غيّر التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب النظام السوري، قبل خمس سنوات في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، كل معادلات الصراع، حيث استخدم الروس قوة نارية غير مسبوقة للقضاء على الثورة السورية، وتثبيت بشار الأسد في السلطة، وهو ما أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين السوريين في مشاهد لا تزال حاضرة في الذاكرة.
وكان من الواضح أنّ الجانب الروسي أخرج المدنيين من حساباته، حيث ارتكب مئات المجازر بحقهم منذ الأيام الأولى للتدخل العسكري، حيث كانت – ولا تزال – تنطلق الطائرات الروسية من قاعدة حميميم العسكرية على الساحل السوري للفتك بالمدنيين السوريين تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
واستخدم الروس المدنيين ورقة ضغط عسكري وسياسي على فصائل المعارضة السورية التي لم تجد أمامها بداً من التراجع أمام مقتل هذا العدد الكبير من المدنيين.
ولم تتردد القوات الروسية في استخدام أسلحة محرَّمة دولياً في عدة مناطق سورية، وفق ما وثق نشطاء محليون، وخاصة في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية في بدايات عام 2018 لدفع فصائل المعارضة السورية إلى الاستسلام غير المشروط.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 6859 مدنياً، بينهم 2005 طفل و969 امرأة (أنثى بالغة)، على يد القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سورية حتى 30 سبتمبر/ أيلول 2020، مشيرة إلى أنها وثقت ما لا يقل عن 354 مجزرة ارتكبتها القوات الروسية في سورية، منذ تدخلها في 30 سبتمبر/ أيلول 2015 حتى 30 سبتمبر/ أيلول 2020.
التقرير الـ 90 والسنوي الخامس عن انتهاكات القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري المباشر في #سوريا في 30 أيلول 2015 والتي يرقى بعضها إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب#روسيا@Russia_AR https://t.co/a4heWiSYc4
— الشبكة السورية (@SN4HR) September 30, 2020
وأوضح التقرير أن العام الأول من التدخل شهد مقتل 3564، بينهم 1027 طفلاً، و404 نساء، ما يؤكد ضراوة القصف الجوي من قبل الطائرات الروسية من 30 سبتمبر/ أيلول من عام 2015، وحتى 30 سبتمبر/ أيلول من عام 2016.
وفي عام 2017 قتلت القوات الروسية 1547، بينهم 448 طفلاً، و236 امرأة، وفي العام الذي تلاه قتل 958 بينهم 354 طفلاً، بينما شهد عام 2019 مقتل 447، بينهم 79 طفلاً، ومنذ سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، وحتى سبتمبر/ أيلول من العام الجاري، قُتل 343، بينهم 97 طفلاً، وفق الشبكة.
ووفق إحصائية صدرت عن الشبكة، شهدت محافظة حلب مقتل 2843 على يد القوات الروسية، بينما قتل 2537 في محافظة إدلب في الشمال الغربي من سورية.
وتوزع القتلى الباقون على محافظات دير الزور، حمص، الرقة، حماة، ودمشق وريفها، والحسكة، ودرعا، وقتيل واحد في محافظة اللاذقية على الساحل السوري غربي البلاد.
وفي السياق، وثقت الشبكة مقتل 69 من الكوادر الطبية، بينهم 12 امرأة (أنثى بالغة)، على يد القوات الروسية في سورية، منذ تدخلها في 30 سبتمبر/ أيلول 2015 حتى 30 سبتمبر/ أيلول 2020، موضحة أنها وثقت ما لا يقلّ عن 1217 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 222 على مدارس، و207 على منشآت طبية، و58 على أسواق، خلال الفترة نفسها.
إلى ذلك، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 22 إعلامياً على يد القوات الروسية في سورية، منذ تدخلها. كذلك وثقت ما لا يقل عن 236 هجوماً بذخائر عنقودية من قبلها، إضافة الى ما لا يقل عن 125 هجوماً بأسلحة حارقة، خلال خمس سنوات من التدخل.
وتحدث التقرير عن استخدام القوات الروسية للذخائر العنقودية، وقد بلغت ما لا يقل عن 236 هجوماً، إضافة إلى 125 هجوماً بأسلحة حارقة نفذتها القوات الروسية، في حين أن حجم العنف المتصاعد، الذي مارسته القوات الروسية كان له الأثر الأكبر في حركة النزوح والتشريد القسري، وساهمت هجماتها بالتوازي مع الهجمات التي شنها الحلف السوري الإيراني في تشريد قرابة 4.5 مليون نسمة.
وأشار التقرير إلى أن روسيا استخدمت حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن مرات عديدة على الرغم من أنها طرف في النزاع السوري، وهذا مخالف لميثاق الأمم المتحدة، كما أنّ هذه الاستخدامات قد وظفها النظام للإفلات من العقاب، وشكلت له حصانة مطلقة، وبالتالي فهي استخدامات تعسفية وتعارض حقوق الإنسان.
ولفت التقرير إلى أنّ روسيا لم تفتح تحقيقاً واحداً على الرغم من آلاف عمليات القصف التي تسببت في مقتل ما لا يقل عن 6859 مواطناً سورياً، "وهذا يؤكد استهتارها بأرواح السوريين، ولأن النظام السوري لا يكترث بأرواحهم أيضاً ولا تهمه حمايتهم".
وطالب التقرير مجلس الأمن بنقل المسألة السورية من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد فشل 9 سنوات في حماية المدنيين وفي إنهاء النزاع السوري، كما حث المجتمع الدولي على تشكيل تحالف دولي حضاري خارج نطاق مجلس الأمن يهدف إلى حماية المدنيين في سورية من الهجمات الروسية وهجمات النظام السوري تجنباً للفيتو.
ويذكر أن التدخل الروسي لصالح النظام مكّن الأخير من استعادة مساحات واسعة من المدن والبلدات بعد تدميرها وقتل وتهجير سكانها المعارضين للنظام.