التباس أميركي وعتب أوكراني عشية الجولة التالية من الاجتياح الروسي

11 ابريل 2022
بوتين يستعد لجولة ثانية من الحرب في أوكرانيا (تولجا أكمن/فرانس برس)
+ الخط -

شدّد المسؤولون الأوكرانيون، أمس الأحد، في مقابلاتهم مع عدد من وسائل الإعلام الأميركية على نقطتين رئيسيتين هما: أن بلادهم بحاجة إلى "المزيد من الأسلحة"، كما إلى "المزيد من العزلة الدولية" لموسكو.

مطلبان تقاطعت عندهما سرديات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والسفيرة الأوكرانية في واشنطن أوكسانا ماركاروفا ورئيس بلدية العاصمة كييف فيتالي كليتشكو، صحيح أن هذين المطلبين ليسا بجديدين، لكنهما جاءا هذه المرة بنكهة من العتب الضمني عبر التذكير بأن أوكرانيا "تقاتل ليس دفاعاً عن نفسها فقط بل عن أوروبا والغرب". خاصة كلام زيلينسكي الذي استبطن شيئاً من الخيبة بقوله إن "الأسلحة الأميركية التي وصلتنا ساعدت لكنها غير كافية".

ثمة من ربط هذه اللهجة بخوف أوكرانيا من الجولة التالية للحرب الروسية بعد تسليم قيادتها للجنرال ألكسندر دفورنيكوف المعروف ببطشه في الحرب السورية. 

وفي التوقعات العسكرية أن تغيير القيادة الروسية الميدانية لا يعكس فقط الاعتراف بانتكاس الجولة الأولى خطة وأداء، بل أيضاً يشير إلى عزم الكرملين على تغيير صورة الفشل وإعادة الاعتبار للقوة الروسية، عبر حملة عسكرية كاسرة تستهدف حتى المدنيين.

ولذلك يقول القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي(الناتو) الجنرال المتقاعد واسلي كلارك، إن "الوضع خطير جداً". وعليه "لا بدّ من تزويد القوات الأوكرانية بالسلاح الذي لم تحصل عليه بعد. والوقت ليس لصالحها".

والمقصود هنا السلاح الجوي ودفاعاته بعيدة المدى، فضلاً عن المعلومات الاستخباراتية الدقيقة عن تحركات القوات الروسية وخططها المتوقعة. وهذا أمر ما زال موضع جدل في واشنطن.  

الرئيس الأميركي جو بايدن استبعد هذه الخطوة من البداية "خشية أن تؤدي إلى حرب لا نريدها مع موسكو لأنها تبقى محفوفة بالخطر النووي". مستشاره جيك سوليفان لم يأت اليوم على هذه السيرة. اكتفى بالقول إن الإدارة الأميركية تواصل دعمها لأوكرانيا.

لكن الصقور، ومنهم ديمقراطيون أميركيون، يشددون على ضرورة التوسع في الدعم العسكري لأوكرانيا من باب أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يحترم إلا القوة. وأنه لو انتصر في أوكرانيا فإنه لن يتوقف قبل نقل معركته إلى محيط الناتو"، كما يقول كلارك.

التباينات الأميركية لا تقتصر على مسألة التسليح فقط بل تشمل قضايا وجوانب أخرى، ما زالت موضع جدل حول كيفية مواجهتها باعتبارها جزءا عضويا من المعركة. منها بل أهمها، موضوع "جرائم الحرب الروسية" التي وضعها البعض في منزلة "الإبادة" كما صنّفها السناتور شارلز شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي.

الإدارة الأميركية لا توافق على هذا التصنيف (الإبادة)، لبعده القانوني إذ له "شروطه التي لم نتأكد منها بعد" كما قال سوليفان. ومع وجاهة حيثياته هذه، تبقى هذه القضية مربكة لإدارة بايدن. فهي من جهة "تحتاج إلى بوتين في نهاية الأمر للعثور على مخرج للأزمة"، وبالتالي لا تقوى على اتهامه بالإبادة التي تنسف هذا الاحتمال. ومن جهة ثانية، لا تستطيع الإدارة "التهاون والتصرف بضعف لئلا يستفرس ويرفع من وتيرة عدوانيته(أي بوتين)".

في الحالتين الموقف صعب والإلحاح الأوكراني على التسليح يزيد من صعوبته. وربما أدى التصعيد العسكري الروسي المتوقع قريباً إلى تأزم العلاقة بين واشنطن وكييف المأزومة من أساسها بحكم اختلاف المقاربة بين الطرفين. فواشنطن تدعم أوكرانيا للدفاع عن نفسها. في المقابل، أوكرانيا تطالب بالدعم على أساس أنها تقاتل "دفاعاً عن نفسها وعن الغرب". التباين في المقاربة ينتج التباين في الحسابات. ومن هنا علامات الريبة في الخطاب الأوكراني تجاه واشنطن.

المساهمون