يتصدر مشروع قانون إنهاء الصوت الواحد في الانتخابات البرلمانية لائحة برامج واقتراحات مرشحي مجلس الأمة الكويتي في الانتخابات التي ستجرى في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الحالي، إذ يتفق المؤيدون للحكومة التي جاءت بهذا القانون في عام 2012 والمعارضون لها، على فشله ووجوب تغييره بأي طريقة ممكنة.
ووفقاً للنظام الانتخابي الكويتي، فإنّ من حق كل ناخب أن يدلي بصوت واحد فقط في دائرته الانتخابية التي يخرج منها 10 أعضاء، مما يعني أن نسبة انتخابه لأعضاء البرلمان تكون في حدها الأدنى، وهو ما ينافي "أسس العملية الديمقراطية"، وفق ما يقول معارضون للقانون.
ويتهم مرشحو مجلس الأمة وقادة الكتل المعارضة في الكويت، قانون الصوت الواحد بأنه زاد من فردية العمل السياسي في البلاد، وأدى إلى تزايد حالات شراء الأصوات، والتصويت وفقاً للانتماءات الطائفية والعرقية في البلاد، ما أدى إلى وصول أعضاء موالين للحكومة بشكل كامل، وأفقد البرلمان الكويتي صلاحياته السياسية وقدرته على مراقبة الحكومة وتشريع القوانين المهمة.
ترى المعارضة أن قانون الصوت الواحد زاد من فردية العمل السياسي في البلاد
ويشرح أحمد الديين، الأمين العام لـ"الحركة التقدمية الكويتية"، وهي حركة علمانية اشتراكية، تشارك في هذه الانتخابات بمرشحين اثنين، لـ"العربي الجديد"، نظام الصوت الواحد الانتخابي. ويقول: "قانون الصوت الواحد المجزوء نظام انتخابي انفردت السلطة بوضعه بمعزل عن مجلس الأمة، للتحكّم في مخرجات العملية الانتخابية. وهذا القانون مختلف تماماً عن قانون الصوت الواحد المعروف القائم على اختيار الناخب الواحد لمرشح واحد يمثل الدائرة الانتخابية، لأن قانون الصوت الواحد المجزوء يقوم على اختيار الناخب لمرشح واحد من بين عشرة مقاعد تمثل الدائرة الانتخابية، فهو صوت واحد ولكنه مجزوء وليس كاملاً".
ويتهم الديين النظام الانتخابي الذي يقوم على أساس قانون الصوت الواحد بـ"إضعاف الطابع السياسي للانتخابات النيابية، التي يفترض أنها عملية سياسية"، كما يتهمه بالتسبب في "تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ، إذ زاد من التأثير على الانتخابات الفرعية القبلية، كما زاد من تنافس مرشحي أفخاذ القبيلة الواحدة". كذلك، يعتبر الديين قانون الصوت الواحد أحد "عناصر الأزمة السياسية الممتدة في الكويت طوال العقد الأخير".
من جهته، يقول الأكاديمي والناشط السياسي الكويتي علي السند، إنّ "الحكومة الكويتية فرضت قانون الصوت الواحد من خلال مرسوم الضرورة في عام 2012 (بدون عرضه على مجلس الأمة الذي تم حله آنذاك) وكان من أجل إقصاء المعارضة، وحرمانها من تشكيل أغلبية رقابية وتشريعية في البرلمان، ومن أجل المزيد من التحكم في العملية الانتخابية لتكون مخرجاتها ملائمة للحكومة، لتبقى مهيمنة على قواعد اللعبة السياسية، وتضمن بقاءها كأقوى لاعب في الساحة السياسية".
ويرى السند أنّ قانون الصوت الواحد "قام بتجريف الحياة السياسية في الكويت، فلم يعد للقوى المختلفة هامش للعمل السياسي، إذ يكرس الصوت الواحد البعد القبلي والفئوي والطائفي، كما يعزز العمل الفردي في البرلمان، ويقضي على فرص تكوين تحالفات سياسية لمواجهة تفرد السلطة في الساحة".
لكن القانون الذي يحظى برفض جماعي من قبل قيادات الكتل السياسية بعد أن قلّص من دورها، يحظى في الوقت ذاته بتأييد من قبل النواب المستقلين، الذين عادةً ما ينحدرون من قبائل صغيرة في الكويت، بعد أن أعطى قانون الصوت الواحد الفرصة لهذه القبائل للوصول إلى البرلمان للمرة الأولى في تاريخها.
وأدى الصوت الواحد إلى تجزئة الأصوات الانتخابية التي تملكها القبائل الكبرى في البلاد، وتشتيت أصواتها، وبالتالي خسارة أغلب مقاعدها، فيما نظمت القبائل الصغيرة نفسها جيداً لتضمن وجودها في البرلمان.
في السياق، يقول طلال السهلي، وهو ناشط سياسي ينتمي لإحدى القبائل الصغيرة من ناحية العدد والتي حصلت على فرصتها في الوصول للبرلمان عبر قانون الصوت الواحد، لـ"العربي الجديد": "هناك أمر يرفض المعارضون فهمه، وهو أنّ الصوت الواحد أدى إلى حصول الكثير من الفئات المنسية في المجتمع، وأعني بها القبائل الصغيرة وبعض الطوائف والعائلات، على جزء من العملية السياسية في البلاد وعلى موقع في صناعة القرار".
مصدر حكومي: تعديل النظام الانتخابي وقانون الصوت الواحد ليس خياراً مطروحاً على طاولة الحكومة أو القيادة السياسية في البلاد
ويتهم السهلي معارضي قانون الصوت الواحد بأنهم "أنانيون على الصعيد الشخصي، ويحملون أيدولوجية معارضة للدولة وعابرة للحدود ويطمعون في السيطرة على الحكومة".
من جهته، يقول مصدر حكومي رفيع المستوى لـ"العربي الجديد"، إنّ تعديل النظام الانتخابي وقانون الصوت الواحد "ليس خياراً مطروحاً على طاولة الحكومة أو القيادة السياسية في البلاد". ويرى أنّ "هذا القانون كان بمثابة نعمة من الله على الحكومة، لأنه قصم ظهر الكتل السياسية وسلبها قوتها، فلماذا تعيد الحكومة سلاح الكتل السياسية". ويعتبر المصدر أنّ "النواب القادمين لن يجتهدوا كثيراً في الضغط في هذا الإطار، لأنهم وصلوا عبر قانون الصوت الواحد، وكل ما يثار الآن دعاية انتخابية".
وتعود وقائع قانون الصوت الواحد إلى عام 2012، حينما قرر أمير البلاد الراحل، الشيخ صباح الأحمد الصباح، حلّ مجلس الأمة المنتخب آنذاك، والذي سيطرت عليه المعارضة التي عرفت باسم "كتلة الأغلبية"، وحاولت تمرير عدد من القوانين التي لم يوافق عليها أمير البلاد.
وبعد حلّ البرلمان، قرر أمير الكويت إصدار مرسوم ضرورة لتعديل الأصوات الانتخابية، وفقاً للمادة 71 من الدستور الكويتي والتي تخول له إصدار قوانين ضرورية من دون الرجوع للبرلمان. وتم تقليص عدد الأصوات الممنوحة لكل مواطن من 4 أصوات إلى صوت واحد، مع إبقاء الدوائر الانتخابية على حالها، وذلك لإنهاء سيطرة الكتل السياسية المعارضة وعلى رأسها الكتل الإسلامية على البرلمان. وهو ما أدى إلى إعلان المعارضة أكبر مقاطعة للعملية الانتخابية في تاريخ البلاد، إذ قاطعت انتخابات عام 2012 الثانية، وانتخابات عام 2013، قبل أن تقرر العودة بشكل جزئي في عام 2016، بعد أن فرضت الحكومة الصوت الواحد بحكم الأمر الواقع.
وكانت المحكمة الدستورية الكويتية، وهي أعلى سلطة دستورية في البلاد، قررت في يونيو/حزيران عام 2013، وفي حكم وصف بـ"التاريخي"، تحصين مرسوم الصوت الواحد والتأكيد على دستوريته. وقالت في حكمها: "مرسوم الضرورة جاء لمعالجة سلبيات وعيوب تهدّد وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي". كما أنها أرجعت سبب تحصينها للمرسوم لـ"تحقيق المصلحة الوطنية التي تعلو فوق كل اعتبار".