في جلسة برلمانية لم تتخطَ الدقائق المعدودة، وافق مجلس النواب المصري، أمس السبت، على تعديل وزاري شمل 13 حقيبة، مع تجديد الثقة برئيس الحكومة مصطفى مدبولي الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ 7 يونيو/حزيران 2018.
ولم يمس التعديل المجموعة الوزارية المقربة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، على غرار وزراء الخارجية سامح شكري، والعدل عمر مروان، والمالية محمد معيط، والأوقاف محمد مختار جمعة، والنقل كامل الوزير، والكهرباء محمد شاكر، والبترول طارق الملا، والإسكان عاصم الجزار، والتموين علي المصيلحي.
جلسة الدقائق للبرلمان المصري
وأعلن رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، في جلسة الأمس، موافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين على جميع ترشيحات الوزراء الجدد في الكتاب الوارد من رئيس الجمهورية، وبما لا يقل عن ثلث عدد أعضاء المجلس، التزاماً بأحكام الدستور والقانون، التي منحت الحق لرئيس الجمهورية في إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الحكومة، وتصويت البرلمان على إجراء التعديل "جملة واحدة".
ولم تتطرق جلسة البرلمان الطارئة، التي لم تستغرق سوى دقائق معدودة، إلى أزمة سد النهضة الإثيوبي، حسبما أشاع بعض النواب والإعلاميين المحسوبين على السلطة، نظراً لتزامن الدعوة مع إعلان أديس أبابا إكمال المرحلة الثالثة من ملء خزان السد.
من جهتها، قالت مصادر برلمانية مصرية لـ"العربي الجديد"، إن أعضاء مجلس النواب وافقوا على كتاب السيسي بشأن تعديل الحكومة، "من دون معرفة أسماء الوزراء الجدد قبل التصويت على التعديل، أو الاطلاع على سيرهم الذاتية، وهو ما أثار حالة من الغضب بين مجموعة من النواب، الذين رفضوا رفع أيديهم للموافقة على التعديل".
شمل التعديل الحكومي 13 حقيبة وزارية وأقر خلال دقائق معدودة
وأوضحت المصادر أن "أعضاء المجلس فوجئوا برسالة من الأمانة العامة للبرلمان مساء الجمعة، تدعوهم إلى حضور جلسة طارئة في اليوم التالي لنظر أمر عاجل، من دون الكشف عنه، ثم برسالة أخرى من رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية، أشرف رشاد، تشدد على ضرورة حضورهم في الموعد المحدد للجلسة للتصويت على موضوع مهم". وأضافت أن "الغالبية العظمى من نواب البرلمان لم يعلموا بأسماء الوزراء الجدد إلا في لحظة التصويت عليها".
الوزراء الجدد في الحكومة المصرية
وشملت التعديلات الوزارية تعيين رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، أحمد سمير، في منصب وزير التجارة والصناعة خلفاً للوزيرة نيفين جامع، ووزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، في منصب وزير الصحة والسكان خلفاً للوزيرة هالة زايد، ونائبه لشؤون الجامعات محمد أيمن عاشور، في منصب وزير التعليم العالي بدلاً منه.
كما عُيّن نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المعلمين، رضا حجازي، في منصب وزير التربية والتعليم بدلاً من طارق شوقي، وأستاذ إدارة الموارد المائية والاستدامة والتنمية في الجامعة الأميركية بالقاهرة هاني سويلم، في منصب وزير الري بدلاً من محمد عبد العاطي، ومساعدة وزير الخارجية سها سمير ناشد، في منصب وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج بدلاً من نبيلة مكرم.
وعُيّن الرئيس التنفيذي في البنك التجاري الدولي أحمد عيسى أبو حسين، وزيراً للسياحة والآثار بدلاً من خالد العناني، وقائد القوات الجوية المصرية الفريق محمد عباس حلمي، وزيراً للطيران المدني بدلاً من الوزير محمد منار عنبة، والأمين العام لاتحاد نقابات عمال مصر الرسمي حسن محمد شحاتة، وزيراً للقوى العاملة بدلاً من محمد سعفان.
كذلك عُيّنت عميدة المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون نيفين الكيلاني، وزيرة للثقافة بدلاً من إيناس عبد الدايم، ومحافظ البحيرة لواء الجيش السابق هشام آمنة، وزيراً التنمية المحلية بدلاً من محمود شعراوي، ورئيس مجلس إدارة شركة القاهرة لتصنيع الزجاج محمود عصمت، وزيراً لقطاع الأعمال العام بدلاً من محمود توفيق، ونائب رئيس الهيئة القومية للإنتاج الحربي اللواء محمد صلاح الدين، وزيراً للإنتاج الحربي بدلاً من محمد أحمد مرسي.
تساؤلات حول إبقاء بعض الوزراء
وخلّف التعديل الوزاري الجديد علامات استفهام حول إبقاء السيسي عدداً من الوزراء المتهمين بالفشل في إدارة حقائبهم، أو التورط في وقائع فساد مالي، وفي مقدمتهم شكري الذي يواجه اتهامات بالفشل الذريع في التعاطي مع ملف هام مثل سد النهضة.
يضاف إليه وزير الكهرباء، ثاني أقدم الوزراء الحاليين، المتهم باستغلال النفوذ، وتسهيل عمل شركته في مجال الاستشارات الكهربائية.
أما وزير الأوقاف، فهو أقدم الوزراء الحاليين، وحظي بمنصبه في حكومة حازم الببلاوي التي تشكلت في يوليو/تموز 2013. وتورط اسم وزير الأوقاف في قضية رشوة وزير الزراعة السابق صلاح هلال، وإرسال زوجته ونجله وعشرات من المقربين له، لأداء مناسك الحج على نفقة الوزارة الخاصة.
وأصدرت الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي بياناً أعلنت فيه رفضها التعديل الوزاري الجديد. وقال رئيس الهيئة، النائب إيهاب منصور: "ما حدث هو تغيير فقط في الأشخاص، وليس في السياسات، بينما تحتاج الدولة إلى إصلاح هيكلي حقيقي، وتعديلات جذرية على ملف الاقتصاد الذي يحتاج إلى تطوير كامل".
الحزب المصري الديمقراطي: ما حدث تغيير في الأشخاص لا في السياسات
كما قالت النائبة عن الحزب، مها عبد الناصر: "مصر في حاجة إلى رئيس وزراء اقتصادي مدرك لأهمية التنمية الاقتصادية، والاستثمار، ودور القطاع الخاص، رفقة مجموعة اقتصادية جديدة لها علاقات جيدة بمؤسسات التمويل الدولية، وتضع في أولويات عملها الإصلاح الهيكلي للاقتصاد، وليس مجرد تحسين المؤشرات المالية، أو السعي نحو المزيد من الاقتراض الخارجي".
وأضافت: "الدولة المصرية تحتاج إلى إعادة تخطيط، وبناء للهياكل الاقتصادية، وليس فقط تحديث البنية التحتية، والمضي قدماً في مشاريع الطرق والجسور"، مستطردة "اللحظة الراهنة حرجة اقتصادياً على مستوى العالم، ونتأثر بها بشدة، لذلك كان لا بد من حكومة جديدة تستطيع معالجة هذه الأولويات بطريقة منضبطة".
بدوره، قال النائب فريدي البياضي: "التغيير الوزاري المحدود غير كافٍ، ولا يرقى للتوقعات، أو يسد الاحتياجات. والتغيير كان يجب أن يشمل رئيس الحكومة بوصفه المسؤول عن اختيار الوزراء، وعن فشل الحكومة"، مضيفاً "كان من الضروري تغيير المجموعة الاقتصادية بالكامل، لكن هذا لم يحدث. ومن ثم رفض جميع نواب الحزب (7 أعضاء في مجلس النواب) هذا التعديل المحدود".