تقدّم مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بواسطة المحامي سليمان شاهين، وهيئة مقاومة الاستيطان والجدار الفلسطينية بواسطة المحامي علاء محاجنة، بالتماس مشترك إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، للمطالبة بإلغاء التسوية التي وقّعتها حكومة الاحتلال والإدارة المدنية الإسرائيلية والقائد العسكري للاحتلال في الضفة الغربية وما يسمى "المجلس اللوائي السامرة"، مع مستوطني بؤرة "أفيتار" الاستيطانية المقامة على أراضي جبل صبيح في بلدة بيتا جنوب نابلس، ويطالب الالتماس كذلك بإعادة الأراضي إلى أصحابها.
ووفق بيان لمركز القدس للمساعدة القانونية، اليوم الخميس، تقضي الاتفاقية المبرمة في الأسبوع الماضي، بمغادرة المستوطنين مؤقّتًا، بينما تبقى مباني البؤرة التي أقاموها على حالها، وتبقى الأراضي مُوصَدةٌ أمام أصحابها ريثما تسوّي الإدارة المدنية وضع الأراضي القانوني، وإذا ما خلصت إلى أن الأراضي هي "أراضي دولة" فسوف تعيد المستوطنين إلى البؤرة.
وقُدّم الالتماس نيابة عن المجالس المحلية في قرى بيتا ويتما وقبلان ونيابة عن تسعة من أصحاب الأراضي الخاصة في قبلان، واستند الملتمسون إلى وثائق وصور ليثبتوا ملكية الأراضي الخاصة، وأن جزءًا منها فُلح وغُرس بأشجار الزيتون المعمّرة.
وفرض جيش الاحتلال سيطرته على 11 دونمًا من أراضي جبل صبيح في ثمانينيات القرن الماضي، من خلال أمر وضع يد، ووسع سيطرته إلى 24 دونمًا في عام 2018 من خلال أمر وضع يد آخر. وأدت هذه الأوامر العسكرية إلى منع أو تقييد المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية. ومع ذلك، فإن المساحة التي تمتد عليها البؤرة الحالية وصلت إلى 35 دونمًا وتجاوزت تلك التي استهدفها الأمران العسكريان السابقان.
وأشار الالتماس إلى أن التسوية التي وصلت إليها الأطراف تنتهك القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، خاصة حق الملكية الخاصة للسكان المحميين، ومبدأ احترام القوانين السارية في الأرض المحتلة، علاوة على انتهاكها الجسيم للقانون الدولي. وشدد الملتمسون على أن الاتفاقية تضرب بمبادئ القانون الإداري الإسرائيلي وخاصة مبدأ سلطة القانون عرض الحائط، إذ إنها تكافئ المستوطنين على خرقهم القانون وتعدّيهم على أراضٍ فلسطينية لا يملكون أي صلة بها أو حق فيها، من خلال منحهم فرصة لشرعنتها بأثر رجعي ومن الباب الخلفي.
ووفق مركز القدس للمساعدة القانونية، تكمن خطورة هذه الاتفاقية كذلك في إمكانية تحوّلها إلى سابقة ونسقٍ يتبناه المستوطنون في محاولاتهم المستقبلية للسيطرة على المزيد من أراضي الفلسطينيين، فهم أصبحوا مدركين أن قوتهم السياسية في الحكومة والكنيست وقدرتهم على الضغط تؤتي أكلها.
وأكد المركز أنه بموافقتها على تبنّي هذه التسوية، تكون الإدارة المدنية والسلطات العسكرية الإسرائيلية قد تراجعت عن تطبيق الأمر العسكري الصادر في 6 حزيران الماضي، بإخلاء البؤرة وإزالة المباني المقامة عليها. وفي رفضه اعتراضات المستوطنين على قرار الإخلاء، ذكر نائب المستشار القضائي في الضفة الغربية أن البؤرة تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون، وأن المستوطنين لم يتوقفوا عن بناء مبانٍ جديدة حتى بعد صدور الأمر العسكري بالإخلاء.
ومع تأكيدهم بأن الأراضي التي استولت عليها بؤرة "أفيتار" هي أراضٍ خاصة، أضاف الملتمسون أنه "حتى لو افترضنا جدلًا ولغرض النقاش الصرف أن جزءًا من الأرض تتوجب معاينة وضعه القانوني، فما من أي مرجعية قانونية تخول دولة الاحتلال منح هذه الأرض للمستوطنين، بصرف النظر عن تصنيفها المستقبلي".
ويأتي تقديم هذا الالتماس في حراك شعبي متواصل يخوضه أهالي قرى بيتا ويتما وقبلان ضد بؤرة "أفيتار"، وضد محاولات الاحتلال إضفاء الشرعية عليها بطرق التفافية، وقد استشهد منذ منتصف مايو/أيار الماضي خمسة فلسطينيين في هذه المواجهات التي يسعى الفلسطينيون من خلالها إلى الدفاع عن أرضهم. وأي تسوية من شأنها تثبيت هذه البؤرة تعني، كذلك، تكثيف حملات القمع الإسرائيلي في مقابل تشجيع ودعم المستوطنين المستولين على أراضي الفلسطينيين.