خرجت مظاهرات شعبية حاشدة في العاصمة وعدة مدن جزائرية، اليوم الجمعة، على الرغم من الشكوك التي حامت حول إمكانية تشديد السلطات قبضتها الأمنية وحدوث صدام، وذلك في أعقاب التهديدات التي أطلقتها السلطات، منذ الاثنين الماضي، بملاحقة كل من يتهجم على الجيش والمخابرات ومؤسسات الدولة، وكذا سلسلة اعتقالات وملاحقات طاولت عددا من الناشطين في الحراك في عدة ولايات.
وما زال رفض الانتخابات البرلمانية المبكرة، المقررة في 12 يونيو/ حزيران المقبل، يشكل الشعار المركزي لمظاهرات الحراك الشعبي.
وشهدت العاصمة الجزائرية، الجمعة، أكبر المسيرات، التي انطلقت من عدد من الأحياء الشعبية، كباب الوادي وأول مايو وبلكور، قبل أن تتجمع في مظاهرة واحدة قرب ساحة أودان ومنطقة البريد المركزي وسط العاصمة.
وتوقفت المسيرة الأكبر القادمة من حي باب الواد الشعبي، والتي مرت قرب مقر البرلمان، عند مقر الأمن المعروف باسم "كافينياك"، حيث يقتاد في العادة الناشطون بعد اعتقالهم، للتنديد بالموجة الأخيرة من الاعتقالات والتجاوزات في حق عدد من الناشطين.
وبرز شعار "جمعة الوحدة" بشكل لافت في مظاهرات اليوم، لإعادة توحيد صفوف الحراك بعد فترة من التجاذبات السياسية التي برزت منذ عودة المظاهرات في 22 فبراير/ شباط الماضي، بسبب تصاعد التأثيرات الأيديولوجية بين التيارين الإسلامي والعلماني.
وظهرت مجموعة من النشطاء البارزين في الحراك، أبرزهم المحامي مصطفى بوشاشي وسمير بلعربي ورئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان سعيد صالحي، في صف واحد خلف لافتة كبيرة كتب عليها "جمعة الوحدة.. حان الوقت لتحقيق مطالب الحراك"، ما يوحي بوجود مساع جدية بين مكونات الحراك لإعادة تنظيم الصفوف.
كما برزت شعارات مطبوعة، بينها "نعم لفتح الإعلام ولا للتخوين"، و"نعم للانتقال الديمقراطي"، إضافة إلى شعارات: "نعم لحرية التنقل والتظاهر"، و"نعم للدولة المدنية وللسلمية والتعددية"، و"لا لحكم العسكري ولا للاعتقالات التعسفية".
كما استمر المتظاهرون في الهتاف ضد الجنرالات والأجهزة الأمنية، على الرغم من التهديدات التي تضمنتها مخرجات الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون.
وكان الرئيس تبون قد كلف الأجهزة بملاحقة "أوساط وحركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب، تستغل المسيرات الأسبوعية للقيام بأعمال تحريضية وانحرافات خطيرة "، كما أعطى أوامره لـ"التطبيق الفوري والصارم للقانون، ووضع حد لهذه النشاطات غير البريئة والتجاوزات غير المسبوقة، لا سيما اتجاه مؤسسات الدولة ورموزها"، وكذا إعلانه أن "الدولة لن تتسامح مع هذه الانحرافات التي لا تمت بصلة للديمقراطية وحقوق الإنسان".
ويقصد تبون بأوساط انفصالية حركة "الماك" التي تطالب بانفصال منطقة القبائل، كما يقصد بها حركة "رشاد" التي يتمركز قادتها في الخارج، وأغلب كوادرها من الناشطين السابقين في جبهة الإنقاذ المحظورة.
وعلى الرغم من ذلك، لم تتدخل الشرطة ولم يتم تسجيل أي احتكاك لها مع المتظاهرين، حيث ظلت قوات الشرطة متمركزة في نفس نقاط تمركزها في الأسابيع الماضية، فيما أعلنت عائلة الدكتور أحمد بن محمد، رئيس حزب جزائر الغد (إسلامي)، أن الشرطة اعتقلته عندما كان في طريقه للمشاركة في المظاهرات، وأن التصال به انقطع.
وشهدت مدن منطقة القبائل وبجاية وتيزي وزو والبويرة مظاهرات حاشدة رفضا للانتخابات البرلمانية المبكرة، كما كانت لافتة عودة مظاهرات الحراك الشعبي بقوة إلى مدينة جيجل شرقي الجزائر، وهو الأسبوع الثاني على التوالي الذي تشهد فيه هذه الولاية مظاهرات صاخبة، تأثرا بتداعيات الأزمة الاجتماعية المتصاعدة من جهة، وتجاهل الحكومة للولاية عندما ضربتها موجة من الإصابات بكورونا وزلزال قبل فترة.
كما نجح الناشطون في ولايات برج بوعريريج وسكيكدة وتبسة وقسنطينة، شرقي الجزائر، في إعادة بعث مظاهرات الحراك في المدينتين. كما نظمت مسيرة شعبية في مدينة تيارت غربي الجزائر.