الانتكاسات الخارجية سرّعت حزمة المساعدات العسكرية الأميركية

الانتكاسات الخارجية سرّعت حزمة المساعدات العسكرية الأميركية

22 ابريل 2024
جلسة لمجلس النواب الأميركي، 20 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مجلس النواب الأميركي يوافق على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا، إسرائيل، وتايوان، تلبية لطلب إدارة بايدن، مع تغيير موقف رئيس المجلس الجمهوري لدعم المشروع.
- الحزمة تعكس استجابة للتوترات العالمية والحاجة لتعزيز قدرات الحلفاء أمنيًا، مع تأييد من الديمقراطيين وأقلية جمهورية، وتبرير جونسون لدعمه بالظروف الخطيرة الراهنة.
- تهدف المساعدات لتقوية القدرات الدفاعية والهجومية لأوكرانيا وإسرائيل، مع تركيز على إعادة التوازن العسكري في أوكرانيا ودعم إسرائيل في تعويض الأسلحة وشراء جديدة، مما يعكس استراتيجية أميركية للتعامل مع التحديات الأمنية.

صوّت مجلس النواب الأميركي أول أمس السبت على حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان بتكلفة 95 مليار دولار، سبق أن أقرّها مجلس الشيوخ في فبراير/ شباط الماضي، وكانت إدارة الرئيس جو بايدن قد طلبت موافقة الكونغرس عليها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلا أن اعتراض الجمهوريين فرض تأخير التصويت عليها.

وكاد اعتراض الجمهوريين أن يقضي على المشروع في مجلس النواب الذي امتنع رئيسه الجمهوري مايك جونسون حتى عن طرحه للمناقشة، قبل أن ينقلب موقف الأخير من رافض إلى مؤيد، بل وأكثر من ذلك، إذ تحوّل إلى قوة دفع باتجاه تسريع إقرار الحزمة، رغم تلويح أقصى اليمين الجمهوري وضمنهم دونالد ترامب بإزاحته من منصبه لو فعل ذلك. وبرر جونسون هذا التحوّل قائلاً إنّ "الزمن الراهن الخطير" حمله على تغيير موقفه والعودة إلى خيار تسليح الحلفاء. وتسود قناعة في واشنطن بأن هذه المواجهات طويلة ومخارجها بعيدة، وبالتالي لا بدّ من استدراك الانتكاسات لتغيير مسارها من خلال تغيير موازين القوى على الأرض.

ولتمرير الحزمة استعان جونسون بتأييد الديمقراطيين، وحظي المشروع بأكثرية 311 صوتًا مقابل 112 صوتاً، وصارت في طريقها إلى التنفيذ بعد اقترانها بتوقيع الرئيس في غضون أيام. وجاء الانقلاب في الموقف على خلفية الانتكاسات الخارجية في الأشهر الأخيرة، من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط الذي شهد "سقوط الردع الأميركي- الإسرائيلي" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، بحسب السفير ومستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون. كما جاء في ضوء تواتر معلومات عن مساعدة صينية لروسيا "في مجال تمكينها من إعادة بناء وتطوير صناعتها العسكرية".

وترافق هذا الحديث مع التحوّل الميداني في الحرب الأوكرانية لصالح موسكو، دفع المعنيين الأميركيين إلى إطلاق متتال في المدة الأخيرة حول مخاطر وتهديدات هذا التدهور على "بلدان حلف الناتو المجاورة لو بقي التراجع الأوكراني على حاله". هذه التطورات مع استمرار التوتر ولو كان متقطعًا مع الصين فتحت دفتر الحرب الباردة من جديد، أو بالأحرى "الحروب الباردة الجديدة " كما جاء في عنوان كتاب صدر أخيراً للصحافي المخضرم في صحيفة نيويورك تايمز ديفيد سنجر، الذي يقول إن هذه التطورات أصعب من الحرب الباردة السابقة التي كانت واضحة، كما كانت أطراف الصراع محددة، وكذلك تخومه، على عكس ما هو عليه الوضع اليوم. وزاد من السهولة آنذاك أن واشنطن تمكنت من الحيلولة دون حصول تقارب بين بكين وموسكو خلافاً لما هو عليه الأمر في الوقت الحاضر، وبما جعل من الأهون على واشنطن التعاطي مع معادلة الحرب الباردة.

اختلفت المسألة الآن، إذ إنّ الجبهات تعددت والنكسات التي حصلت لم تكن في الحسبان، خصوصاً في الشرق الأوسط، ولا سيما ما شهده من عمليات عسكرية في الأسبوعين الأخيرين. فهذه التطورات بالإضافة إلى أوكرانيا، زادت من الضغوط على الجمهوريين خاصة في مجلس النواب، للإسراع في إقرار المساعدات التي تجاوزت حصة إسرائيل فيها ما كان مقرراً في مشروع نوفمبر، حيث طلبت الإدارة 10,4 مليارات دولار لتصبح وفقاً لما تم إقراره 26 مليار دولار، منها 5,2 مليارات لتعويضها عن الأسلحة التي استخدمتها في حرب الإبادة على غزة وبما يمكّنها من الاستمرار فيها، و3,5 مليارات دولار لشراء أسلحة أميركية جديدة متطورة قد يلحق بها مليار إضافي، إلى جانب 9 مليارات كمساعدة إنسانية، منها حصة ضئيلة للضفة وغزة، لأن الكونغرس رفض تخصيص مساعدة خاصة باسم الفلسطينيين.

وفيما قد يسهم الدعم لأوكرانيا (60,4 مليار دولار)، على الأقل في المدى المنظور، في إعادة التوازن إلى الجبهة، فإن الدعم لإسرائيل يأتي في سياق مفاقمة الوضع على الأرجح طالما أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مصرّ على التصعيد، فيما لا تنوي الإدارة إجباره على الانكفاء، مع اكتفائها بخطوات رمزية لكبحه مثل إعلانها المتوقع اليوم الاثنين عن فرض عقوبات على جنود إسرائيليين.

ورغم تواضع هذا الإجراء الذي يبدو كأنه ليس أكثر من رفع عتب، سارع نتنياهو إلى إدانته ورفضه بلهجة لا تخلو من التحدي للبيت الأبيض، تماماً كما يرفض صرف النظر عن اجتياح رفح، مع أنّ الإدارة الأميركية أعربت عن "عدم دعمها" للعملية، كما لا يستبعد أن يذهب نتنياهو، لا سيما بعد تدفق التسليح على إسرائيل، إلى التصعيد والتمادي في توسيع الحرب التي لا يسعى إليها أحد غيره وباعتراف واشنطن.