وقّعت الجزائر والنيجر اتفاقاً عسكرياً يقضي بتسيير دوريات عسكرية مشتركة على الحدود التي تربط بين البلدين، فيما يواصل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف جولته في منطقة الساحل، شملت حتى الآن موريتانيا ومالي والنيجر، والتي تستهدف بالأساس تعزيز التنسيق الأمني والعسكري، ومنع أي توترات في المنطقة، إضافة إلى تعزيز مقاربات التعاون السياسي وتجسيد حزمة مشاريع ومساعدات اقتصادية تمولها الجزائر لصالح دول المنطقة.
وجرى الاتفاق، مساء أمس، خلال زيارة أجراها نائب رئيس أركان القوات المسلحة النيجرية العميد إبراهيم عيسى بولاما، على رأس وفد عسكري، إلى قيادة المنطقة العسكرية الخامسة في تمنراست، جنوبي الجزائر، على "برمجة دوريات مشتركة على كامل الشريط الحدودي الفاصل بين الجزائر والنيجر، وتكثيف التنسيق العملياتي الميداني"، بهدف مجابهة مختلف أشكال التهديدات الأمنية، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وأيضاً الهجرة غير الشرعية.
وأشاد العميد إبراهيم عيسى بولاما، الذي التقى قائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء محمد عجرود، ورئيس دائرة الاستعمال والتحضير لأركان الجيش الجزائري اللواء بلقاسم حسنات، بالتعاون العسكري والأمني والتفاهم الكبير بين الجزائر والنيجر بخصوص القضايا الأمنية الراهنة.
وترتبط الجزائر والنيجر باتفاقات تعاون عسكري في إطار ثنائي، وفي إطار هيئة العمليات العسكرية المشتركة التي تضم أيضا موريتانيا ومالي، والتي جرى تفعيل آلياتها الميدانية خلال اجتماع قادة الجيوش الأربعة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويمكن ردّ هذه الخطوة غير المسبوقة، والمتعلقة بتسيير الدوريات العسكرية المشتركة بين الجيش الجزائري والجيش النيجري، مع تزايد نشاط الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، إلى المادة المدرجة حديثًا في الدستور الجزائري المستفتى عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، والتي تتيح للجيش القيام بعمليات عسكرية خارج التراب الجزائري، في إطار اتفاقات مشتركة أو تحت مظلة المنظمات الأممية والقارية.
وفي سياق تعزيز الجزائر حدودها الجنوبية مع دول الساحل، وصل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، مساء أمس، إلى العاصمة نيامي قادما من مالي، حيث التقى رئيس النيجر محمد بازوم، وسلمه رسالة خطية من الرئيس عبد المجيد تبون.
وأجرى عطاف محادثات مع الرئيس بازوم، وأطلعه على الجهود التي تبذلها الجزائر من أجل إزاحة العقبات التي تعترض مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي. كما التقى وزير خارجية النيجر حاسومي مسعودو، وأجريا مباحثات حول التطورات الراهنة في محيطهما الإقليمي، مؤكدين على "تطابق مواقف البلدين حول سبل مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في منطقة الساحل والصحراء، وضرورات تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين، سواء على الصعيد الثنائي عبر آليات، أو على المستوى متعدد الأطراف من خلال لجنة الأركان العملياتية المشتركة".
وفي السياق نفسه، اتفق على مواصلة الجهود المشتركة لبناء شراكة اقتصادية تعود بالنفع على الجانبين وعلى المنطقة برمتها، وتجسيد برامج التضامن التي تشرف عليها الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي لفائدة سكان شمال النيجر، تحديدا منطقة أغاداز، ومشاريع التعاون الاقتصادي، كإنجاز محطة توليد للكهرباء بالطاقة الشمسية، وتشجيع بروز أقطاب للصناعة الغذائية، وتجسيد مركز للتكوين المهني، وافتتاح ممثلية للشركة الوطنية للمعارض والتصدير، وافتتاح فرع لبنك الجزائر في نيامي، والتعاون في قطاع المحروقات، على غرار مشروعي الطريق وخط الألياف البصرية العابرين للصحراء ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا-الجزائر، مرورا بالنيجر.
وقبل النيجر، كان وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف قد زار كلًّا من موريتانيا ومالي، في جولة هي الأولى له منذ تعيينه في منصبه بمنتصف شهر مارس/آذار الماضي، وطغت القضايا الأمنية ومنع التوترات في المنطقة، وخاصة تثبيت اتفاق السلام في مالي، على صدارة القضايا والملفات التي جرت مناقشتها خلال هذه الجولة.