الجمعية العامة للأمم المتحدة ترفض طلب روسيا إجراء اقتراع سري حول أوكرانيا

11 أكتوبر 2022
يُنتظر أن يجري التصويت على القرار الأربعاء (اندريا رينو/فرانس برس)
+ الخط -

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الإثنين، برفض طلب روسيا إجراء اقتراع سري في الجمعية التي تضم 193 عضوا في وقت لاحق هذا الأسبوع، بشأن ما إذا كانت ستندد بتحرك موسكو لضم أربع مناطق محتلة جزئيا في أوكرانيا.

وقررت الجمعية العامة بموافقة 107 أعضاء عقد تصويت علني، وليس اقتراعاً سرياً، على مشروع قرار يندد "بالاستفتاءات المزعومة غير القانونية" و"المحاولة غير القانونية لضم أراض".

وقال دبلوماسيون إن التصويت على مشروع القرار الذي قدمته ألبانيا وأوكرانيا سيُعقد على الأرجح يوم الأربعاء. وجاء ذلك بعدما فشل مجلس الأمن الدولي قبل أكثر من أسبوع في تبني قرار مشابه، أميركي – ألباني، بسبب استخدام روسيا لـ "حق النقض" (الفيتو) مما حال دون تبنيه، حيث كان مشروع القرار قد حصل على تأييد عشر دول، فيما امتنعت أربع عن التصويت وهي البرازيل والغابون والصين والهند.

وشهد اجتماع الجمعية العامة توترا وانتقادات شديدة اللهجة واعتراضات روسية على طريقة إدارة رئيس الجمعية، كسابا كوروشي، للاجتماع، متهمة إياه بالانحياز (للدول الغربية) وعدم الحيادية. وجاء ذلك في سياق اعتراض روسي على تصويت إجرائي (التصويت على كيفية التصويت) طلبته ألبانيا، بموجبه يتم تحديد التصويت على مشروع القرار وأنه سيكون بشكل علني وليس عن طريق اقتراع سري.

ويأتي الطلب الألباني في سياق رسالة كانت روسيا قد وزعتها قبل أيام على الدول الأعضاء في الجمعية العامة، تشير فيها إلى نيتها طلب التصويت على مشروع القرار بشكل سري. وتعد هذه الخطوة الروسية غير اعتيادية حيث تصوت الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشاريع القرارات بشكل علني، مما يتيح تسجيل مواقفها بشكل علني. وهذا الإجراء، أي التصويت بشكل علني، هو إجراء معتمد منذ تأسيسها قبل سبعة عقود، أما التصويت السري فهو في الغالب ما يعتمد في الانتخابات. لكن روسيا استندت في طلبها إلى رأي قانوني صادر عن مكتب الشؤون القانونية التابع للأمم المتحدة بتاريخ 2 ديسمبر/ كانون الأول لعام 1977.

وعللت روسيا طلبها بأنه يأتي بسبب "الضغوطات الكبيرة التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها على الدول الأعضاء ليختاروا بين من هو معهم أو ضدهم. ونتفهم أنه، وتحت ظروف من هذا النوع، قد يكون صعباً للغاية إذا ما تم التعبير عن المواقف بشكل علني".

وكان من المتوقع أن يتم التصويت على الطلب الروسي، الذي لم تقدمه روسيا رسميا، قبل الإعلان عن بدء عملية التصويت الفعلية على المشروع الألباني – الأوكراني. وفي العادة، في جلسات من هذا القبيل تبدأ الجمعية العامة المداولات وتستمع إلى إحاطات الدول ومواقفها من مشروع القرار المطروح وبعدها (قد يستغرق ذلك أياماً) تصوت على القرار وأي تفاصيل إجرائية متعلقة به.

وكان متوقعا أن يتم التصويت على مشروع القرار الأربعاء بعد المداولات والمداخلات. لكن ألبانيا فاجأت، على ما يبدو الجانب الروسي حتى بخطوة غير اعتيادية عندما طلبت بداية الجلسة، وقبل بدء المداولات، أن تصوت الجمعية العامة على أن يكون التصويت علنياً. وقالت مندوبة ألبانيا ونائبة السفير الألباني، ألبانا دوتلاري، في هذا السياق: "ما من سابقة في الجمعية العامة حول استخدام الاقتراع السري في سياق الأمن والسلم الدوليين (وهو السياق الذي تعقد تحته الجلسة الاستثنائية ويقدم مشروع القرار للتصويت)".

وخلصت إلى أنه "يجب ألا نؤسس لسوابق خطيرة من هذا النوع. وهذا الطلب (الروسي) غير مبرر. التصويت بالاقتراع السري على قرار للجمعية العامة يخالف السوابق". وحصل طلب المندوبة الألبانية، أي التأكيد على التصويت المسجل (العلني) وليس السري، على تأييد 107 دول ومعارضة 13، من أصل 193 دولة عضوا في الجمعية العامة وامتنعت أو لم تصوت بقية الدول.

من جهته، طعن المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، بالإجراء وموافقة رئيس الجمعية العامة على طلب المندوبة الألبانية والتصويت قبل حتى أن تبدأ المداولات أو قبل أن تضع بلاده اقتراحها بالتصويت السري للاقتراع. وقال موجها كلامه لرئيس الجمعية العامة: "الاتحاد الروسي لم يثر الموضوع بعد وكنا ننوي فعل هذا قبل اعتماد القرار (وليس قبل بدء المداولات)". وطعن المندوب الروسي لاحقا في قرار رئيس الجمعية العامة ووصف التصويت "بعملية غش اشترك فيها رئيس الجمعية (العامة للأمم المتحدة)... وهو تلاعب غير مسبوق. ولم نصوت على المشروع ونؤكد اعتراضنا بأقوى العبارات على الانتهاك لنظام العمل (داخل الجمعية العامة). ممثلة ألبانيا في حديثها أشارت إلى اقتراح لم نقدمه أصلا".

وشهدت الجمعية تصويتين إضافيين حيث طعنت روسيا بالتصويت حول طلب المندوبة الألبانية، ولكن صوتت مجددا أغلب الدول ضد طلبها. ورأت دول غربية الخطوات الروسية والاعتراضات خلال الجلسة بأنها تهدف إلى "عرقلة مجريات الجلسة". ووصف المندوب الروسي الإجراءات بأنها غير اعتيادية وتهدف إلى إسكات صوت بلاده وإتاحة مجال أكبر للدول الغربية لممارسة ضغوط أكبر على الدول الأعضاء للتصويت لصالح القرار عن طريق التصويت المسجل (العلني).

يذكر أن الجمعية العامة ستستمر في مداولاتها والاستماع إلى إحاطات الدول ومواقفها من الوضع في أوكرانيا خلال الأيام القادمة ومن المتوقع أن يتم التصويت الفعلي على مشروع القرار نفسه يوم الأربعاء. ومن أبرز ما جاء في مشروع القرار إدانة "الجمعية العامة قيام الاتحاد الروسي بتنظيم استفتاءات مزعومة غير قانونية في مناطق تقع داخل حدود أوكرانيا المعترف بها دوليا ومحاولة ضم مناطق خيرسون ودونيتسك وزابوريجيا ولوغانسك الأوكرانية بصورة غير مشروعة في أعقاب تنظيم الاستفتاءات آنفة الذكر".

كما يرى مشروع القرار أن الإجراءات الروسية في هذا السياق "لا صحة لها بموجب القانون الدولي ولا تشكل أساسا لأي تغيير في مركز هذه المناطق الأوكرانية". ويطالب مشروع القرار الاتحاد الروسي بالتراجع فورا ودون قيد أو شرط عن قراريه في هذا الشأن "وأن يسحب فورا وبشكل كامل وغير مشروط جميع قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا الواقعة داخل حدودها المعترف بها دوليا". ومن المتوقع أن تتمكن الجمعية العامة من تبني القرار حيث يحتاج إلى تأييد ثلثي الدول المصوتة بنعم أو لا، ولا تحسب من تلك النسبة أصوات الدول التي تمتنع أو لا تصوت بتاتا.

وتعكس التحركات في الأمم المتحدة، وفق وكالة "رويترز"، ما حدث في عام 2014 بعدما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية. واستخدمت روسيا حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يعارض الاستفتاء على وضع شبه الجزيرة ويحث الدول على عدم الاعتراف به.

ثم تبنت الجمعية العامة قرارا يعلن بطلان الاستفتاء بأغلبية 100 صوت مقابل 11 وامتناع 58 رسميا عن التصويت، بينما لم تشارك 24 دولة.