الجيش الجزائري يعلن حياده في الانتخابات النيابية المقررة السبت المقبل

09 يونيو 2021
يسمح القانون الجزائري لأفراد الجيش بالاقتراع في المراكز المسجلين فيها (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت قيادة الجيش الجزائري حياد المؤسسة العسكرية التام في الانتخابات النيابية المبكرة، المقررة السبت المقبل، وبقاءها على مسافة واحدة من كل الأحزاب والقوى السياسية المتنافسة، وهاجمت تنظيمات سياسية جزائرية كان مجلس الأمن القومي قد صنّفها في منتصف شهر مايو/أيار الماضي كتنظيمات إرهابية. 

ونشرت مجلة الجيش، لسان حال وزارة الدفاع، افتتاحية، اليوم الأربعاء، أكدت فيها أنّ "الجيش ينأى عن التدخل في أي مسار انتخابي، إلا إذا كان ذلك من أجل توفير الظروف المواتية التي من شأنها ضمان سيره في أمن وطمأنينة للسماح لشعبنا بالتعبير بكل حرية وشفافية عن اختياره الحر لمن يمثله في السلطة التشريعية دون ضغط أو إكراه".

وأضافت أنه "وما عدا ذلك، فالجيش يرفض أن يُجر إلى اللعبة التي يمارسها أولئك الذين تاهت بهم السبل، بالإضافة إلى أنه يأبى أيضاً أن يكون مطية يتخذها الذين بفشلهم في تعبئة الجماهير وكسب ثقتها يبحثون دون جدوى عن مبررات لإخفاقهم وخيباتهم".

وشددت على أنّ المؤسسة العسكرية "تصرّ على رفع كل لبس يعمد إليه البعض، وتذكر أصحاب الذاكرة الانتقائية أن الجيش جيش جمهوري وسيبقى كذلك بصفة لا رجعة فيها، والجيش يتولى مهامه الدستورية وفق ما تقتضيه قوانين الجمهورية بروح الالتزام والاستعداد الدائم للدفاع عن سيادة الجزائر".

ولفتت إلى أن أفراد الجيش سيشاركون في أداء واجبهم الوطني "من خلال الإدلاء بأصواتهم بكل حرية وشفافية".

ويسمح القانون الجزائري لأفراد الجيش بالإدلاء بأصواتهم في مراكز الاقتراع المسجلين فيها، كما يمكنهم إحالة وكالات لأفراد عائلاتهم أو من ينوب عنهم للتصويت مكانهم، ويتم في الغالب تصويتهم في وقت مبكر من يوم الاقتراع العام، للتفرغ لمهام تأمين مقار ومكاتب التصويت وباقي العمليات الأمنية.

وكان جنود الجيش ينتخبون داخل مكاتب، خاصة في الثكنات، بسبب الظروف الأمنية للبلاد في التسعينيات، لكن قوى المعارضة ظلت تضغط إلى أن تم تعديل قانون الانتخابات عام 2007، حين تم إلغاء المكاتب الخاصة وبات تصويتهم في مكاتب الاقتراع العامة.

ومع كل استحقاق انتخابي، تعيد قيادة الجيش الجزائري إصدار مواقف تبرز فيها حيادية المؤسسة العسكرية في الانتخابات، خاصة في الانتخابات النيابية والرئاسية، لكن قطاعاً واسعاً من الجزائريين يعتقدون أنّ الجيش لم يكن صادقاً في مواقفه السابقة بهذا الشأن، غير أنّ الموقف هذه المرة قد يبدو مختلفاً بسبب الأوضاع المغايرة ما بعد الحراك الشعبي، ووجود اللجنة المستقلة للانتخابات والالتزامات السياسية التي أعلنها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن الضمان الكامل لشفافية ونزاهة الانتخابات النيابية.

وكان الرئيس تبون قد أكد، في حوار بثته قناة "الجزيرة"، أمس الثلاثاء، أنّ الجيش انسحب من المشهد السياسي منذ سنوات قبل عام 2009، ولم يعد له شأن بالسياسة، وأن الجيش ملتزم بمهامه الدستورية ويؤدي وظيفته الأساسية في الحفاظ على أمن البلاد وحدودها.    

وفي سياق آخر، وصفت مجلة الجيش حركتي "رشاد" و"الماك" (تطالب بانفصال منطقة القبائل)، بأنهما "جزء من التنظيمات الإرهابية على غرار "بوكو حرام وتنظيم داعش وقبلها الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، كما لا تختلفان عن تنظيمات المرابطون أو جند الخلافة أو الجماعة السلفية للدعوة والقتال، بل هما وجه لعملة واحدة، في حين أن الفرق الوحيد هو التغيير في أدوات العمل واستغلال وسائل جديدة على غرار منصات التواصل الاجتماعي". 

وأضافت أنّ "رهان الحركتين فاشل"، واعتبرت أنّ "الجزائريين لن يُلدغوا من الجحر نفسه مرتين، فلقد اكتوى الشعب بنار تجار الدين وخيانة سماسرة التقسيم، وليسوا مستعدين اليوم لتضييع سنوات أخرى في الاستماع إليهم".

و"الماك" هي حركة استقلال القبائل (ذات الغالبية من السكان الأمازيغ)، وتعرف اختصاراً بتلك التسمية، ويقودها المغني والمناضل السابق في الحركة الأمازيغية و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" فرحات مهني، وتطور مطلب هذه الحركة من الحكم الذاتي إلى الانفصال الكامل لمنطقة القبائل، وتحظى ببعض الأنصار في مدن منطقة القبائل.

وزعمت هذه الحركة تشكيل حكومة منفى، وتصف الشرطة الجزائرية بشرطة احتلال، وأُصدرت بدعم من إسرائيل، التي زارها فرحات مهني، جوازات سفر لقادتها.

أما حركة "رشاد" فقد أسسها ناشطون ومعارضون وقيادات سابقة في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" (محظورة منذ عام 1992)، يقيمون في الخارج، أبرزهم مراد دهينة ويحيى مخيوبة، إضافة إلى بعض الناشطين البارزين على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وتحظى هذه الحركة بدعم قناة تبث من لندن (المغاربية). ونجحت هذه الحركة في استقطاب عدد كبير من الناشطين والقادة السابقين لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، وتقف وراء الشعارات المثيرة للجدل، المتعلقة بمهاجمة الجيش وجهاز المخابرات، وتصفه بـ"المخابرات الإرهابية".

المساهمون