صوّت البرلمان العراقي، اليوم الخميس، على قانون "حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني"، بالإجماع، في أول قانون من نوعه يجري تشريعه في البلاد التي اعتمدت خلال العقود السابقة على فقرات دستورية تنص على أن العراق في حالة حرب مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتفرض عقوبات إعدام والسجن المؤبد بحق المتعاونين أو المتعاملين معه.
ويتضمن القانون الجديد الذي صوت عليه 275 نائباً شاركوا في الجلسة المنعقدة بمبنى البرلمان وسط بغداد (من أصل 329)، عدداً من الفقرات المهمة، أبرزها "تجريم أي نوع من التعاون أو التعامل السياسي والأمني والاقتصادي والفني والثقافي والرياضي والعلمي، وتحت أي نشاط أو عنوان كان، مع الكيان الصهيوني، وتأكيد أنّ العراق بحالة حرب مع دولة الاحتلال وكل ما يصدر من أفراد، أو مؤسسات، أو جماعات، أو حركات، أو أحزاب، يخل بهذا المفهوم بما يصب في دعم وجود الاحتلال مادياً أو معنوياً، يدخل ضمن جرائم الخيانة العظمى التي توجب أحكام بين الإعدام والسجن المؤبد، وفقاً لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل".
وينص كذلك على "حظر التعامل مع الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع هذا الكيان أو تعتبر داعمة له أو ترتبط به".
وعقب التصويت على القانون، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره إلى الخروج للشوارع للتعبير عن احتفالهم بإقرار القانون، وقال في تغريدة على "تويتر"، إنه "منجز عظيم".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) May 26, 2022
وأبلغ رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز، "العربي الجديد"، بأنّ "البرلمان صوت بالإجماع على القانون، وهذا يعد من القوانين المهمة، التي صوت عليها البرلمان خلال دورته الحالية (الخامسة)".
وبيّن عنوز: "بعد التصويت على هذا القانون، سنراقب تطبيق هذا القانون من قبل الجهات التنفيذية المختصة، فلا يمكن جعل هذا القانون حبرا على ورق من دون أي تنفيذ وتطبيق لفقراته، حاله حال الكثير من القوانين التي شرعها البرلمان، لكن لم تنفذها الجهات ذات العلاقة والاختصاص".
وأضاف أنّ "تشريع البرلمان لقانون تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني، يؤكد رفض الطبقة السياسية والشعبية لأي علاقات مع الكيان الصهيوني، وهو يقطع الطريق نحو أي دعوات لهذا التطبيع خلال المستقبل القريب أو البعيد، فهذا القانون قطع كل هذه الأحلام التي يريد البعض تطبيقها على أرض الواقع".
إلى ذلك، وصف النائب عن الإطار التنسيقي أحمد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، تصويت البرلمان العراقي على قانون "تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني" بأنه "مهم جداً في هذا التوقيت مع وجود سعي خارجي وداخلي لسحب العراق نحو التطبيع ضمن مشروع خطير تعمل عليه هذه الأطراف منذ فترة طويلة"، وفقاً لقوله.
وشدد الموسوي على أنّ "قانون تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني، يجب أن يشمل ويعمل به إقليم كردستان، كونه جزءاً من العراق، وهناك الكثير من المعلومات، التي تؤكد وجود علاقات على مختلفة الأصعدة بين بعض قادة الإقليم وشخصيات وجهات من الكيان الصهيوني".
وأكد النائب عن "الإطار التنسيقي" "سوف نراقب بدقة تطبيق قانون تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني، بعيداً عن المجاملات والضغوط السياسية، وسنعمل على تطبيق هذا القانون على الجهات والشخصيات كافة، التي لها أي علاقة او اتصال مع الكيان الصهيوني، فهناك مخاوف من عدم تطبيق بعض فقرات القانون المهمة، وفقاً للأجندات السياسية والمجاملات".
إلى ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ياسر وتوت، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنّ "قانون تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني، سوف يجري تنفيذه بعد (30) يوماً من تشريعه وبعد نشره في الجريدة الرسمية، وسوف نتابع تطبيق فقرات القانون مع الجهات التنفيذية المختصة، بعد دخوله حيز التنفيذ".
وبيّن وتوت أنّ "اللجان البرلمانية المختصة، ستجتمع دورياً مع الجهات الحكومية المختصة، لمعرفة تفاصيل تطبيق فقرات قانون تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني، كذلك سيجري التنسيق مع الجهات القضائية، كون القضاء جهة مهمة في تنفيذ فقرات القانون من خلال إصدار أوامر القبض والاعتقال بحق أي جهة وشخصية يثبت تورطها بأي اتصال وتواصل مع الكيان الصهيوني".
وحذر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية من "عدم تطبيق قانون تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني من قبل الجهات الحكومية المختصة، لأسباب مختلفة"، مؤكدا أن "أي جهة حكومية تقصر في تطبيق فقرات القانون سوف تتعرض إلى المحاسبة والمساءلة من قبل البرلمان العراقي، وستكون هناك رقابة برلمانية شديدة على تنفيذ كامل فقرات قانون تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني خلال المرحلة المقبلة".
وتنص المادة 201 من قانون العقوبات العراقي على أنه "يعاقب بالإعدام كل من حبذ أو روج مبادئ الصهيونية بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أي من مؤسساتها، أو ساعدها مادياً، أو أدبياً، أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها". ولا يقيم العراق أي علاقات مع إسرائيل، كما ترفض الحكومة وأغلب القوى السياسية التطبيع معها.