التضييق على المنظمات الدولية في اليمن: سياسة ممنهجة للحوثيين

17 اغسطس 2024
هانس غروندبرغ يلتقي مسؤولين محليين في تعز، 12 فبراير 2024 (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تزايد التضييق على المنظمات الدولية في اليمن**: اقتحمت جماعة الحوثيين مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء، مما أثار إدانة دولية ودعوات للإفراج عن الموظفين المعتقلين ووقف الحملات ضد المنظمات الدولية.

- **دعوات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن**: دعت الحكومة اليمنية إلى نقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن لضمان سلامة الموظفين واستمرار أعمالهم بعيدًا عن تهديدات الحوثيين.

- **الإخفاء القسري للعاملين في مجال الإغاثة**: دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي للتحرك لإنقاذ حياة الموظفين المختطفين في سجون الحوثيين، حيث يواجه حوالي 70 ناشطًا مدنيًا الإخفاء القسري.

تزايدت حالة الاستياء من التضييق على المنظمات المحلية والدولية الذي تمارسه جماعة الحوثيين في اليمن، وهي السياسة التي تنتهجها الجماعة ضد المجتمع المدني في مناطق خاضعة لسيطرتها. آخر فصول التضييق على المنظمات الدولية في اليمن كان نهاية الشهر الماضي، حين تلقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، رسالة من سلطات الحوثيين أمهلتها ثلاثة أيام لإغلاق مكتبها نهائياً. وأكدت الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، اقتحام الحوثيين مقر مكتب حقوق الإنسان التابع لها في العاصمة صنعاء، واستيلاءهم عليه ومصادرة وثائق وأثاث ومركبات المكتب.

إدانة التضييق على المنظمات الدولية في اليمن

في السياق استمرت بيانات الإدانة ضد اقتحام جماعة الحوثيين مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء، إذ قال المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمس الأول الخميس: "نواجه في اليمن حملة قمعية تشنها جماعة الحوثي ضد موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الدولية"، داعياً الجماعة "للإفراج فوراً عن جميع الموظفين الذين اعتقلتهم، ووقف حملاتها ضد مكاتب المنظمات الدولية". كما دان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، الثلاثاء الماضي، بشدة اقتحام المكتب، معتبراً في بيان أن "دخول مكتب تابع للأمم المتحدة بدون إذن والاستيلاء بالقوة على وثائق وممتلكات، يتعارضان بشكل كامل مع اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة". وأضاف أن ذلك يشكل أيضاً اعتداء خطيراً على قدرة الأمم المتحدة على ممارسة ولايتها، بما في ذلك ما يتعلق بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، التي يدافع عنها مكتبه. وقال: "على قوات أنصار الله (الحوثيين) مغادرة المبنى فوراً وإعادة جميع الأصول والممتلكات".

وفي إطار إدانة التضييق على المنظمات الدولية في اليمن قال نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتل، في بيان، أمس الأول، إن "هذا الاقتحام انتهاك صارخ للأعراف الدولية، مما يعكس عدم احترام الحوثيين لأبسط الممارسات الدولية". وأضاف أن مثل هذه التصرفات "تزيد من تعقيد إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين اليمنيين الذين يعانون من ظروف الأزمة منذ سنوات".

دعت الحكومة المعترف بها دولياً إلى نقل  مقرات المنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن

وبمقابل التضييق على المنظمات الدولية في اليمن من قبل الحوثيين، دعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى نقل مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء، ومقرات المنظمات الدولية، إلى العاصمة المؤقتة عدن. وقالت وزارة الخارجية في بيان أمس الأول، إنها تدين "قيام الحوثيين باقتحام مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في ‎صنعاء والاستيلاء على وثائق وممتلكات المكتب في استمرار للاعتداءات الحوثية الممنهجة للمنظمات الدولية والعاملين فيها". وشدّدت على "أهمية نقل مكتب المفوضية، وكذلك كافة المنظمات الدولية في أسرع وقت ممكن إلى ‎عدن لتتمكن من أداء المهام المناطة بها بعيداً عن تهديدات الحوثيين، وبما يكفل استمرار أعمالها وسلامة وأمان موظفيها".

الإخفاء القسري

وبرزت، إلى جانب التضييق على المنظمات الدولية في اليمن ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، قضية الإخفاء القسري لعاملين في مجال الإغاثة، إذ كانت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، قد دعت، الثلاثاء الماضي، المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإنقاذ حياة الموظفين العاملين في الإغاثة والعمل الإنساني، المختطفين في سجون الحوثيين، والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة. فقد أعربت وزارة حقوق الإنسان، في بيان، عن "بالغ القلق إزاء مصير ما يقارب 70 ناشطاً مدنياً، اختطفهم الحوثيون من منازلهم مطلع يونيو (حزيران) الماضي، وما يزيد عن 18 منهم من موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الدولية، وأكثر من 50 ناشطاً من منظمات المجتمع المدني". وأشارت إلى أن "هؤلاء المختطفين ما زالوا حتى اللحظة مخفيين قسرياً، ولم يستطع أهاليهم الوصول إليهم، أو معرفة أماكن احتجازهم، في انتهاك صارخ لحقهم في الحياة والحرية والأمن الشخصي".

وجاء اقتحام الحوثيين مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بعد أشهر من شن الجماعة حملات اختطاف طاولت العشرات من موظفي المنظمات المحلية والدولية والأممية بمناطق خاضعة لسيطرتها. ونشرت وسائل إعلام جماعة الحوثيين، في الأشهر الماضية، فيديوهات اعترافات مختطفين اختطفتهم عام 2021، ممن سبق أن عملوا في السفارة الأميركية ومنظمات أممية ودولية يعترفون فيها بـ"التجسس لصالح أميركا وبريطانيا". وذكرت الجماعة حينها في بيان صادر عن أجهزتها الأمنية، أن "شبكة تجسس أميركية إسرائيلية" تم القبض عليها في اليمن، وأن هذه الشبكة كانت مرتبطة "بشكل مباشر بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية". وقبل أسابيع أصدرت جماعة الحوثيين قرارات جديدة تلزم المنظمات العاملة في مناطق خاضعة لسيطرتها، بتسليم الهياكل الوظيفية وتقديم كشوفات بأسماء موظفيها وصفاتهم الوظيفية، كما اشترطت الحصول على موافقتها المسبقة على أي تعيينات جديدة.

عادل القرشي: تساهل المنظمات مع انتهاكات الحوثيين أدى لتماديهم في هذه الانتهاكات

وفي سياق التضييق على المنظمات الدولية في اليمن واختطاف عاملين في مجال الإغاثة، رأى الناشط السياسي اليمني عادل القرشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "جماعة الحوثيين تعيش حالة من الانفصام السياسي". وأوضح أنه في الوقت الذي تمارس الجماعة فيه التضييق ضد المنظمات الدولية في اليمن "تسارع قيادات الجماعة لتدشين مشاريع خدمية برعاية هذه المنظمات، والتي كان لها دور فاعل في إغاثة السكان في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في ظل انقطاع صرف رواتب الموظفين الحكوميين، وانعدام الخدمات العامة". وأشار القرشي إلى أن "تساهل المنظمات مع انتهاكات الحوثيين بحق العاملين في المنظمات الدولية، وعدم اتخاذ موقف رادع، جعل الجماعة تتمادى في هذه الانتهاكات". وأوضح أن الجماعة "استمرت في عملية اختطاف العاملين في المنظمات، وإخفائهم، واقتحام مكاتب المنظمات ونهبها، والعبث بمحتويات مكاتبها، في لغة تحد واضحة تقتضي اتخاذ موقف رادع".

المساهمون