الجنوب السوري... فوضى أمنية يرعاها النظام لمنع أي حراك

26 يوليو 2022
لم تستقر الأوضاع الأمنية في درعا (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -

من جديد، يعود الجنوب السوري مسرحاً للفوضى الأمنية التي يرعاها النظام، والتي يضعها البعض في سياق منع أي حراك احتجاجي ضده.

وجدد النظام التهديد باقتحام بلدات في محافظة درعا بحجة وجود مطلوبين لأجهزته الأمنية فيها، في وقت كانت فيه محافظة السويداء تعيش على وقع أزمة مخطوفين تفجرت خلال الأيام الماضية، قبل انفراجها أمس الإثنين بعد إفراج مجموعة تعمل تحت إشراف جهاز الأمن العسكري التابع للنظام عن غالبية المخطوفين.

اختطاف في السويداء

وكانت مليشيا محلية تابعة لراجي فلحوط، وتُتهم بأنها تُدار من الأجهزة الأمنية في محافظة السويداء، قد اختطفت منذ أيام العشرات من آل الطويل ومن عائلات أخرى من بلدة شهبا، بذريعة تلقي أحد أفراد آل الطويل تمويلاً من الخارج، وتبعيته لحزب "اللواء السوري" المعارض. إلا أن مصدراً في عائلة الطويل رفض هذه الاتهامات، قائلاً إن "أبناءنا ليسوا بحاجة تمويل من أحد، ولا يتبعون لأي حزب"، وفق شبكات إخبارية محلية.

اختطفت مليشيا محلية العشرات من بلدة شبها ما دفع الأهالي للتحرك وقطع طريق رئيسي

وفجّرت عمليات الاختطاف غضباً واستياء شعبياً في بلدة شهبا، ما دفع الأهالي إلى قطع الطريق الأهم في المحافظة والذي يربطها مع العاصمة دمشق، واحتجاز أربعة ضباط من الأجهزة الأمنية والجيش، حتى إطلاق سراح المخطوفين.

وتدخّلت فعاليات أهلية ودينية لنزع فتيل الأزمة التي كادت أن تهدد السلم الأهلي في المحافظة التي يشكّل الدروز غالبية سكانها وتعاني من فوضى أمنية، إذ تتحكّم مجموعات تابعة للأجهزة الأمنية بالقرار.

وذكرت شبكات إخبارية محلية أنه تم أمس الإثنين فتح طريق دمشق - السويداء، بعد إطلاق سراح غالبية المخطوفين، من أهالي مدينة شهبا، من قبل مجموعة فلحوط. وذكرت شبكة "السويداء 24" أن "الشاب جاد الطويل الذي فجّرت عملية خطفه الأزمة، ما زال محتجزاً"، مشيرة إلى أن عائلته حصلت على تعهد بإطلاق سراحه أمس الإثنين، بعد إعادة الحركة على طريق العاصمة.

وفي سياق الفوضى في المحافظة، ذكرت مصادر محلية أن شاباً قُتل في وقت متأخر من ليل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار، قرب دوار العمران، في مدينة السويداء، وهو ما يضعه البعض كتأكيد لتعمّد النظام نشر الفوضى في المحافظة للحيلولة دون تجدد الاحتجاجات المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية.

ورأى الصحافي ريّان معروف (وهو من أبناء محافظة السويداء) في حديث مع "العربي الجديد"، أن "النظام السوري يدير الفوضى في محافظة السويداء بطريقة منظّمة"، مضيفاً: "يريد صرف الأنظار عن فشله في تحقيق أي تحسن على الأوضاع المعيشية والخدمية".

وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية والمجموعات المحلية التابعة لها "فشلت في كسر إرادة الشباب في بلدة شهبا"، موضحاً أن "مشايخ العقل في الطائفة ليست لديهم سلطة عسكرية أو قوة أمر واقع، ولا تصدر عنهم أي قرارات تصعيدية، وإنما يرتبط دورهم في الغالب بالتهدئة ووأد الخلافات"، وفق معروف.

ومنذ سنوات تشهد محافظة السويداء، المحاذية للحدود السورية الأردنية، حركات احتجاج على سوء الأوضاع الاقتصادية والتي تدفع الشبان إلى الهجرة.

ويعتمد النظام على مجموعات محلية لضبط الشارع، ما أدى إلى حدوث فلتان أمني وعمليات خطف في المحافظة ذات الموارد الاقتصادية المحدودة، ما يجبر الأهالي على البحث عن وسائل للدفاع عن أنفسهم. وتنشط في محافظة السويداء تجارة المخدرات وتهريبها إلى الأردن من خلال جهات تابعة للإيرانيين، وهو ما يسبب قلقاً لدى الأردنيين الذين لطالما حذروا من وجود مليشيات إيرانية في الجنوب السوري.

النظام السوري يهدد باقتحام درعا

على صعيد آخر، جدد النظام السوري وعيده باقتحام مدن وبلدات في محافظة درعا في جنوب البلاد بحجة القبض على مطلوبين للأجهزة الأمنية.

واجتمعت أمس الأول الأحد اللجنة الأمنية التابعة للنظام في محافظة درعا مع وجهاء من قرى بلدات طفس واليادودة وجاسم، في صالة الملعب البلدي في مدينة درعا، للمطالبة بتسليم أو ترحيل مطلوبين باتجاه الشمال السوري.

هدد النظام بعملية عسكرية وشيكة في بلدات درعا في حال لم يتم تسليم مطلوبين له

وذكر تجمع "أحرار حوران"، وهو مؤسسة إعلامية تنقل أحداث الجنوب، أن "رئيس اللجنة الأمنية هدد بعملية عسكرية وشيكة في حال لم يتم تسليم مطلوبين للنظام خلال مدة أقصاها 48 ساعة".

وأشار التجمع إلى أن النظام هدد باستخدام الطيران والمدفعية الثقيلة، ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، وتنفيذ عمليات تعفيش لمنازل القرى والبلدات. وكانت دورية تابعة لفرع الأمن العسكري قد اقتحمت قبل أيام بلدة اليادودة، واشتبكت مع مقاتلين معارضين، ما أسفر عن وقوع جرحى في صفوف الطرفين.

وأجرى النظام العام الماضي عمليات تسوية في محافظة درعا على أساس رؤية روسية للحل في جنوب سورية تقوم على سحب السلاح الفردي و"تسوية" أوضاع المسلحين والمطلوبين للأجهزة الأمنية والمنشقين عن قوات النظام. لكن الأوضاع الأمنية لم تستقر في المحافظة، التي تشهد منذ عام 2018، تاريخ استعادة النظام السيطرة على الجنوب السوري، عمليات اغتيال واسعة النطاق تطاول أفراداً تابعين للنظام أو شخصيات كانت ضمن فصائل المعارضة أو معارضة للنظام.

وفي هذا الصدد، أشار الناشط الإعلامي يوسف المصلح، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى مقتل ضابط برتبة نقيب في قوات النظام أمس الإثنين بعبوة ناسفة في حي الصحافة غربي مدينة درعا، موضحاً أن القتيل من مرتبات اللواء 132 التابع للفرقة الخامسة.

كما بيّن المصلح أن عمليات الاغتيال تحدث بشكل شبه يومي في مدن وبلدات محافظة درعا بحق معارضين للنظام من جهة، وبحق المتعاونين مع النظام والمليشيات الإيرانية من جهة أخرى. وتابع: "الفلتان الأمني مستمر في محافظة درعا منذ استعادة النظام والمليشيات الإيرانية السيطرة عليها".

وحول قدرة النظام على تنفيذ تهديده باقتحام بلدات في درعا، أشار المصلح إلى أن النظام "يعتمد على مليشيات هدفها القتل والقصف والتعفيش".

المساهمون