الجزائر: مطالبات مستمرة لتبون بتعديل حكومي يطاول وزراء أخفقوا في إدارة قطاعاتهم

19 مارس 2022
عاطلون عن العمل ينتظرون خارج وكالة توظيف محلية في العاصمة الجزائر (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

تستمر أحزاب سياسية جزائرية، بعضها مشاركة في الحكومة، في مطالبة الرئيس عبد المجيد تبون بإجراء تعديل حكومي شامل، واستبعاد عدد من الوزراء أخفقوا في إحداث أي تغيير في قطاعاتهم، فيما يتمسّك الرئيس بعدد من الوزراء هم الأكثر عرضة للانتقادات السياسية والشعبية.

وقال رئيس حركة "البناء الوطني" (مشاركة في الحكومة) عبد القادر بن قرينة، في لقاء مع قيادات الحزب، اليوم السبت، إنّ "بعض القطاعات الحكومية اليوم ليست في مستوى التحولات الخطيرة باستثناء بعض القطاعات المشكورة على تحقيق الحضور للمسؤولين في أولويات المرحلة".

وأضاف أنّ "المواطن الآن تهتز قدراته الشرائية كثيراً، ويعاني من كابوس الأسعار ورمضان على الأبواب، مما يتطلب هبة حكومية تزيل هذا الانقطاع والشك والتوجس بين الشعب والسلطة، وتشعر المواطن بأنّ معه حكومة تحميه".

وطالب بن قرينة الحكومة والمسؤولين بـ"النزول إلى الميدان والحوار مع المواطنين والتخفيف من معاناتهم والسرعة في حلّ مشاكلهم".

بن قرينة: الجزائر بحاجة إلى حكومة "كوماندوز" خاصة في بعض القطاعات الحيوية ذات الصلة باستحقاقات الأمن القومي

واتهم بن قرينة وزير الزراعة عبد الحفيظ هني، بمنح رخص استيراد البقر لأربعة مستثمرين حصراً، وقال "لا يريدون للجزائر أن تحقق الاكتفاء الذي يمكننا تحقيقه في القمح، وإذا بقي الوزير لن نتمكّن من الحفاظ على أمننا الغذائي".

ورأى أنّ الجزائر بحاجة إلى حكومة "كوماندوز"، خاصة في بعض القطاعات الحيوية ذات الصلة باستحقاقات الأمن القومي بمفهومه الواسع، وقال إنّ "أركان أمننا القومي هي وزارة الدفاع الوطني، ووزارات الفلاحة والموارد المائية والبريد والمواصلات والاتصالات والطاقات المتجددة، إذا أردنا المحافظة على الاستقلال والدفاع على السيادة يجب أن يقود هذه الوزارات كوماندوز وطني".

وحذر بن قرينة من تداعيات الحرب في أوكرانيا "لأنّ اقتصاد الحرب يدفع فاتورته الفقراء، ولذلك يجب الاحتياط من أي ارتدادات أو اضطرابات تخص الأمن الغذائي، والإسراع في إجراءات الوقاية؛ لأننا وللأسف لا نزال متأخرين في القطاعات الحساسة وخاصة قطاع الطاقة والفلاحة باعتبارهما شريان القطاعات الأخرى"، وفق قوله.

وفي نفس السياق، وجه رئيس حزب "صوت الشعب" لمين عصماني، انتقادات حادّة إلى الحكومة الجزائرية، واتهم بعض القطاعات الوزارية برفع تقارير مغلوطة إلى رئيس الجمهورية.

وقال، أمس الجمعة، خلال لقائه قيادات الحزب في منطقة سكيكدة شرقي الجزائر: "بكل شفافية نقول لرئيس الجمهورية، هناك من يقوم بتغليطك عبر تقارير لا صلة لها بالواقع المعيشي للجزائريين"، مشدداً على "الحاجة إلى استبعاد المسؤولين الحكوميين الذين ثبت خلال تسييرهم أنهم لا يتوفرون على القدرة والكفاءة الضرورية لإدارة قطاعات حيوية وفي ظرف عصيب اجتماعياً واقتصادياً".

وكان السكرتير الأول لـ"جبهة القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش، قد وجّه، السبت الماضي، انتقادات حادة للحكومة، بسبب ما اعتبره "الفشل في تحقيق أي نتائج على صعيد الجبهة الاجتماعية وتحسين معيشة الجزائريين".

وحذر من أنّ المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية "تنذر بالخطر، بالموازاة مع الغلاء الفاحش الذي تشهده الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطن ما رفع من مستويات الفقر والتذمر الشعبي، ما يقابله انعدام مخططات ورؤية واضحة المعالم من طرف السلطة لتصحيح الأوضاع المتأزمة وإيجاد الحلول المناسبة".

ورغم حديث يدور منذ فترة قصيرة عن وجود نقاشات في أعلى هرم السلطة، لإجراء تعديل حكومي واسع، قد يشمل رئيس الحكومة نفسه أيمن عبد الرحمن، إضافة إلى بعض مدراء المؤسسات الحيوية، إلا أنّ التعديلات التي أعلن عنها الرئيس تبون، منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، شملت عدداً محدوداً من الوزارات كالعمل والثقافة والإعلام وفصل وزارة المالية عن رئاسة الحكومة، إضافة إلى إقالة أخيرة لوزير النقل عيسى بكاي، فيما يصر الرئيس تبون على الحفاظ على الاستقرار الحكومي لحين إجراء تقييم عام لأداء الحكومة بعد عام من تعيينها (يونيو/حزيران الماضي)، وفقاً لما أعلنه تبون، في حوار تلفزيوني أخيراً.

ويضع الرئيس تبون قائمة بوزراء يرفض إقالتهم، بينهم وزير التجارة كمال رزيق، والصناعة أحمد زغدار، على الرغم من إجماع شعبي وسياسي لافت على إخفاقهم، وانتقادات حادة توجه إليهم بسبب ضعف أدائهم في قطاعاتهم الوزارية.

ويفسر محللون عدم إجراء الرئيس تبون لتعديل حكومي شامل على الرغم من توفر مبرراته، بأنّ الرئيس نفسه أعلن أنه يرغب في منح الوزراء، ولا سيما الذين لهم حداثة عهد بالتسيير الحكومي، فرصة لإظهار قدرتهم على التسيير.

وقال المحلل السياسي جمال هديري، في تصريح لـ" العربي الجديد"، إنه يعتقد أنّ الرئيس تبون "يحاول الحفاظ على مستوى من الاستقرار الحكومي، ولذلك نلحظ أنّ هناك توجّهاً نحو إجراء التعديل الحكومي بشكل بطيء ومنفصل، لكي لا يكون هناك تأثير على انسجام الفريق الحكومي".

ورأى أنّ "المطالبات الحزبية بتعديل حكومي ليست كلها تنطلق من معطيات واقعية، وبعضها عبارة عن مواقف سياسية إزاء وزراء، أكثر منها تقييم موضوعي، إذا أخذنا بعين الاعتبار عاملين هما؛ حداثة الحكومة من جهة والظروف الصعبة التي جاءت فيها من جهة أخرى"، بحسب قوله.