الحرب تستعر في شرق أوكرانيا مع تقدم كييف خطوة جديدة نحو الاتحاد الأوروبي

18 يونيو 2022
زيلينسكي: شجاعة الأوكرانيين أوجدت الفرصة لأوروبا "لإنشاء تاريخ جديد" (Getty)
+ الخط -

مع احتدام الحرب في شرق أوكرانيا، تلقت كييف دفعة كبيرة عندما أوصى الاتحاد الأوروبي بأن تصبح مرشحة للانضمام إلى التكتل، ما سيكون تحولا جيوسياسيا مثيرا في أعقاب الغزو الروسي.

ومن المتوقع أن يصدق زعماء الاتحاد الأوروبي على توصيات اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي الخاصة بأوكرانيا ومولدوفا المجاورة، والتي تم الإعلان عنها يوم الجمعة، في قمة تعقد الأسبوع المقبل.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على "تويتر"، إن شجاعة الأوكرانيين أوجدت الفرصة لأوروبا "لإنشاء تاريخ جديد من الحرية وأن تزيل أخيرا المنطقة الرمادية في أوروبا الشرقية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا".

وفي خطابه المسائي على التلفزيون الوطني، قال زيلينسكي إن قرار الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي غير مؤكد بعد، لكنه أضاف: "يمكنك فقط تخيل قوة أوروبية قوية حقا، واستقلال أوروبي، وتطور أوروبي مع أوكرانيا".

وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قرار السلطة التنفيذية وهي ترتدي ملابس بلوني علم أوكرانيا الأصفر والأزرق، ثم أضافت: "الأوكرانيون مستعدون للموت من أجل المنظور الأوروبي. نريدهم أن يعيشوا معنا الحلم الأوروبي".

وانتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص، في خطاب حافل بالشكوى ألقاه في سان بطرسبرغ يوم الجمعة، لكنه سعى إلى التقليل من شأن قضية الاتحاد الأوروبي. وقال: "ليس لدينا شيء ضده..إنه ليس كتلة عسكرية. من حق أي دولة الانضمام إلى اتحاد اقتصادي".

ومع ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن روسيا تتابع عن كثب طلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة في ضوء زيادة التعاون الدفاعي بين التكتل المكون من 27 دولة.

وتقدمت أوكرانيا بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بعد أربعة أيام من تدفق القوات الروسية عبر حدودها في أواخر فبراير/ شباط. وانضمت إليها بعد أيام مولدوفا وجورجيا، وهما دولتان سوفييتيتان سابقتان أصغر حجما تتصارعان أيضا مع مناطق انفصالية تدعمها روسيا.

وعلى الرغم من أن ترشيح أوكرانيا ومولدوفا للانضمام إلى الاتحاد ليس سوى بداية لعملية قد تستغرق سنوات عديدة، إلا أنها تضع كييف على المسار الصحيح لتحقيق طموح كان من الممكن أن يكون بعيدا عن متناولها قبل أشهر فقط.

وكان أحد أهداف بوتين المعلنة، في شن غزو أسفر عن سقوط آلاف القتلى وتدمير مدن ودفع ملايين إلى الفرار، هو وقف توسع الغرب شرقا من خلال حلف الأطلسي العسكري.

لكن إعلان يوم الجمعة أكد كيف كان للحرب تأثير معاكس وهو إقناع فنلندا والسويد بالانضمام إلى حلف الأطلسي، والآن للاتحاد الأوروبي للشروع في التوسع المحتمل الأكثر طموحا منذ قبول دول أوروبا الشرقية بعد الحرب الباردة.

وندد بوتين في خطابه بالولايات المتحدة لاعتبار نفسها "ظل الله على الأرض"، وقال إن تعنت الغرب لم يترك لروسيا أي خيار سوى تنفيذ "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، كما تساءل عما إذا كان "من المستحسن" أن يسمح الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا بالانضمام، قائلا إن كييف ستحتاج إلى دعم اقتصادي ضخم قد لا يكون أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرون على استعداد لتقديمه.

ومما زاد من تأجيج المواجهة العالمية، بثت وسائل الإعلام الروسية صورا لشخصين قالت إنهما أميركيان تم أسرهما أثناء القتال لصالح أوكرانيا. وقال الرجلان في مقاطع فيديو منفصلة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي "إنهما ضد الحرب".

جيل ما بعد الحقبة السوفييتية

عضوية الاتحاد الأوروبي ليست مضمونة، فقد توقفت المحادثات لسنوات مع تركيا، المرشحة منذ عام 1999. وإذا تم قبول أوكرانيا، فسوف تكون أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث المساحة وخامس أكبر دولة من حيث عدد السكان.

وأوكرانيا ومولدوفا أفقر بكثير من أعضاء الاتحاد الأوروبي الحاليين، ولديهما تاريخ حديث من السياسات المضطربة والجريمة المنظمة والصراعات مع الانفصاليين المدعومين من روسيا، لكن الاتحاد يرى في زيلينسكي (44 عاما)، ومايا ساندو (50 عاما) زعيمين مواليين للغرب من جيل خارج حقبة الاتحاد السوفييتي.

وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، آخر شخصية أجنبية بارزة تزور كييف، حيث وصل يوم الجمعة في ثاني زيارة يقوم بها منذ بدء الحرب، وعرض توفير التدريب للقوات الأوكرانية. وقال جونسون إن بريطانيا ستقف إلى جانب الشعب الأوكراني "حتى تنتصروا في النهاية".

وفي مقال على الإنترنت في مجلة فورين بوليسي يوم الجمعة، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن الغرب يجب ألا "يقترح مبادرات سلام بشروط غير مقبولة"، في إشارة واضحة إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الشهر بأنه لا يجب إذلال روسيا إذا كان الحل الدبلوماسي ممكنا.

وكتب كوليبا أنه بدلا من ذلك، ينبغي على الغرب أن يساعد أوكرانيا على الفوز، ليس من خلال توفير الأسلحة الثقيلة فحسب ولكن من خلال استمرار العقوبات على موسكو وتشديدها.

وقال: "الغرب لا يستطيع تحمل أي متاعب جراء العقوبات، بغض النظر عن التكاليف الاقتصادية الأوسع.. من الواضح أن طريق بوتين إلى طاولة المفاوضات يكمن فقط من خلال الهزائم في ساحة المعركة".

وداخل أوكرانيا، تلقت القوات الروسية هزيمة في محاولة اقتحام كييف في مارس/ آذار، لكنها حولت بعد ذلك تركيزها على منطقة دونباس في الشرق والتي تطالب بالسيادة عليها للانفصاليين الموالين لها، واستخدمت قوتها المدفعية لشق طريقها إلى المدن في مرحلة استنزاف قاسية من الحرب.

وقال حاكم منطقة دونيتسك في دونباس، بافلو كيريلينكو، في منشور على تيليغرام إن أربعة مدنيين قتلوا وأُصيب ستة في قصف يوم الجمعة.

وقال مسؤولون أوكرانيون إن قواتهم لا تزال صامدة في سيفيرودونيتسك بإقليم لوغانسك المجاور والتي شهدت أسوأ قتال في الآونة الأخيرة، لكن من المستحيل إجلاء أكثر من 500 مدني محاصرين في مصنع كيميائيات بسبب القصف والقتال العنيف.

وقال حاكم لوغانسك سيرهي جايداي، إن الطريق السريع الرئيسي خارج ليسيتشانسك المدينة التوأم لسيفيرودونيتسك أصبح لا يمكن السير فيه الآن بسبب القصف الروسي.

وفي الجنوب، شنت أوكرانيا هجوما مضادا وادعت أنها حققت اختراقات في مناطق احتلتها روسيا.

(رويترز)