الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت الأربعاء على مشروع قرار حول أوكرانيا

21 مارس 2022
التصويت الثاني في الجمعية العامة منذ بدء الغزو الروسي (Getty)
+ الخط -

من المتوقع أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة غداً الأربعاء، على إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، ومطالبة موسكو مرة أخرى بوقف القتال وسحب قواتها والسماح بوصول المساعدات إلى المدنيين.

وستكون هذه هي المرة الثانية التي يصوت فيها أعضاء الجمعية العامة، البالغ عددهم 193 عضواً، على قرار يخص الأزمة الأوكرانية.

وكانت فرنسا والمكسيك قد قادتا مجهودات ومباحثات حول مسودة المشروع المتعلقة بالأوضاع الإنسانية وتقديم المساعدات والمطالبة بوقف للأعمال العدائية الروسية والتي من المفترض التصويت عليها غدًا الأربعاء، لكن جنوب أفريقيا وزعت على الدول الأعضاء في الجمعية العامة مسودة صاغتها حول ذات الأمر، مما قد يؤدي إلى شرخ في الموقف الدولي الذي شجب العدوان الروسي في قراره الذي تبنته الجمعية العامة مطلع الشهر.

وقال مصدر دبلوماسي غربي رفيع المستوى لـ"العربي الجديد" في نيويورك: "علينا الآن أن نرى كيف يمكن التعامل بعد توزيع جنوب أفريقيا لمسودة قرار جديدة، لأن هذا يضع علامة سؤال حول مصير المسودة الفرنسية المكسيكية والتأييد الكبير الذي رغبنا بأن يحصل عليه النص الإنساني، أسوة بالقرار المتعلق بشجب العدوان الروسي والذي تبنته الجمعية العامة بداية الشهر".

ومن غير الواضح (حتى اللحظة) إذا كانت جنوب أفريقيا ستقدم المسودة للتصويت عليها في الجمعية العامة، حيث إنها اكتفت بتوزيعها حالياً دون أن تقدمها رسمياً للجمعية العامة.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت في الـ2 من الشهر الحالي قرارا يشجب العدوان الروسي على أوكرانيا، بعد فشل تبنيه في مجلس الأمن الدولي بسبب "الفيتو" الروسي. وحصل القرار على تأييد 141 دولة، وهي أغلبية لا يستهان بها وخاصة أن الدول التي عارضته كانت خمساً فقط، وهي روسيا وسورية وكوريا الشمالية وبيلاروسيا وإريتريا، فيما امتنعت 35 دولة عن التصويت.

يذكر أن هناك 193 دولة عضواً في الجمعية العامة. ولكل دولة صوت واحد ولا يوجد "فيتو"، كما هو الحال في مجلس الأمن. كما أن القرارات التي يتم تبنيها تحت بند "متحدون من أجل السلام"، كما هو الحال في القرار آنف الذكر، تحتاج لأغلبية الثلثين من عدد الأصوات التي صوتت بنعم أو لا، كما لا تحسب أصوات الدول التي امتنعت عن التصويت.

ومن اللافت أن كثيراً من الدول التي امتنعت عن التصويت كانت دولاً أفريقية من بينها جنوب أفريقيا، إلا أن حصول القرار على تأييد 141 دولة اعتبر انتصاراً للدبلوماسية الأميركية والغربية.  

وعلى الرغم من أن قرار الجمعية العامة آنف الذكر ينص على لغة تتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية، إلا أن الدول الغربية في مجلس الأمن، بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أرادت أن تعزل روسيا مجدداً وتزيد الضغط عليها.

وعمل كلٌّ من فرنسا والمكسيك على صياغة مشروع قرار إنساني لتقديمه والتصويت عليه في مجلس الأمن، لكن الجهود داخل مجلس الأمن بدت متعثرة، حيث أصرت المكسيك ودول أخرى على أن القرار حول الوضع الإنساني يجب "ألا يكون مسيساً" وأن يركز على الجانب الإنساني. ورأى البعض في هذا السياق أنه من الضروري ألا يذكر روسيا بالاسم.

وكان السفير المكسيكي للمجلس خوان رامون راميرز، قد صرح لـ"العربي الجديد" خلال تلك المباحثات، بضرورة أن يكون "الهدف إنسانياً مائة بالمائة. أعتقد أن هذا مهم جداً. وبالطبع، نحتاج إلى معرفة المزيد عما يحدث على الأرض. سنحاول توخي الحذر في اللغة بحيث تكون مقبولة للجميع، ولكن في الوقت نفسه نحقق الغرض من مشروع القرار، وهو توفير كل السبل للحصول على المساعدات الإنسانية قريباً".

وقررت فرنسا والمكسيك قبل نحو أسبوع تحويل طرح المشروع للتصويت على الجمعية العامة بدلا من مجلس الأمن لتفادي "الفيتو" الروسي، بحسب تصريحات رسمية لسفراء البلدين. ثم قررت روسيا أن تقدم مشروع قرار خاصا بها حول الوضع الإنساني في مجلس الأمن دون أن يذكرها بالاسم، لكنها سحبت المشروع بعدما كان واضحا أن 13 دولة في مجلس الأمن ستعارضه وأن حليفتها الصين ستمتنع عن التصويت، بحسب مصدر دبلوماسي غربي.

وقامت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بمجهودات مكثفة لمحاولة حث الدول التي امتنعت عن التصويت على القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ويشجب العدوان الروسي، من أجل أن تصويت لصالح مشروعها المتعلق بالمساعدات الإنسانية.

كما عملت على محاولة الإبقاء على نفس الدعم والحصول على 141 صوتاً مؤيداً للمشروع الإنساني. لكن يبدو أن هناك شرخا في تلك الدبلوماسية، إذا بات من غير الواضح إن كان مشروع القرار الإنساني سيحصل على نفس الدعم، وهذا ما عبّر عنه مصدر دبلوماسي غربي آخر رفيع المستوى، لـ"العربي الجديد" في نيويورك حتى قبل أن توزع جنوب أفريقيا مسودتها.

ومن المرجح أن يتم التصويت على المسودة الفرنسية المكسيكية الأربعاء، وما زال من غير الواضح ما إذا كانت الدول الغربية ستخفف من لغتها لكي تتمكن من الحصول على تأييد بعض الدول المترددة، ناهيك بأن توزيع جنوب أفريقيا لمسودة مشروع آخر يزيد المباحثات تعقيدا.

ومن أهم ما جاء في مسودة المشروع الفرنسي المكسيكي، التأكيد على ضرورة تنفيذ قرار الجمعية العامة الذي تم تبنيه في الـ 2 من مارس/آذار تحت عنوان "العدوان على أوكرانيا". وتطالب المسودة "الاتحاد الروسي بوقف فوري للأعمال العدائية ضد أوكرانيا وأي هجمات ضد مواقع مدنية، وعلى ضرورة حماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني، ويؤكد كذلك على وحدة الأراضي الأوكرانية".

ويدعو مشروع القرار أيضاً إلى إنهاء حصار المدن الأوكرانية ولا سيما ماريوبول. كما يدين انتهاكات حقوق الإنسان ويشدد على ضرورة ممرات أمنة وغيرها من البنود المتعلقة بالوضع الإنساني وتأمين المساعدات الإنسانية. 

وبدا لافتاً في المسودة التي وزعتها جنوب أفريقيا عدم ذكر روسيا بالاسم مع الاكتفاء بالإشارة لـ "الصراع في أوكرانيا". وتحدثت المسودة عن ضرورة وقف الأعمال العدائية كخطوة أولى للتباحث، كما تحدثت عن العمليات الإنسانية وحماية العاملين في المجال الإنساني، دون الإشارة إلى حصار المدن بما في ذلك حصار ماريوبول.

المساهمون