مجلس النواب الأردني يقر مشروع التعديلات الدستورية ويستحدث مجلس أمن قومي

06 يناير 2022
مراقبون يرون أن إقرار التعديلات يُعَدّ توسعاً لصلاحيات الملك (شادي النصور/الأناضول)
+ الخط -

أقرّ مجلس النواب الأردني، اليوم الخميس، مشروع تعديل الدستور، بأغلبية 104 أصوات من أصل 112 نائباً، حيث يأتي التعديل في إطار الإصلاحات الجديدة التي أوصت بها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وأقرتها الحكومة وأرسلتها إلى مجلس النواب لاعتمادها.

وكان مجلس النواب قد بدأ الأحد الماضي مناقشة مواد مشروع تعديل الدستور الأردني البالغ عددها 30 مادة. وقال رئيس المجلس، المحامي عبد الكريم الدغمي، عقب إقرار المشروع، إن "مجلس النواب أنهى اليوم الوجبة الأولى من مسار التحديث السياسي، وسيشرع قريباً في استكمال مناقشة وإقرار مشاريع قوانين الانتخاب والأحزاب التي ستكون علامة فارقة في تاريخ الأردن".

وأقرّ مجلس النواب الخميس واحداً من أهم وأخطر التعديلات الدستورية المتعلقة باستحداث "مجلس الأمن القومي والسياسة الخارجية"، إذ يختص بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية، بعد تعديل المادة الـ 122 من الدستور القاضي بإنشاء "مجلس الأمن القومي والسياسة الخارجية"، بحيث يجتمع عند الضرورة بدعوة من الملك وبحضوره أو بحضور من يفوضه، وتكون قراراته واجبة التنفيذ حال تصديق الملك عليها، وتنظم شؤون هذا المجلس بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.

ويضم المجلس في عضويته وفق التعديل كلاً من رئيس الوزراء، وزراء الدفاع والخارجية والداخلية، وقائد الجيش، ومدير المخابرات، ومدير الأمن العام، إضافة إلى عضوين يعينهما الملك بإرادة ملكية منفردة.

وكان مجلس الوزراء قد أضاف هذا التعديل إلى توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، فيما لجأت اللجنة القانونية النيابية إلى تعديل المادة بإلغاء ترؤس الملك للمجلس مع تغيير اسم المجلس من الوطني إلى القومي. 

وتابع الأردنيون أمر التعديلات بنوع من الفتور على وسائل التواصل الاجتماعي، بما يشير إلى أن مهندسي التعديلات نجحوا في تمريرها قانونياً دون أن ينجحوا في إقناع الناس بها.

واعتبر النائب أحمد القطاونة خلال نقاشات المجلس أن إقرار إنشاء مجلس الأمن القومي في الدستور، هو بمثابة إنشاء سلطة رابعة غير خاضعة للرقابة، متسائلاً: "المهام المناطة بالمجلس، هي الأمن الداخلي والسياسة الخارجية، فماذا أبقينا للحكومة ورئيس الوزراء؟".

وقال إن "نصوص الدستور الأردني أوجدت موازنة مرنة بين السلطات الثلاث، لكننا هنا ننشئ سلطة رابعة، ودون وجود نصّ يضبط عمل المجلس وصلاحياته، كما لا يوجد شيء يمكّن النواب من مراقبة أعمال المجلس".

وفي رده على مراقبة أعمال مجلس الأمن القومي، قال رئيس مجلس النواب المحامي عبد الكريم الدغمي، إنه يخضع لرقابة مجلس النواب.

أما النائب أحمد الخلايلة، فأوضح أن "إنشاء المجلس سيحاصر أي حكومة حزبية أو برلمانية قادمة"، مطالباً بإنشاء لجنة نيابية دائمة للتعامل مع مجلس الأمن القومي. 

بدوره، اعتبر النائب صالح العرموطي، قائلاً: "مجلس للأمن الوطني ردة على الإصلاح وضربة قاصمة للدستور واستقواء عليه"، مشدداً على أن "المجلس يخلّ بالعقد الاجتماعي ويضر بالأردن داخلياً وخارجياً، ويجعل الشعب في مواجهة مع الملك".

وأكد العرموطي "أن هذا النص إذا بقي فهو استقواء وتغوّل على السلطة التنفيذية وصلاحياتها المطلقة، وتدخل في شؤونها"، مشيراً إلى أن "مجلس الأمن" أمرٌ في بالغ الخطورة.

من جهته، قال الأمين العام لـ"حزب الحياة" عبد الفتاح الكيلاني خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن "تمرير التعديلات الدستورية بهذه السرعة رغم لقاء اللجنة القانونية في المجلس مع 14 خبيراً دستورياً وقانونياً جلهم خالفوا التعديلات يؤشر على أن هناك توجهاً لتمرير هذه التعديلات بهذا الشكل".

وبيّن أن هذه التعديلات تُعَدّ توسعاً لصلاحيات الملك، معتبراً أن "ما حصل مخالف للأعراف السياسية في الدولة الأردنية، وبمثابة انقلاب على الدستور والديمقراطية، ومؤشر سلبي لمستقبل العمل السياسي". 

وقال: "الأصل وكما في جميع دول العالم أن يقر الدستور وتعديلاته عبر استفتاء شعبي، وليس من طريق مجلس نواب"، موضحاً أن أكثر التعديلات كانت شكلية لا تثير الجدل، باستثناء 3 إلى 4 تعديلات كانت جوهرية ومفصلية، وهي تلك المتعلقة بصلاحيات الملك ومجلس الأمن القومي وإضافة كلمة الأردنيات.

بدوره، قال الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات في حديث مع "العربي الجديد": "بات جزء كبير من صلاحيات الحكومة بيد الملك بهذه التعديلات الدستورية، والهدف المعلن من قبل السلطات أن تتشكل حكومات برلمانية منبثقة من الأحزاب"، موضحاً أن "سحب جزء من الصلاحيات التي كانت قانونياً بيد الحكومات، جرى تبريره بعدم حدوث استقطاب في المستقبل يضرب بنية المجتمع في حال تشكيل الأحزاب للحكومات البرلمانية".

وأضاف أن "التعديلات الجديدة جعلت المفارز المتعلقة بأمن الدولة بيد الملك بدلاً من الحكومات، وخاصة مديري الأجهزة الأمنية والقضاء، وكذلك السياسية الخارجية"، مشيراً إلى أن القائمين على التعديلات اعتبروها مسائل سيادية لا يجوز الاقتراب منها، على أن تدير الحكومة الشؤون الأخرى للدولة، وهو الهدف النهائي المعلن، كما يرون أن من يختاره الشعب ليس دائماً هو الأفضل.

ووفق شنيكات، فإن الحكم المطلق والحقيقي على التعديلات سيكون من خلال التطبيق، مشيراً إلى أن النموذج الذي يتجه إليه الأردن مشابه للنموذج المغربي "المملكة المغربية"، أي بقاء الوزارات السيادية والأمنية والسياسة الخارجية والقضايا العليا بيد الملك. 

المساهمون