استمع إلى الملخص
- **مواقف المقاومة الفلسطينية**: حماس ترفض شروط نتنياهو التي تهدف إلى استسلام كامل، وتتمسك بمطالبها لوقف إطلاق نار دائم وانسحاب الاحتلال من غزة، مع تأكيدها على دعم الأمة العربية والإسلامية.
- **الدور الدولي والمواقف الأمريكية**: الولايات المتحدة تتماهى مع المواقف الإسرائيلية وتبث تفاؤلًا غير واقعي، بينما يستخدم نتنياهو المفاوضات كغطاء لاستمرار الحرب، مما يستدعي ضغطًا أكبر من المجتمع الدولي لإنهاء الحرب وتحقيق صفقة تبادل أسرى.
بات التفاوض من أجل التفاوض السمة الرئيسية لمحادثات وقف إطلاق النار للوصول لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مع استمرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في وضع شروط جديدة في كل جولة تفاوض، والتراجع عن تعهدات سابقة وصلت للوسطاء سواء من الاحتلال أو الإدارة الأميركية. ومن الواضح أن طريقة المفاوضات الحالية لإنهاء حرب غزة ماضية باتجاه أشهر عقيمة من التفاوض، دون التوصل لاتفاق لإنهاء هذه الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر.
كما بدا من مسارات التفاوض بين حكومة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى جانب المسار الميداني، أن الحرب على القطاع ستستمر، وإن بطرق مختلفة، في ظل غياب ضغوط حقيقية لإجبار إسرائيل على وقفها والوصول إلى اتفاق. أما من جهة الفصائل الفلسطينية، فليس لديها الكثير من أدوات الضغط باستثناء الأسرى الإسرائيليين المتبقين في يدها. لكن هذه الورقة أيضاً فرّغها نتنياهو من قوتها في ظل عدم اهتمامه الواضح باستردادهم أحياء، وذهابه بعيداً في العمليات العسكرية والتحريض عليها وتجاهل الضغوط الداخلية الإسرائيلية وعائلات الأسرى الإسرائيليين ومطالباتهم المتكررة بالوصول إلى اتفاق تبادل.
مماطلة بهدف استمرار حرب غزة
وقالت مصادر فلسطينية مواكبة للمفاوضات، لـ"العربي الجديد"، إن اتفاق وقف إطلاق النار "بعيد المنال" إذا استمر نتنياهو في تغيير مواقفه بين جولة تفاوض وأخرى، ووضعه شروطاً بين الحين والآخر كثير منها "لا يمكن لأي فلسطيني قبوله". وأشارت المصادر إلى أن نتنياهو "يريد استسلاماً فلسطينياً وتسليماً كاملاً بإرادة إسرائيل وهو ما لن يكون رغم حجم المآسي" التي سببتها حرب غزة. وشدّدت مشدّدة على أن رئيس حكومة الاحتلال "يريد صفقة تبادل غير جدية، بمعنى أنه يريد اتفاقاً شكلياً يضع فيه شروطه ويمنع الإفراج عن كثير من الأسرى الذين تطالب المقاومة بإدراجهم في الصفقة".
وإلى جانب ذلك، برأي المصادر نفسها، "يبدو نتنياهو مرتاحاً لجهة عدم وجود ضغوط حقيقية عليه من المجتمع الدولي أو حتى من أصدقائه للوصول إلى نهاية للحرب"، مشدّدة على أن "كل قوى المقاومة وفصائل غزة متفقة على الموقف الذي قدمته حركة حماس في الثاني من يوليو/ تموز الماضي (حين سلّمت حماس الوسطاء ردها بشأن مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، يشمل ضرورة التوصل لوقف إطلاق نار دائم وانسحاب الاحتلال من كامل القطاع)، والذي تُصر عليه ولن تتراجع عنه".
جهاد طه: لسنا بحاجة لجولات مفاوضات جديدة
من جهته قال المتحدث باسم حركة حماس جهاد طه، لـ"العربي الجديد"، إن "سياسة المماطلة والمراوغة والتسويف وحتى التعطيل التي ينتهجها الكيان الإسرائيلي في المسار التفاوضي من أجل وقف العدوان والوقف الدائم لإطلاق النار، باتت واضحة للرأي العام والمجتمع الدولي وللجميع". وأشار إلى أنه "في كل محطة من محطات التفاوض خلال العدوان كانت سياسة التعطيل والعرقلة واضحة من خلال ما يقدمه الجانب الصهيوني في المفاوضات"، لافتاً أن "الهدف الأساسي هو الاستمرار في العدوان على أبناء شعبنا وارتكاب المزيد من المجازر".
واعتبر طه أن "الاحتلال يريد من استمرار المفاوضات والمراوحة فيها، استمرار الحرب وأخذ المفاوضات غطاء لارتكاب هذه الجرائم". وأضاف: "نحن ندرك تماماً أن شروط نتنياهو في كل محطة من محطات التفاوض لها أهداف كثيرة، منها استمرار العدوان للحفاظ على مستقبله السياسي بعد تهديد اليمين المتطرف (الانسحاب من حكومته) وكذلك إرسال رسالة للداخل بأنه يستمر في التفاوض من أجل الأسرى الإسرائيليين". وشدّد طه على أن نتنياهو "لا يهتم بالوصول إلى حل، وفي كل جولات المفاوضات التي حصلت كان التعطيل والعرقلة والفشل يأتي من قبل الاحتلال"، وذلك عقب المرونة والإيجابية التي تعاطت بها حركة حماس مع قرار مجلس الأمن ومبادئ خطاب بايدن الذي أعلن فيه المقترح، نهاية مايو/ أيار الماضي.
المقاومة متمسكة بمطالبها
وفي محطة التفاوض الأخيرة بشأن حرب غزة التي عُقدت في الدوحة من دون مشاركة "حماس"، قال طه إن ما تريده حركته والمقاومة "هو آليات تنفيذية لما اتفق عليه في الثاني من يوليو الماضي، ولسنا بحاجة لجولات مفاوضات جديدة". وذكر كذلك أن "الجهود والمساعي ما زالت تبذل من قبل الوسطاء"، مشيراً إلى أنه على "الإدارة الأميركية التي لم تقم بالدور المطلوب منها أن تضغط على الاحتلال وتلزمه بالموافقة على مقترح الثاني من يوليو". وبموازاة المفاوضات، شدّد طه على أن "المقاومة حاضرة في الميدان، ونحن من واجبنا الأخلاقي والوطني أن ندافع عن شعبنا الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة ومواجهة سياسة القتل والإجرام الإسرائيلي". وأشار إلى أن "المطلوب من الأمة العربية والإسلامية وحركات المقاومة في المنطقة أن تطوّر عملية الإسناد والدعم، وبكل الوسائل التي تمتلكها في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني الذي يمعن في إجرامه ضد الفلسطينيين".
إسرائيلياً أيضاً، هناك الكثير من الحديث عن استمرار نتنياهو في سياسته المعتادة بالتفاوض من أجل التفاوض فقط، لكن الضغط الداخلي والخارجي عليه فشلا في دفعه حتى الآن للخروج عن هذه السياسة وإبرام صفقة لإنهاء حرب غزة والتوصل لصفقة تبادل أسرى. وفي هذا الصدد قال الخبير في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، لـ"العربي الجديد"، إن "بنيامين نتنياهو غير معني بالوصول إلى صفقة، ومقتنع بأن الصفقة حتى لو بدأت بمرحلة أولى ستؤدي إلى نهاية الحرب"، موضحاً أن "الولايات المتحدة معنية بوقف الحرب لكنها تتماهى مع المواقف الإسرائيلية، وبات موقفها في الجولات الأخيرة يعبّر عن الموقف الإسرائيلي تماماً".
أنطوان شلحت: التعويل على واشنطن والمعارضة الإسرائيلية للضغط على حكومة الاحتلال ثبت عدم جدواه
وأشار شلحت إلى أن "الولايات المتحدة معنية بهذه المفاوضات وتبث أجواء تفاؤل، وهي عن طريق ذلك التفاؤل تحاول أن تمنع اتساع الحرب على غزة إلى حرب إقليمية"، موضحاً أن "إجراء المفاوضات من أجل المفاوضات ضمانة لعدم التصعيد وعدم جر المنطقة لحرب إقليمية لا تريدها الولايات المتحدة بسبب الانتخابات" الرئاسية الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وأوضح أن "نتنياهو في كل جولة تفاوض يضيف شروطاً جديدة، إذ ما يجري حالياً هو فقط مفاوضات من أجل المفاوضات، في الوقت ذاته فالحرب مستمرة وترتكب المجازر ضد الفلسطينيين وهناك تشديد في التجويع وأشياء كثيرة تتم في الميدان".
ولفت إلى أن "هناك اختصاراً لحرب غزة في الفترة الأخيرة في المفاوضات، والصحيح أن الوضع فيه قدر كبير من العبث، ولا أحد بإمكانه استشراف إلى أين سيؤول إليه الأمور"، مشدداً على "الحاجة لممارسة ضغط أكبر من قبل جهات على الولايات المتحدة وعلى الحكومة الإسرائيلية، لأن التعويل على الولايات المتحدة بأن تضغط على إسرائيل أو المعارضة (الإسرائيلية) تضغط على الحكومة ثبت عدم جدواه".