أصدرت السلطات الجزائرية، يوم الأحد، بياناً توضيحياً حول مقتل مغربيين داخل المياه الإقليمية الجزائرية، الثلاثاء الماضي، قائلةً إن الضحيتين "رفضا الاستجابة لتحذير الحرس البحري"، فيما دان المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب "استعمال الرصاص الحي باتجاه مواطنين عزل"، واعتبر مقتل الشابين "انتهاكاً تعسفياً للحق في الحياة".
الجزائر: لم يستجيبوا للتحذير
وأفاد بيان لوزارة الدفاع الجزائرية بأن وحدة من حرس السواحل تابعة للواجهة البحرية الغربية اعترضت دراجات مائية "اخترقت مياهنا الإقليمية بعد إطلاق تحذير صوتي وأمرتهم بالتوقف عدة مرات"، مضيفاً أن إطلاق التحذير الصوتي "قوبل بالرفض، بل وقيام أصحاب الدراجات المائية بمناورات خطيرة".
وجاء في البيان: "بالنظر إلى أن هذه المنطقة البحرية الحدودية تعرف نشاطاً مكثفاً لعصابات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، وأمام تعنت أصحاب هذه الدراجات المائية، أطلق أفراد حرس السواحل عيارات نارية تحذيرية، وبعد عدة محاولات تم اللجوء إلى إطلاق النار على دراجة مائية، مما أدى إلى توقف سائقها، فيما قام شخصان آخران بالفرار".
وكشف البيان عن أن دورية أخرى لحرس السواحل انتشلت، بعد يوم واحد من الحادثة (الأربعاء الماضي)، جثة مجهولة الهوية مصابة بطلق ناري جرى تحويلها إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى تلمسان، غربي الجزائر.
المغرب: قتل الشابين حرمانٌ تعسفي من الحق في الحياة
وفي أول تعليق رسمي، دان المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب (مؤسسة حكومية )، ليل الأحد، "استعمال الرصاص الحي (..) باتجاه مواطنين عزل"، وقال إنه "عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، تم استعمال الرصاص من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية"، في "انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وتساءل المجلس، في بيان له، عن "أسباب لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين، لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة"، وأكد أن "ما تعرض له الضحايا يُعد انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان وحرماناً تعسفياً من الحق في الحياة، وهو حق مطلق، تتوجب حمايته، مهما كانت الظروف والأسباب والملابسات والحيثيات، خاصة أن الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها".
وذكرت الهيئة المغربية الرسمية أن "إنقاذ حياة إنسان في البحر يُعتبر مبدأ أساسيا في القانون الدولي لا يحتمل التقييد ويسمو على جميع الاعتبارات الأخرى"، معتبرة أن الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية يعد "انتهاكا خطيرا للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار، لا سيما منها مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر المعتمدة".
وشدد المجلس على الحق المشروع لأسرة الشاب عبد العالي مشيور في استلام جثمانه، "حتى يتسنى لأسرته إكرامه ودفنه وفق العادات الاجتماعية والثقافية بالمغرب"، مبديا، في المقابل، استغرابه "السرعة التي طبعت محاكمة إسماعيل الصنابي، الذي تقررت إدانته بثمانية عشر شهرا"، ومؤكدا "مشروعية مطالب أسرته الداعية إلى إطلاق سراحه وتسليمه للسلطات المغربية".
من جهة أخرى، كشف عن أنه راسل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر من أجل العمل على تمتيع الشاب إسماعيل الصنابي، الموجود رهن الاعتقال بالجزائر، بـ"كافة ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية، والسماح لملاحظين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية".
وكانت وسائل إعلام مغربية قد أفادت بأن أربعة شبان مغاربة، يحملون الجنسية الفرنسية، بينما يحمل الخامس أوراق الإقامة، كانوا في رحلة ترفيهية من شاطئ السعيدية شرق البلاد، الثلاثاء الماضي، قبل أن يطلق حرس الحدود الجزائري النار عليهم، بعدما "ضلّوا الطريق، ودخلوا المياه الإقليمية الجزائرية بالخطأ"، بحسب الناجي محمد كيسي.
وانتشلت السلطات المغربية جثة واحدة لأحد القتيلين، بينما قال كيسي، لوسائل إعلام محلية، إن الجثة الثانية أخذتها السلطات الجزائرية، ولم تسلمها بعد، بينما تمّ إلقاء القبض على شاب آخر.
وكانت النيابة العامة في المغرب فتحت تحقيقاً قضائياً في ظروف وملابسات مصرع الشابين المغربيين، الثلاثاء الماضي، برصاص خفر السواحل الجزائري بعرض البحر قريباً من منطقة السعيدية المتاخمة للحدود الجزائرية.
بدورها، أكدت فرنسا، الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا".
والحدود بين المغرب والجزائر مغلقة منذ عام 1994، وقطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في أغسطس/ آب من عام 2021، متهمة الرباط بارتكاب "أعمال عدائية"، في قرار اعتبره المغرب "غير مبرر على الإطلاق".