أعلن حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" المصري، اليوم الأحد، رفضه مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية المتصاعدة بـ"القوة" و"القمع" الذي طاول جميع فئات المجتمع، بمن فيهم الأطفال، محذراً من توجه السلطة الحاكمة نحو تجاهل الدوافع الاقتصادية والاجتماعية التي فجرت الغضب، وتحويل هذه الاحتجاجات- كالعادة- إلى ملف أمني، بدلاً من إدراك حاجة البلاد إلى الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العاجل، من خلال الاستجابة لمطالب الشعب في العدل والحرية.
وشدد بيان للحزب على أن الاحتجاجات الجماهيرية التي تفجرت في بعض قرى وأحياء المدن في مصر "ليست نتاج مؤامرة"، إذ أن "أخبث المؤامرات لن تحرك جماهير راضية، بل هي صنيعة سياسات تجاهلت مطالب وحقوق الفقراء، وصمّت آذانها عن أنين بات مسموعاً"، وتعاملت معه بمنطق القوة، إلى حد تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي بـ"استخدام قوات الجيش لهدم البيوت"، وذلك لأول مرة في التاريخ المصري.
وأضاف: "أكدنا دوماً أن الطريق إلى الاستقرار الذي ننشده ونحتاج إليه، يصنعه التوجه الثابت لتحويل الشعارات التي رددتها حناجر الملايين في ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، إلى سياسات عملية، وثمار يحصدها المواطنون في حياتهم اليومية، بدلاً من تبديد الموارد في مشروعات كبرى، لم يثبت جدواها، أو أهميتها على سلم الأولويات".
وتابع الحزب: "التعددية والتنوع مصدران للقوة، والقمع وتجريف المجال السياسي يقود إلى هبات وانفجارات مجتمعية، فلكل فعل رد فعل، مهما تمددت حبال الصبر"، مستطرداً بأن "مصر أحوج ما تكون إلى فتح النوافذ، فالزنازين لن تمنع الطريق إلى يناير (الثورة)، بل يمنعه انتصار السياسات لمطالب الشعب، ووقف إجراءات الفقر، والظلم، والإقصاء، والفساد، والتوريث، والتهميش".
واستطرد البيان: "الحقيقة أن ما يلزم إدراكه أن انحيازات سياسات الحكم ضد مصالح أغلبية الشعب، وأن إهدار مبدأ استقلال وتوازن السلطات، وعلى الأخص مع تعديلات دستور عام 2014، هو أكبر تهديد للأمن. كما أن ما يلزم مواجهته هي تلك السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي زادت الفقراء فقراً، ودفعت بالملايين من المصريين إلى قاعه، وشدت إلى حافته قطاعات من الطبقة الوسطى، فتصاعد أنينها الجماعي، وتحول الغضب المكبوت إلى احتجاجات عالية الصوت، قابلة للانتشار، ويمكن أن يزيدها العنف اشتعالاً".
وزاد الحزب: "التوجه نحو التنظيم الواعي المعبر عن مطالب أصحاب المصلحة، هو الذي يمكن أن يوفر مسارات آمنة لتغيير سلمي ديمقراطي، يجنبنا مخاطر الانفجارات، والفوضى، والقمع، والعنف والعنف المضاد، ومن ثم ضرورة ترابط الإصلاح السياسي مع الإصلاح الاقتصادي، وحق التنظيم المستقل مع باقي الحقوق".
وأشار البيان إلى أن "هناك مطالب عاجلة لفك الاحتقان، وفتح الطريق لتغيير سياسي أوسع وأشمل، من خلال تلبية الاحتياجات الأساسية المادية والروحية للمواطنين في قطاعات التعليم، والصحة، والغذاء، والبيئة النظيفة، والمسكن اللائق، والأجر العادل، وتطوير القدرات الإنتاجية للاقتصاد، وهي توجهات تتناقض مع توجهات السياسات الاقتصادية الراهنة".
التحالف الشعبي الاشتراكي: التوجه نحو التنظيم الواعي المعبر عن مطالب أصحاب المصلحة، هو الذي يمكن أن يوفر مسارات آمنة لتغيير سلمي ديمقراطي، يجنبنا مخاطر الانفجارات، والفوضى، والقمع، والعنف والعنف المضاد، ومن ثم ضرورة ترابط الإصلاح السياسي مع الإصلاح الاقتصادي، وحق التنظيم المستقل مع باقي الحقوق
وطالب الحزب بـ"الإفراج عن السجناء المتهمين على ذمة الأحداث الأخيرة، وإقرار الحق في التظاهر السلمي، فضلاً عن إخلاء سبيل المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا الرأي عامة، ضمن انفراجة سياسية حقيقية لفتح النوافذ والزنازين، والاعتراف بحق الاحتجاج السلمي، والحق في التعددية والتنوع، خلافاً لمنطق (سمع هس) المتبع، وتحويل كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية إلى ملفات أمنية".
كذلك، طالب بدعم الجمعيات الزراعية، ومستلزمات الإنتاج الزراعي، والصناعات الريفية، وشمول مظلة التأمين الصحي، والرعاية الاجتماعية لصغار المزارعين، والعمال الزراعيين، وإلغاء ووقف تسعير خدمات التعليم، والصحة، والإسكان الاجتماعي، والنظر إليها كحقوق للشعب، وليست منحا، أو مشروعات تجارية ربحية.
وطالب الحزب أيضاً بوقف القوانين والقرارات المتعلقة بمخالفات البناء، ووقف البناء في المدن، لما نتج عنها من أضرار لقطاعات شعبية واسعة، وافتقادها لمبدأ العدل والإنصاف، من خلال محاباة الشركاء الأصليين، والمبالغة في تقدير قيمة المخالفات، في مقابل جرائم تحويل الأراضي الخضراء، والمخصصة للاستصلاح الزراعي إلى مرافق حكومية، ومشروعات للاستثمار العقاري، ومنتجعات سياحية.
كما دعا إلى "ضرورة إعادة صياغة القوانين والقرارات بروح الإنصاف، ومراعاة مبدأ عدم تطبيق التشريعات بأثر رجعي، وإعادة النظر في التخطيط العمراني من خلال منظور تنمية الريف، وتعمير الظهير الصحراوي بمدن عامرة بالصناعات، والتي تعتمد أساساً على موارد البيئة بهدف الحفاظ على المساحة الخضراء، وامتصاص الزيادة السكانية، والمرافق الحكومية، والمؤسسات الخدمية في محيط الريف".
وتطرّق الحزب في بيانه إلى "أهمية التغيير السلمي الديمقراطي، وفتح المجال العام، وإلغاء القيود على الحريات، ورفع الحصار عن الأحزاب، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني، وعودة المواقع الإلكترونية المحجوبة، وإقرار حق المعارضة، وكل تيارات المجتمع، في التعبير عن البدائل عن طريق أجهزة الإعلام المملوكة للدولة".
وشدد "التحالف الشعبي" على أهمية إلغاء قانون الدوائر الانتخابية، بما يتضمنه من نظام للقوائم المطلقة المتبعة في النظم الاستبدادية، واستقلال السلطة القضائية، وعدم تضارب المصالح والأدوار بين أجهزة ومؤسسات الدولة، وتطهير المجال السياسي من المنافقين و"الطبالين"، وصناع الطغاة، والاعتراف بعدم معصومية الحكام، والإقرار بآدميتهم، وبأنهم "بشر يخطئون ويصيبون".
ولخص الحزب أهم مطالبه في "العودة إلى دستور 2014، وإلغاء التعديلات التي طرأت عليه بهدف مد الفترات الرئاسية للحاكم، بالمخالفة للنصوص الحاكمة للدستور، وتضييق مساحة استقلال القضاء، وإثقال المؤسسة العسكرية بتجاذبات السياسة، ووظائف الأمن الداخلي، وعودة مجلس الشيوخ من دون اختصاصات إرضاءً لأحزاب الموالاة، وما ارتبط بكل ذلك من نظام سياسي يكرس الأحادية، والهيمنة الأمنية، في قالب تعددي شكلي، وهزيل".