقرار 1701.

ثانياً- الأمد المتوسط: التطبيق الكامل والمتكافئ لقرار مجلس الأمن رقم 1701

وتشير الورقة في المحور الثاني إلى أن قرار مجلس الأمن 1701 يمثل حجر الزاوية لضمان الاستقرار والأمن في جنوب لبنان، حيث نجح هذا القرار في الماضي، رغم الانتهاكات الإسرائيلية، في الحفاظ على الهدوء النسبي في المنطقة لأكثر من 17 عاماً (2006 – 2023)، وسيلعب الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل دوراً محورياً في هذا المسعى بهدف ضمان توافر الشروط اللازمة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، وتلتزم الحكومة اللبنانية بزيادة عدد أفراد الجيش اللبناني من خلال حملة تجنيد جديدة. وأشارت الحكومة إلى أن منسوب الدمار الكبير الذي شهده جنوب لبنان خلال الأشهر العشرة الماضية يتطلب أيضاً بذل جهود متضافرة لإعادة الإعمار مؤكدة أنها في صدد وضع خطة لإعادة بناء البلدات والقرى المتضررة وإعادة تحقيق سبل العيش.

ثالثاً- الحكومة اللبنانية: سبل المضي قدماً

وفي المحور الثالث قالت الحكومة إن لبنان أثبت باستمرار بأنه محاور بناء وموثوق في المنطقة بدليل النجاح بالوصول إلى التفاهمات الأخيرة بشأن الحدود البحرية. وأبدت الحكومة اللبنانية استعدادها للتفاعل مجدداً ولعب دورها بهدف خفض التصعيد، مع التأكيد على التزامها بضمان سلامة وأمن مواطنيها وسيادة لبنان وسلامة أراضيه.

وأضافت الحكومة أن تعهدها بالمضي قدماً في عملية تجنيد جنود لبنانيين إضافيين وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 يدل على التزام واضح بتنفيذ هذا القرار. ويشكل قرار التجنيد خطوة مهمة نحو تعزيز قدرة القوات المسلحة اللبنانية على الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. مشيرة إلى أن المطالبة بالدعم الدولي لا تعكس فقط التزام الحكومة اللبنانية بالوفاء بالتزاماتها بموجب القرار 1701، بل تثبت أيضاً أهمية التعاون والتكاتف مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات الأمنية.  وتابعت الورقة بالإشارة إلى أن الحكومة أظهرت باستمرار دعماً قوياً لتفويض قوات اليونيفيل، معترفة بدورها الحاسم في الحفاظ على الاستقرار على طول الحدود الجنوبية. كما وشددت الحكومة اللبنانية على أهمية الدعم الدولي لمهمة اليونيفيل ودعت المجتمع الدولي إلى المساهمة في هذا الجهد الحيوي. تؤكد الحكومة اللبنانية مجدداً التزامها بالعمل بشكل وثيق مع اليونيفيل لضمان أمن واستقرار المنطقة.

وتوقف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، في تصريح سابق له اليوم، عند المبادرة الأميركية المصرية القطرية، وأشار إلى أن "الحكومة اللبنانية تعتبر أن لا مجال للتأخير الإضافي، وتحض كل الأطراف المعنية على تسريع عملية إطلاق الرهائن وبدء وقف إطلاق النار وتنفيذ الاتفاق من دون تردد"، كما أعلن اعتزام الحكومة اللبنانية دعم وتقديم مقترح جديد لاستكمال تنفيذ البنود الأخرى بطريقة ترضي جميع الأطراف المعنية.