بدأت بوادر أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر وفرنسا على أثر تدخل فرنسي لنقل رعية جزائرية من تونس إلى باريس، مع قرار الرئاسة الجزائرية، مساء اليوم الأربعاء، استدعاء السفير الجزائري من باريس للتشاور معه إثر الحادثة.
وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية، اليوم الأربعاء، بأنه و"امتداداً للمذكرة الرسمية التي احتجت بموجبها الجزائر بشدة على التسلل السري وغير القانوني لمواطن جزائري يقضي القضاء الجزائري بوجوده الجسدي على التراب الوطني، فقد أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بمشاورة سفير الجزائر في فرنسا سعيد موسي".
وكانت وزارة الخارجية الجزائرية قد أبلغت السفارة الفرنسية برفضها هذا التطور الذي يلحق ضرراً كبيراً بالعلاقات الجزائرية الفرنسية، معتبرةً أن هذا التصرف "غير مقبول".
ومن شأن هذه الأزمة الجديدة وحديث المذكرة الرسمية للخارجية الجزائرية أن تُؤزم العلاقات بين البلدين، وقد تؤدي إلى إلغاء زيارة الرئيس تبون المقرر أن يقوم بها إلى باريس في مايو/ أيار المقبل.
وهذه هي المرة الثانية التي تقرر فيها الجزائر استدعاء سفيرها من باريس خلال مدة السنة والنصف الأخيرة، حيث كانت الجزائر قد استدعت سفيرها من باريس في 2 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2021، على خلفية تصريحات وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درامانان، حول رفض الجزائر استصدار وثائق سفر قنصلية للمهاجرين غير الشرعيين، الذين ترغب باريس في ترحيلهم.
وكانت السلطات الجزائرية قد انتقدت فرنسا، اليوم الأربعاء، عبر صحف حكومية رسمية، واتهمتها بالقيام "بسلوك غير ودي" على خلفية تدخل القنصلية الفرنسية في تونس في "تهريب" ناشطة جزائرية إلى فرنسا (تحمل جواز سفر فرنسياً)، بعدما كانت قد عبرت من الجزائر إلى تونس براً بطريقة "غير قانونية".
وكتبت صحيفة "المجاهد"، كبرى الصحف الرسمية في الجزائر، اليوم الأربعاء: "تصرفت فرنسا بصفة غير ودية للغاية تجاه الجزائر وتونس، إذ قامت عبر تمثيليتها الدبلوماسية في تونس بخرق القانون التونسي من خلال إجلاء رعية جزائرية إلى فرنسا".
ولمحت الصحيفة إلى أنّ مثل هذا السلوك قد يضر بالعلاقات بين البلدين، مضيفةً أنّ "باريس، من خلال هذا التصرف، تضر بالعلاقات بين البلدين في الوقت الذي بدأت تشهد فيه هذه الأخيرة تحسناً ملحوظاً بعد الزيارة التي أجراها الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، والتي توجت إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة".
وكانت الناشطة الجزائرية المعارضة أميرة بوراوي قد نجحت في الهروب من الجزائر إلى فرنسا عبر تونس، والتي وصلت إليها عبر الحدود البرية، حيث عبرت الحدود بطريقة غير قانونية، لكونها ممنوعة من مغادرة التراب الجزائري، في حادث ليس الأول من نوعه في صفوف المعارضين الجزائريين، بسبب ما يعتبرونه تضييقاً سياسياً عليهم من قبل السلطات ومنعهم من السفر.
ووصلت بوراوي، أول أمس الإثنين، إلى مدينة ليون الفرنسية، قادمة من مطار تونس الدولي، بعدما أحبطت القنصلية الفرنسية في تونس محاولة السلطات التونسية ترحيلها إلى الجزائر، إثر توقيفها، يوم الجمعة الماضي، في المطار عندما كانت تحاول ركوب رحلة متوجهة إلى فرنسا، باستخدام جواز سفرها الفرنسي (تحمل الجنسية الفرنسية منذ عام 2007 لزواجها من جزائري مقيم في فرنسا مزدوج الجنسية).
ونقلت صحيفة "الخبر" عن مصدر مسؤول أنّ "السلطات الفرنسية هرّبت الناشطة أميرة بوراوي من تونس إلى ليون، بتدخل من عقيد في جهاز المخابرات الفرنسية، وبتنسيق مع السفير الفرنسي في تونس، حيث كان في انتظارها بمطار ليون عقيد في المخابرات الفرنسية، قام بالتنسيق والتخطيط والتحضير لتسفيرها نحو فرنسا بطرق غير قانونية".
وتحيل هذه التقارير الإعلامية إضافة إلى خبر استدعاء السفير الجزائري في باريس، إلى توقعات جدية بأن تؤثر هذه القضية المستجدة على العلاقات الجزائرية الفرنسية، قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس. وتشير هذه التصريحات إلى إمكانية إضافة أزمة أخرى إلى سلسلة قضايا خلافية تعاني منها العلاقات بين البلدين، خاصة في ما يتصل باحتضان واستقبال باريس لمجموعة من الناشطين المعارضين الجزائريين.