التصعيد الأردني بوجه إسرائيل: رسائل لتهدئة الداخل

09 نوفمبر 2023
احتجاجات أمام السفارة الإسرائيلية بعمّان، أكتوبر الماضي (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

صعّد الأردن من خطابه السياسي الموجّه للاحتلال الإسرائيلي في ظل حرب الإبادة والمجازر التي ترتكبها تجاه قطاع غزة والانتهاكات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال اجتماع مع مجلس النواب الأردني، الاثنين الماضي، إن "أي محاولات أو خلق ظروف لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية خط أحمر وسيعتبره الأردن بمثابة إعلان حرب"، وإن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة".

ويحاول الأردن مواجهة التصعيد الإسرائيلي في غزة، عبر أدواته السياسية والدبلوماسية وتوظيف علاقاته مع العديد من الدول الفاعلة عالمياً، ويواصل العاهل الأردني عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي السعي للحصول على مواقف دولية لإنهاء الحرب وتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه الحكومة الأردنية ضغوطاً شعبية من أجل إنهاء التطبيع مع إسرائيل، ما يطرح التساؤلات بشأن مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصاً بعد قرار استدعاء السفير الأردني لدى تل أبيب غسان المجالي، ورفض إعادة السفير الإسرائيلي روجيل راحمان إلى عمّان.


سميح المعايطة: إذا استمر العدوان على غزة فمن المحتمل اتخاذ خطوات جديدة

وأكد الملك الأردني لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، أول من أمس الثلاثاء، رفض بلاده أي محاولة للفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، معتبراً أنهما "امتداد للدولة الفلسطينية الواحدة". وشدّد على "ضرورة العمل لوقف إطلاق النار، واحترام القانون الدولي الإنساني، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية والدوائية إلى قطاع غزة ودعم المنظمات الدولية العاملة هناك".

في السياق، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "إذا استمر التصعيد في العدوان على غزة فمن المحتمل اتخاذ خطوات جديدة، فالعلاقة مع إسرائيل إحدى أدوات الدولة المهمة لكنها غير مقدسة، والأردن يحافظ على هذه العلاقة ما دامت تحقق مصالحه وتخدم القضية الفلسطينية، لكن إذا ذهبت الأمور باتجاهات أخرى، فالأردن قادر على تطوير ردود أفعاله السياسية باتجاه أعلى مما هو عليه الآن".

وأضاف: "كذلك إذا ذهبت الأمور إلى الهدوء في غزة وفلسطين فالعلاقات ستميل بين الجانبين إلى الاستقرار، فسبب التوتر الحالي ليس العلاقات الثنائية، بقدر ما هو متعلق بالقضية الفلسطينية والأوضاع في غزة والضفة الغربية".

التصعيد الأردني بوجه إسرائيل

ورأى المعايطة أنه كلما ذهبت العملية العسكرية إلى الأمام، ازداد التصعيد السياسي بين الطرفين، موضحاً أن الأردن لا يحاول الذهاب مباشرة إلى الحد الأعلى، فمطالب الأردن واضحة وهي وقف العدوان على غزة، وإيقاف الانتهاكات في الضفة الغربية.

وبحسب المعايطة، فإن العلاقات بين الطرفين ستحددها نتائج الجهود الدولية لإيقاف الحرب، والأردن يبذل جهوداً كبيرة في هذا الإطار بالتعاون مع الدول العربية والعديد من الدول الأخرى لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية، والهدف الأهم هو وقف العدوان.

ولفت المعايطة إلى أن الأردن لا يرغب بالقفز في الهواء وتسجيل مواقف فقط، بل الهدف وقف العدوان، بالضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، وما قرار رفض إعادة السفير الإسرائيلي روجيل راحمان إلى المملكة واستدعاء السفير الأردني غسان المجالي من تل أبيب، إلا رسالة للإسرائيليين والأميركيين عن موقف الأردن من العدوان على غزة.

وتابع: الأردن لديه خيبة أمل كبيرة ومنزعج من موقف الولايات المتحدة تجاه الحرب على غزة، التي كانت تعد باتخاذ خطوات لإحياء عملية السلام.

بدوره، أبدى رئيس كتلة الإصلاح في مجلس النواب الأردني صالح العرموطي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" ألمه "لما يحدث من عدوان على غزة في ظل صمت عربي مطبق، ونحتاج إلى قرارات لمواجهة العدوان".

وأضاف "صحيح أن موقف الأردن إيجابي، واعتباره التهجير إعلان حرب وبذله جهوداً سياسية ودبلوماسية كبيرة، لكن مطالبنا أكبر، فهناك دول قطعت علاقاتها مع إسرائيل، والمطلوب قطع العلاقات مع دولة الاحتلال، رغم أهمية قرار استدعاء السفير الأردني (من تل أبيب)".

وتوقع العرموطي إعادة النظر ببعض الاتفاقيات مع الاحتلال كاتفاقية الغاز والماء مقابل الكهرباء نتيجة الضغط الشعبي، خصوصاً في ظل الهجوم الكاسح الذي يشنه الإعلام الإسرائيلي على الأردن، مشدداً على ضرورة أن ينسجم الموقف الحكومي مع الموقف الشعبي، فالصف الأردني اليوم موحد خلف المقاومة وضد العدوان.

ولفت إلى أن كتلة الإصلاح تقدمت لمجلس النواب بمشروع قانون لإلغاء اتفاقية وادي عربة مكونة من 65 نقطة توجب إلغاءها، مضيفاً أن "الاحتلال لا يأبه بالمعاهدات والقانون الدولية، وعلينا أن نتخلى عن هذه الاتفاقية".


توقع صالح العرموطي إعادة النظر ببعض الاتفاقيات مع الاحتلال

وأضاف العرموطي أن الاحتلال يشنّ اليوم معركة ضد الأطفال والشيوخ والنساء، ويرتكب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية، ويجب تقديم شكاوى لمحكمة العدل الدولية، وأن يسير الجانب السياسي والدبلوماسي والقانوني في خطوات متوازية، منتقداً عدم عقد قمة عربية حتى الآن.

وأشار إلى أن الاعتصامات ما زالت ممنوعة في بعض الدول العربية، وفي دول أخرى هناك اعتقالات في صفوف المتظاهرين، فيما تشهد العديد من الدول الغربية تظاهرات ضخمة لوقف العدوان على غزة.

وأعرب العرموطي عن اعتقاده أن كل الخيارات الأردنية واردة ومفتوحة وهناك دائماً بدائل متاحة، خصوصاً في ظل الضغط الشعبي. وحول الاتهامات الإسرائيل للقيادات السياسية في الأردن بالتحريض، قال إن التحريض والإجرام هو مطالبة أحد وزراء حكومة الاحتلال بضرب الفلسطينيين بقنبلة نووية.

الخطاب الأردني موجّه للداخل

من جهته، لفت الباحث الاستراتيجي الأردني عامر السبايلة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الأردن ملتزم مع إسرائيل بعملية سلام وتنسيق أمني، والأردن حليف أساسي للولايات المتحدة. وأضاف أن الأهم اليوم في ظل الأوضاع الحالية القدرة على تغيير الموقف الدولي ومحاولة التأثير على القرار الأميركي، فالمحددات الحقيقية تخرج بشكل كبير من واشنطن.

وأشار السبايلة إلى أن إسرائيل تحاول توظيف تصريحات المسؤولين الأردنيين ومنها تصريحات رئيس الوزراء بشر الخصاونة لصالحها عند صانع القرار الأميركي، واتهام الأردن بالتصعيد من أجل خدمة مواقفها الدبلوماسية، مشيراً إلى ضرورة أن تكون التصريحات موجهة إلى المسار الدقيق الذي يخدم مصلحة الأردن ويحافظ على استقراره.

وبحسب السبايلة، فان الأردن لن يتخذ أي خطوات كبيرة أخرى، فالخطوات التي اتخذها هي قريبة من الحد الأعلى ضمن قدراته السياسية، وأن جزءاً من الخطاب السياسي الرسمي الأردني موجهاً إلى الداخل وللشعب الأردني في ظل الموقف الشعبي من الحرب على غزة.

وأضاف: الأردن دوره حساس ويستقبل المساعدات من الجميع، والمخاطر تحيط بالمملكة من كل جانب، فمن الشرق مليشيات تمنع دخول النفط من العراق، وطائرات مسيرة وتهريب أسلحة ومخدرات من سورية، وهذا يعني أن الأردن اليوم يواجه تحديات كبيرة والمطلوب مواجهتها بالحكمة.