الحكومة العراقية تستعمل قانون مكافحة الإرهاب لمواجهة "جماعات السلاح المنفلت"

06 يونيو 2024
قوات أمنية عراقية بأحد شوارع بغداد، 4 يونيو 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة العراقية تستخدم قانون "مكافحة الإرهاب" لأول مرة ضد جماعات مسلحة نفذت هجمات على مواقع أجنبية، معلنة عن اعتقالات بموجب المادة الرابعة من القانون.
- تم نشر قوات الأمن وتفعيل الجهد الاستخباري لمنع هجمات جديدة وملاحقة المتورطين، في خطوة لتأكيد سيادة القانون واستعادة الأمن.
- الحكومة تواجه ضغوطًا من أطراف سياسية مرتبطة بالجماعات المسلحة، التي تنتقد الإجراءات الأمنية وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين، بينما يحذر آخرون من تجاهل الملف الأمني لضمان الاستقرار.

حملت بيانات الحكومة العراقية خلال اليومين الماضيين، ملامح تحرك جديد هو الأول من نوعه في العراق، من خلال الاعتماد على قانون "مكافحة الإرهاب"، الذي ظل طيلة الـ 18 عاماً الماضية، موجها نحو تنظيمات وجماعات سنية متطرفة، في مواجهة الجماعات المرتبطة بالمليشيات المسلحة التي هاجمت مواقع شركات ومطاعم أميركية وبريطانية ببغداد والبصرة ومناطق أخرى من البلاد.

خطوات الحكومة العراقية التي جاءت عبر بيانات رسمية، قالت إنها أصدرت مذكرات قبض على المتورطين بمهاجمة مواقع وشركات ومطاعم أميركية، وفقا للمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب النافذ بالبلاد، أرفقته بصور لعدد ممن تم اعتقالهم من قبل قوات الأمن خلال اليومين الماضيين. وتتعامل الحكومات العراقية طيلة السنوات الماضية، بمصطلحات "الخارجين عن القانون"، أو الجماعات المنفلتة"، في التعليق على هجمات أو اعتداءات مليشيات مسلحة، استهدفت في سابق مقرات لقنوات فضائية وصحف، ومكاتب ومقرات سياسية، وصولا إلى مواقع تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

ويفرض قانون مكافحة الإرهاب المعمول به منذ عام 2006، باستعمال الدولة القوة المطلقة بالتعامل مع الأعمال التي تهدد الأمن والسلم الأهليين بالعراق، لكن القانون ظل محصورا في إطار الجماعات المسلحة السنية، حتى تلك التي تبنت خيار مقاومة الاحتلال الأميركي دون غيره. وشهدت بغداد، والبصرة والديوانية، وبابل، ومناطق أخرى هجمات في الآونة الأخيرة طاولت شركات ومطاعم أميركية، إلى جانب معاهد لتعليم اللغة الإنكليزية، بواسطة قنابل وهجمات مسلحة، في إطار تصعيد جديد فرضت على أثره الحكومة إجراءات أمنية مشددة.

ومساء أمس الأربعاء، قالت وزارة الداخلية، إنها اعتقلت متورطين جددا بمهاجمة عدد من المطاعم والوكالات الأجنبية "وفقا لأحكام المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب"، مشيرة إلى أن "العمل الأمني ما زال مستمراً لملاحقة بقية العناصر التي أقدمت على هذا العمل غير القانوني لغرض إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل".

مسؤول أمن عراقي، قال إن عدد من تم اعتقالهم وفقا لقانون مكافحة الإرهاب، من المتهمين بالتورط بالهجمات الأخيرة، تخطى عشرين شخصاً، وستتم محاكمتهم على ضوء قانون مكافحة الإرهاب، مبينا لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، أن "الخطة وضعت قوات الأمن بمواجهة تلك الجهات المنفلتة مهما كان ارتباطها، وقد نصت التوجيهات على التعامل الحازم مع أي محاولة للعبث بالأمن الداخلي. وكشف أن المعتقلين غالبيتهم ينتمون إلى "هيئة الحشد الشعبي"، ضمن ما قال إنها "فصائل ولائية"، العبارة المستخدمة في الإشارة إلى الجماعات الحليفة لإيران، وأبرزها "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"عصائب أهل الحق".

لكن المسؤول ذاته، أشار إلى أن المتورط الأول بتلك الهجمات هي جماعة "كتائب حزب الله"، مشيرا إلى أن "الحكومة تواجه ضغوطا من بعض الأطراف السياسية المرتبطة بتلك الجماعات لإطلاق سراح من تم اعتقالهم". ووسط تلك الأجواء واصلت القوات الأمنية العراقية انتشارها المكثف في معظم شوارع العاصمة، وسط عمليات تفتيش للسيارات المارة، وحجز السيارات التي لا تحمل لوحات تسجيل أو أوراقا ثبوتية.

تأليب الشارع ضد الحكومة العراقية

مقابل ذلك، لجأت القوى السياسية المرتبطة بتلك الجماعات الى حملات التأليب ضد الحكومة العراقية وخطتها بضبط الأمن الداخلي، وسط انتقاد لتلك الإجراءات التي عدتها "مناقضة لدعم الحكومة لغزة". وندد رئيس كتلة "حقوق"، في البرلمان وهي الجناح السياسي لمليشيا "كتائب حزب الله"، النائب حسين مؤنس، بتعامل الحكومة مع الهجمات على أنها أعمال إرهابية. وقال في تدوينة له على منصة "إكس"، "نشهد هذه الأيام إجراءات حكومية مخالفة لموقف الدولة المناهض أصلا للكيان الصهيوني والاستهتار الأميركي، ويتمثل ذلك بإنزال قوة مدججة بالسلاح لم نشهد لها مثيلا في حرب داعش لخنق الحريات والتضييق على مساحة الديمقراطية التي تكفل حرية التعبير عن الرأي، وهو ما حصل حين تمت ملاحقة شباب محتجين متعاطفين مع قضايا الأمة ومتفاعلين مع احتجاجات عالمية بهذا الشأن، فيما لم يرتكبوا جرما أعلى من تكسير واجهة محلات".

وأضاف، "فوق ذلك تمت ملاحقتهم وفق أحكام المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، وهو ما يجعلنا نطالب الحكومة بأن تثبت مصداقيتها حين تصدت لنصرة القضية الفلسطينية من خلال إيقاف الشركات الكبرى التي تغلغلت في البلاد واحتكرت عقودا ضخمة يذهب ربحها للكيان الإجرامي (إسرائيل)".

الى ذلك، حذر الباحث في الشأن السياسي العراقي، إياد العنبر، رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني من تجاهل الملف الأمني، وقال في تدوينة له على منصة "إكس"، "السيد رئيس الوزراء. نصيحة تحتاج الى ترتيب الأولويات على أساس الأمن والاقتصاد.. انشغالك بالجسور وبالاستثناءات في منح الإجازات الاستثمارية لا يمكن أن يحقق طموحك بالولاية الثانية!"، مشددا أن "المنجز الحقيقي الذي يمكن أن يقنع الناس هو استعادة هيبة الدولة، وخطط اقتصادية، ولحد الآن كلاهما لم تحقق فيهما أي إنجاز".

وتشهد العاصمة العراقية، منذ الأسبوع الفائت، إجراءات أمنية "غير مسبوقة" على أثر الهجمات التي طاولت المطاعم والشركات الأميركية فيها، إذ تم نشر حواجز أمنية راجلة في عموم مناطق العاصمة وتفعيل الجهد الاستخباري، في خطوة تأتي لمحاولة بسط الأمن وسط مخاوف من هجمات جديدة، في وقت يجري فيه التحقيق لمعرفة الجهة المنفذة.