شهدت شوارع العاصمة وعدة مدن جزائرية، اليوم الثلاثاء، تجدد مظاهرات الحراك الطلابي، والتي تأتي في أعقاب حملة اعتقالات شنتها الشرطة شملت توقيف 26 من الناشطين في الحراك الشعبي منذ يوم السبت الماضي تقرر إيداعهم السجن أمس الاثنين.
وتجمع الطلبة في نقطة الانطلاق المعتادة في ساحة الشهداء وسط العاصمة الجزائرية، حيث انطلقت المسيرة باتجاه شارع العربي بن مهيدي وصولا إلى ساحة الجامعة المركزية والبريد المركزي، وسط حضور وانتشار لافت لقوات الأمن والشرطة، بسبب توقعات بإمكانية حدوث توترات، على خلفية قرارات حبس الناشطين الموقوفين أمس.
وهتف المتظاهرون مطولا بالشعار المركزي للحراك الشعبي والمعلن منذ أولى المظاهرات في فبراير 2019، "تحيا الجزائر دولة مدنية، وليس عسكرية"، على الرغم من كل الجدل الذي أثاره في وقت سابق هذا الشعار.
وكما كان متوقعا احتلت قضايا الساعة مركزا رئيسا في الشعارات المكتوبة والمنطوقة في المظاهرة، خاصة ما يتعلق بقضايا التعذيب والقضايا المثارة مؤخرا بشأن إساءة التعامل مع الناشطين الموقوفين في مراكز الشرطة والأمن، ورفعت صور الناشطين المعتقلين وأبرزهم الشاعر محمد تاجدايت ومليك رياحي وصهيب دباغي وغيرهم، كما رفعت لافتات كتب عليها "أوقفوا الاغتصاب، أوقفوا الاحتجاز" و"أطلقوا سراح المساجين".
وقال الناشط في الحراك الطلابي عمر مرين إن الاعتقالات الأخيرة "لا يمكن أن تمنع الطلبة عن الاستمرار في الحراك والتظاهر حتى تحقيق المطالب الديمقراطية"، مشيرا إلى أن السلطة "تحاول في الفترة الأخيرة ومع قرب موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو المقبل تخويف الناشطين لتمرير مشروع الانتخابات التي يصفها الطلبة والحراك بالمسرحية السياسية".
وتساءل مرين "كيف يمكن أن تفسر السلطة والقضاء للجزائريين اعتقال وحبس طالب جامعي أو ناشط لمجرد ممارسته حقه في التظاهر، بينما يعلن القضاء إبقاء متورطين في قضية إرهاب ومحاولة تفجير سيارات في حالة إفراج تحت الرقابة القضائية، هل أصحبت المطالبة السلمية بحق سياسي ودستوري أخطر من قضية أمنية؟".
وشارك العشرات من الناشطين والمواطنين الملتزمين بالحراك الشعبي في مظاهرات الطلبة، ورفعوا شعارات تطالب باستقلالية العدالة والقضاء وتحريره من الضغوط والإملاءات، وتحرير الصحافة والإعلان، والرفض القاطع للانتخابات البرلمانية المقبلة.
وبخلاف مظاهرة السبت التي تم قمعها بقوة من قبل قوات الشرطة واعتقال عدد من المشاركين فيها، فإن مظاهرة اليوم لم تسجل صدامات بين الطلبة والشرطة.
كما جرت في السياق مظاهرات طلابية شارك فيها أساتذة وناشطون في مدن بجاية والبويرة وهي أبرز مدن منطقة القبائل، إضافة إلى مدينة تيزي وزو، التي اعترضت فيها الشرطة مسيرة الطلبة دون تسجيل احتكاك كبير، كما عاد الطلبة للتظاهر وسط مدينة وهران غربي الجزائر.
ويظهر التساهل النسبي للسلطات مع مظاهرات الطلبة اليوم استقرار قرار السلطة على السماح فقط بالمظاهرات يومي الجمعة والثلاثاء وعدم اعتراضها، مع السعي لحصرها في العاصمة ومدن منطقة القبائل، لمنع تمددها الجغرافي وتوسعها مع اقتراب موعد الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية، وكذلك رفض تمدد زمني لمظاهرات الحراك أو محاولة للناشطين لزيادة يوم السبت (وهو يوم عطلة في الجزائر) إلى الأيام التي تجرى فيها المظاهرات.