الحكومة الجديدة في الجزائر... تحييد الأحزاب وانتقادات للخيارات الوزارية

08 يوليو 2021
تبون وضع الأحزاب السياسية على هامش الحكومة (Getty)
+ الخط -

أظهرت التشكيلة الحكومية الجديدة في الجزائر ميلاً واضحا للرئيس عبد المجيد تبون إلى الوزراء المستقلين، ووضع الأحزاب السياسية على هامش الحكومة وضمن وزارات محدودة الأهمية.

وعززت تشكيلة الحكومة الجديدة مزيداً من القلق السياسي إزاء الخيارات السياسية والاقتصادية للرئيس عبد المجيد تبون، خاصة وأن 17 وزيراً حافظوا على مناصبهم من مجموع 36 وزيراً في الحكومة،، بينهم وزراء تعرضوا لانتقادات سياسية وشعبية حادة بسبب إخفاقها في إدارة قطاعاتهم. 

وكان لافتاً استدعاء الرئيس تبون لوزراء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، على غرار وزير الخارجية رمضان لعمامرة الذي حاول إنقاذ نظام بوتفليقة باقتراحه للإشراف على ندوة وطنية كان مُقرر عقدها في صيف 2019، لكن الحراك الشعبي هاجم تلك الخطة وأحبطها. 

ويعتقد محللون أن شكل وطبيعة التشكيل الحكومي الجديد، يوحي بوجود صعوبات في مستويات ما لولادة هذه الحكومة، أو بمواجهة الرئيس تبون مقاومة ما داخل دواليب الحكم إزاء خيارات الوزارية، وقال محلل الشؤون السياسية والأستاذ الجامعي حسين دوحاجي إنه يعتقد أن "من هندس الحكومة يدفع إلى التيئيس على غرار ما حدث في المحطات السابقة مثل الدستور".

وتابع "أول ملاحظة هي أن أغلب الوزراء من خزانة إرشيف النظام، فضلاً عن عودة وزراء نظام بوتفليقة وأبرزهم لعمامرة الذي واجه به النظام الشرارة الأولى للحراك، ثم إن هناك  استبعاد صفة الحزبية عن الحكومة ينسف وعود الرئيس بالتغيير السياسي ويجعلها في مهب الريح، مما يزيد من منسوب اليأس والإحباط عند الشعب". 

 وأضاف أن "التفسير الوحيد في رأيي لطبيعة الحكومة الجديدة هو أن الرئيس حاول الهروب من مطلب الأغلبية التي فرضتها عليه طبيعة تشكيلة البرلمان، والتي حملت نفس الأحزاب التقليدية القديمة، لكنه وقع في مطب أسوء منه حين نسف وعوده المتمثلة بأن تعكس الحكومة الجديدة على التمثيل الشعبي الذي تفرزه التشريعيات".

وبرغم مطالبات الأحزاب الفائزة في الانتخابات بحكومة سياسية، أو تزاوج بين التمثيل السياسي الذي يناسب حجم ومستوي التمثيل في البرلمان، وبين الكفاءات التكنوقراطية، فإن الرئيس تبون، فضّل أن يبقى ضمن نفس خط الحكومات التقنوقراطية الصرفة، فمن مجموع 36 وزيراً، تشغل الأحزاب السياسية سبعة وزارات فقط، أغلبها محدودة الأهمية السياسية. 

وحصل حزب جبهة التحرير الوطني على وزارتين فقط؛ هي البيئة التي تشغلها سامية موالفي، ووزارة الصيد التي عُين فيها هشام صلواتشي، فيما حصل التجمع الوطني الديمقراطي على حقيبتي وزارة الثقافة التي تشغلها وفاء شعلال، ووزارة الشباب والرياضة التي يشغلها المدير السابق لديوان الحج والعمرة عبد الرزاق سبقاق.

 وحصلت جبهة المستقبل على وزارتين؛ هما الانتقال الطاقوي الذي يشغله بن عتو بن زيان، والعلاقة مع البرلمان التي بقيت تشغلها بسمة عزوار، فيما حصلت حركة البناء الوطني (إسلامي) على حقيبة واحدة فقط ،هي التكوين المهني التي يشغلها ياسين ميرابي.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، توفيق بوقاعدة، أن تشكيلة الحكومة المعلنة  تعكس غياب رؤية واستراتيجية واضحة لكيفية إدارة الجزائر في المرحلة القادمة، خاصة وأن مفاهيم القطيعة مع شخوص وممارسات الماضي لا تزال على مستوى الشعارات التي تكذبها الوقائع، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "لم نلحظ البعد السياسي الذي أفرزته الانتخابات التشريعية". 

وأضاف "توزيع الفتات على الأحزاب السياسية في وزارت ليست ذات أهمية يؤكد القاعدة التي تنتهجها السلطة منذ البدء، وهو أن الانتخابات للشعب والحكم للسلطة".

وتابع "الانتخابات التشريعية كانت مجرد حدث بلا معنى انتهى بمجرد تثبيت النتائج، والمبالغة في توصيف الحكومة بأنها حكومة التحديات الاقتصادية يكذبها طبيعة الشخصيات التي تم تعيينها في قطاعات مهمة مثل الطاقات المتجددة التي ترافع السلطة من أجل تقليص فاتورة الطاقة الأحفورية، التي يشغلها طبيب نفسي لا علاقة له بالقطاع".

المساهمون