الجزائر... ملاحظات واجبة

10 يوليو 2024
تبون في الجزائر، مارس 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يؤخر إعلان ترشحه لولاية ثانية، مما يثير تساؤلات حول حيوية المسار الانتخابي ويعزز النظرة التقليدية للسلطة.
- تأخر الإعلان قد يُفسر كاستخدام للسلطة الاعتبارية، مما يحرم المشهد السياسي من النقاشات الضرورية ويقلل من الحماس الشعبي.
- المبررات المتعلقة بأجندة عمل الرئيس غير كافية، حيث أن التأخير يقلل من الحماس السياسي والشعبي تجاه الانتخابات الرئاسية في الجزائر.

لسبب أو لآخر تعمّد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تأخير إعلان ترشحه لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل، قبل أقل من عشرة أيام عن موعد انتهاء آجال إيداع ملفات الترشح (18 يوليو/تموز الحالي) وسحب وجمع التوقيعات المطلوبة (50 ألفاً من الناخبين أو 600 من المنتخبين أعضاء المجالس النيابية). قد يكون الرئيس مطمئناً بفعل الحزام السياسي الذي يدعمه، إلى توفر كامل الإمكانية لإنهاء هذه الإجراءات في ظرف قصير جداً، لكن هناك جملة من الملاحظات تبدو جديرة بالتسجيل في علاقة بتعامل الرئيس مع الاستحقاق الانتخابي.

على المستوى السياسي، لا يعطي تأخر الإعلان عن الترشح، رسالة إيجابية بشأن حيوية المسار الانتخابي في الجزائر، وإذا كان الرئيس تبون يحاول بفعل ذلك إعطاء الانطباع بتمتعه بالشعبية السياسية الكافية التي تسمح له بحسم التوقيعات وملف ترشحه سريعاً، فإنه يحرم في الوقت نفسه المشهد السياسي من حيوية تبدو ضرورية في مثل هذه الاستحقاقات، بل إنه بذلك يُبقي على نفس النظرة التقليدية للسلطة إزاء الانتخابات الرئاسية، كاستحقاق محسوم من حيث مآلاته، تعيد السلطة خلاله فحسب ترتيب صف الحلفاء والخصوم.

كان جديراً أن يضع الرئيس نفسه في النقطة عينها التي انطلق منها جميع المرشحين، ويظهر بالحد الأدنى بذله للجهد السياسي والتقني المطلوب كمرشح للرئاسة، على غرار باقي المرشحين في جمع التوقيعات المطلوبة وفي إدارة النقاشات المرتبطة بإدارة حملته الانتخابية وبرنامجه السياسي، لأن الحديث عن قطيعة سياسية مع ممارسات المراحل السابقة، لا يستقيم بهذه الصورة، بل إنه يعطي مؤشرات على أن فهم السلطة للاستحقاق الانتخابي لم يتغير، كونه نتاج فهم بالغ السوء للمسألة السياسية والمنافسة الديمقراطية بشكل أدق.

على المستوى الأدبي، وأياً كانت الدوافع والأسباب، والنيات حسنة أو غير ذلك، فإنه لا يمكن لوم أي أحد إذا ذهب في تفسير ذلك على أنه خطأ في التقدير تجاه النظراء المرشحين للرئاسة، أو أنه استخدام للسلطة الاعتبارية والتقديرية لمركز سياسي في استحقاق انتخابي، كان يفترض أن يتيح أكبر قدر ممكن من نقاشات أساسية، الجزائريون بحاجة إليها، ويسمح بتصدير وتجديد الساحة الجزائرية بوجوه ورؤى سياسية جديدة من الاتجاهات المختلفة.

ليست كافية المبررات التي تعتبر أن قرار الرئيس تبون تأخير إعلان ترشحه، متعلق بارتباطات وأجندة عمل الرئيس، أولاً لأنه لم يقع فعلياً من هذه الأجندة ما يفرض على الرئيس تأخير ذلك، خصوصاً أنه يستمر حتى وهو مرشح في القيام بواجباته الدستورية، وثانياً لأن هذا التأخير تجاوز من الناحية السياسية النقطة الزمنية الممكنة (أقل من عشرة أيام عن انتهاء الآجال)، وهذا قد يقلل الحماس السياسي والشعبي تجاه الانتخابات الرئاسية في الجزائر بشكل عام، في ظرف يتوجه المسعى العام لأن تكون الأمور خلاف ذلك.