التباينات داخل حزب ميركل تعزز حظوظ زعيم الحزب الشقيق لخلافتها

02 نوفمبر 2020
سودر برهن عن قدرة في إدارة ومقاربة أزمة كورونا في بافاريا (سفين هوب/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أن أطلق المرشح فريدريش ميرز "ثورة غضب" بحق قيادة حزبه "المسيحي الديمقراطي" في ألمانيا، على خلفية قرار المجلس التنفيذي للحزب، وبالإجماع، تأجيل عقد المؤتمر الذي كان مقرراً يوم 4 ديسمبر/كانون الأول المقبل في شتوتغارت لانتخاب زعيم جديد له، وذلك بسبب تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا في البلاد، واتهامه لها بأنها تريد منعه من تولي زعامة الحزب حيث تبدو فرصته جيدة حالياً، يسود الاعتقاد في الوسطين السياسي والإعلامي بأن ميرز هشّم صورته وحزبه بعد أن بلغ الصراع على السلطة داخل حزب أنجيلا ميركل ذروته، خصوصاً أن الزعيم الجديد للحزب سيكون مستشاراً محتملاً لجمهورية ألمانيا الاتحادية.

وباتت فرصة زعيم الحزب الأصغر في "الاتحاد المسيحي"، رئيس حكومة بافاريا ماركوس سودر، أفضل للتقدم للمنصب، لينقذ الاتحاد بغياب قيادات فذة، ومرشح كامل المواصفات لمنصب المستشار في صفوف حزب ميركل.

وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة "أوغسبورغ الغماينه تسايتونغ"، إلى أن سودر برهن عن قدرة في إدارة ومقاربة أزمة كورونا في بافاريا، لافتة إلى أن 53% من أعضاء "المسيحي الديمقراطي" يرون أن "الاتحاد المسيحي" والذي يضم الحزبين العريقين، ستكون لديه أفضل الفرص في الانتخابات الفيدرالية في سبتمبر/أيلول 2021 مع الدفع بسودر لمنصب مستشار.

ويأتي ذلك بعد أن برزت انتقادات للتصرف والطريقة التي عبّر فيها ميرز عن انزعاجه وما جرى من حديث عن نيته مقاضاة حزبه في مدينة كارلسروه، وهذا ما سمح بالنظر إليه ببعض الأسف، وعلى أنه يريد أن يحارب من يعارضه. ووفق ما ذكرت "زود دويتشه تسايتونغ"، فقد يكون المرشح ميرز ارتكب الخطأ الذي قد يكلّفه الفوز في المنافسة لخلافة ميركل، وهو كشف، عن قصد أو بغير قصد، عن أكبر نقاط ضعفه، وأكبر قوة لدى المستشارة ميركل، أي القوة الاستراتيجية والحكمة السياسية، وبأنه يفتقر إليها.

كذلك، وبهجومه المفتوح على مؤسسة الحزب، أثبت أنه عدائي، وبهذا الشكل يكون قد تخلى عن محاولة كسب الحزبيين من خلال أفكاره وشغفه، حيث لا يمكن أن ينجح بذلك إلا من خلال مدّ الجسور وليس التقسيم، على الرغم من أنه يمثل قسماً من مجلس المندوبين (45%)، إنما ليس ضماناً لأفضل نتائج انتخابية برلمانية. مع العلم أنه ومن خلال ملفه المحافظ الحاد و"النيوليبرالي"، من المحتمل أن يكسب أصواتاً في المعسكر اليميني.

أما المرشح الآخر أرمين لاشيت (24%)، فهو يعاني من أداء ضعيف، وهو يراكم الأخطاء في التعاطي مع كورونا، فيما حظوظ روتغن غير كافية (13% من أصوات المندوبين بحسب استطلاع فورسا). والآن، هناك خشية من أن تنتهي المنافسة بشرخ سياسي، في حين من المهم أن يحافظ الحزب "المسيحي الديمقراطي" على قوته التكاملية الواسعة.

وفي هذا الإطار، قال الباحث السياسي البريشت فون لوكه، في مقابلة مع شبكة "أيه أر دي" الاعلامية، إنه وبنقاط ضعف الآخرين، قد يستمر سودر في اكتساب المزيد من السمعة والثقة في الأسابيع المقبلة، بفعل تعاطيه الصحيح مع أزمة كورونا، وهو لن يتردد في قبول الترشح للمنصب إذا ما طالب "المسيحي الديمقراطي" به، إلا أنه أردف قائلاً: "في حال انتخاب ميرز زعيماً للمسيحي الديمقراطي، قد يكون آخر شخص مستعدّ للتنازل عن منصب المستشار لأي شخصية أخرى، واصفاً هجومه على مؤسسة الحزب بأنه يحمل سمات شعبية ترامبية.

وفي السياق، أشارت صحيفة "دي فيلت"، إلى أنه على الرئيس الجديد أن يواجه المهمة الصعبة المتمثلة بإعادة رصّ الصفوف داخل "المسيحي الديمقراطي" بروح وطنية شاملة، والأهم ليس إقناع الأعضاء فقط، لكن وقبل كل شيء الناخبين أيضاً. وحزب المستشارة لن يبقى حزباً شعبياً إلا إذا كان متناغماً مع المجتمع، وألمانيا باتت أكثر تنوعاً وانفتاحاً، وأكثر حساسية تجاه الأقليات.

وفي هذا الإطار، اعتبر كلّ من الأمينين العامين لحزب ميركل في ولايتي براندنبورغ وهيسن غوردون هوفمان ومانفرد بينتز، في حديث مع الصحيفة عينها، أن حزبهما لطالما استمدّ قوته من توحيد الأوساط المختلفة وبناء الجسور معها، وإذا ما أراد مواصلة القيام بذلك، يجب أن يعكس بشكل أفضل التنوع المتزايد في المجتمع الألماني، وأن يصبح أكثر جاذبية للمجموعات التي لم يتم تمثيلها بشكل كافٍ حتى الآن. ومع اقتراب عام الانتخابات 2021، فالنجاحات الانتخابية ليست بديهية وعلى الحزب أن يستخدم رأسماله الانتخابي بحكمة، وأن يحلّ مشكلة القيادة بطريقة مقنعة، وكذلك بوضع رؤى لفترة ما بعد كورونا.

مع العلم أنه نهاية الأسبوع الماضي، وبعد نقاشات بين المرشحين الثلاثة لزعامة "المسيحي الديمقراطي" والزعيمة الحالية وزيرة الدفاع انغريت كرامب كارنبور، أُعلن عن التوافق على تحديد موعد جديد للمؤتمر، وكتب الأمين العام للحزب بول زيمياك على "تويتر": "بعد مشاورات مكثفة، سيطلب من المجلس التنفيذي العمل على تحديد موعد لانعقاد المؤتمر منتصف شهر يناير من العام المقبل، وهذا الاتفاق يمثل إشارة قوية للتماسك في حزبنا".

المساهمون