جولة جديدة بشأن الانتخابات الفلسطينية العامة: ما بين التزامن والتتابع وانتظار المراسيم
منذ أن بعث رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية برسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول موقف الحركة الجديد لإجراء الانتخابات الفلسطينية العامة وما تلا ذلك من ترحيب للرئيس عباس بما جاء في رسالة "حماس" بشأن إنهاء الانقسام وبناء الشراكة، ينتظر الفلسطينيون إقرار المراسيم الرئاسية بشأن إجراء الانتخابات، بعد أن توقف الحديث بشأنها عقب اشتراط "حماس" إجراءها بالتزامن وليس التتابع، وهو ما تنازلت عنه الحركة قبل أيام، ما يعطي أملاً جديداً بشأن الانتخابات.
وعبّر القيادي في حركة "حماس" بالضفة الغربية وصفي قبها، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، عن أمله في أن يلتقط الرئيس محمود عباس وحركة "فتح" الموافقة التي أبدتها حركة "حماس" بإجراء الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية و"المجلس الوطني"، بـ"التتابع"، وليس بالتزامن كما كانت تشترط الحركة، والإعلان الفوري لموعد محدّد لإجرائها، لما ستشكله تلك الانتخابات من فرصة لإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.
وقال قبها إنّ "حماس تُصرّ على إنجاز الوحدة الوطنية، وصولاً إلى تجديد الشرعيات الفلسطينية، وقد سعت جاهدة لتذليل العقبات في طريق تحقيق ذلك، حيث كانت قد اشترطت في حوارات المصالحة أن تجري انتخابات المجلسين الوطني والتشريعي والرئاسة متزامنة وليست بالتتابع، وكانت هناك موافقة أولية من حركة "فتح"، إلا أنها سرعان ما تراجعت، وخصوصاً بعد فوز جو بايدن بـالانتخابات الأميركية، وما تلا ذلك من عودة التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، ما أعاد وضع العقبات في طريق المصالحة".
وتابع قبها: "تدخلت دول عربية وإسلامية وصديقة معروفة بمواقفها الإيجابية من القضية الفلسطينية، مثل تركيا وروسيا وقطر والأردن ومصر، ما أفضى إلى أن تتراجع "حماس" عن شرط التزامن لإجراء الانتخابات، على أن تُجرى بالتتابع وخلال فترة زمنية مسقوفة بستة أشهر كما كان متفقاً عليه في السابق، كما حصلت الحركة على ضمانات تتعلق بـ(المراقبة والإشراف على الانتخابات وضمان النزاهة والعدالة)".
وأكد قبها أن الكرة الآن في ملعب الرئيس عباس، إذ يُنتظر منه إصدار المراسيم الثلاثة المطلوبة في توقيتاتها المحددة، مشيراً إلى أن الانتخابات ستكون بالنظام النسبي الكامل، حيث إن الأطراف قد اتفقت على ذلك في السابق، "وتبقى المصلحة الوطنية العليا هي التي ستحدّد شكل الانتخابات القادمة، سواء كان بقوائم مختلفة، أو من خلال قائمة وطنية واحدة، أو من خلال تحالفات فصائلية، والحديث هنا سابق لأوانه".
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، قد بعث برسالة إلى الرئيس عباس، أبلغه فيها بموقف الحركة الجديد بإجراء انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي والرئاسة على قاعدة التوالي والترابط في مدة أقصاها 6 أشهر.
وأعلنت الرئاسة الفلسطينية قبل أيام، أن الرئيس محمود عباس، تسلّم رسالة خطية من إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، نقلها جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وبعد الاطلاع على الرسالة، أعطى الرئيس توجيهاته للرجوب، بإبلاغ حركة "حماس" بترحيبه بما جاء في الرسالة بشأن إنهاء الانقسام وبناء الشراكة وتحقيق الوحدة الوطنية من خلال انتخاباتٍ ديمقراطية بالتمثيل النسبي الكامل، انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بالتتالي والترابط، وتأكيده التزام حركة فتح مسار بناء الشراكة والوحدة الوطنية.
وقرّر الرئيس عباس دعوة رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، للاجتماع به لبحث الإجراءات الواجب اتباعها لإصدار المراسيم الخاصة بالانتخابات وفق القانون.
في هذه الأثناء، كشف الأمين العام لـ"المبادرة الوطنية الفلسطينية" مصطفى البرغوثي في حديث لـ"العربي الجديد"، عن أنّ هنية أرسل إليهم في المبادرة نسخة من الرسالة التي بعث بها إلى الرئيس عباس، مؤكداً أن ما جاء فيها يتطلب الإسراع بإصدار المرسوم الرئاسي بالانتخابات الثلاثة مع تحديد مواعيد لها.
وجدّد البرغوثي طرح رؤيته للحلّ، المتمثل بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية تهيّئ الأجواء لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وضمان استقلاليتها، الذي سبق للمبادرة أن قدمته في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وحظي بموافقة الفصائل والقوى الفلسطينية.
لكن البرغوثي عبّر في المقابل عن قلقه من عودة الحديث عن نظام الكوتا والقوائم الموحدة، لأنها تلغي حق الشعب بالاختيار، قائلاً: "يجب أن تتاح الفرصة للشعب لأن ينتخب من يراه قادراً على تحقيق أهدافه بالتحرر والخلاص من الاحتلال ومعالجة الملفات الداخلية الشائكة، ولا نرى أن خوض الانتخابات بقائمة موحدة سيلبي تلك الرغبات، ومع هذا فلو اتفقت حماس وفتح على ذلك، فهذا لا يلزمنا".
الحكومة الفلسطينية: جاهزون للتحضير للانتخابات
إلى ذلك، أكدت الحكومة الفلسطينية، اليوم الإثنين، جاهزيتها خلال الفترة القادمة للتحضير للانتخابات العامة الفلسطينية.
ورحبت الحكومة الفلسطينية على لسان رئيسها محمد اشتية خلال كلمة له، بمستهل جلسة مجلس الوزراء اليوم الإثنين، بالتطورات الإيجابية على صعيد الانتخابات والمصالحة الوطنية، المتمثلة بقبول حركة "حماس" بإجراء الانتخابات بشكل متتالٍ، عبر رسالة أرسلتها للرئيس محمود عباس، الذي أعلن بدء الترتيبات لهذه الانتخابات.
وقال اشتية: "إن الحكومة الفلسطينية جاهزة لوضع كامل إمكاناتها وجهودها خلال الفترة المقبلة للتحضير لعملية انتخابية طال انتظارها، نريد منها أن تكون خاتمة لفصل الانقسام من تاريخ الشعب الفلسطيني، وبدايةً ديمقراطيةً تمنح دفعة للمؤسسات وللقضية الفلسطينية، نحو تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بالحرية وإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة على حدود العام 1967 والقدس عاصمة لها، والعودة للاجئين".
ورأى اشتية في الانتخابات "ركيزة للوحدة الوطنية، ودرعاً لحماية المشروع الوطني الفلسطيني، وتحصيناً للجبهة الداخلية الفلسطينية، وإعادة لرسم صورة مشرقة عن الوحدة الوطنية الفلسطينية".
على صعيد منفصل، أدانت الحكومة الفلسطينية جريمة جنود الاحتلال بإطلاق النار من مسافة قريبة على الشاب هارون أبو عرام، التي أدت لإصابة خطيرة في رقبته بينما كان يحاول منع اعتداء الجنود على بيته وبيوت خربة "الركيز" التي يقطن فيها في مسافر يطا جنوب الخليل إلى الجنوب من الضفة الغربية.
وقال اشتية: "رفعنا طلباً إلى المحكمة الدولية في لاهاي للتحقیق في الجريمة، ونطالب مجلس الأمن بتوفیر الحمایة لأبناء الشعب الفلسطيني، كما ندعو الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى التدخل ومتابعة التحقيق في الجريمة التي وثقتها كاميرات التصوير، هذه جريمة بدم بارد ارتكبت بحق إنسان أعزل مدني ذاهب لخدمة أرضه ومواجهة الظلام بالنور".
في نفس السياق، أدانت الحكومة الفلسطينية إرهاب المستعمرين المنظم ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وحيا الفلسطينيين في جميع القرى والبلدات والخرب الذين يدافعون عن أرضهم بقوة حقهم أمام عنف المستعمرين المنفلت والذي يجري تحت سمع وبصر جنود الاحتلال، وحيا أهالي سهل قاعون الذين تمكنوا من استعادة أرضهم بنضالهم وصبرهم وإصرارهم على التمسك بحقهم، وحيا الأهالي في الخليل الذين تمكنوا بنضالهم من إزالة بؤرة استيطانية في منطقة البقعة المحاذية لمستعمرة "كريات أربع" المقامة على أراضيهم، وكذلك، إزالة الشمعدان الذي وضع على سطح الحرم الإبراهيمي الشريف بجهود هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية.
وقال اشتية: "إن عربدة المستعمرين في الشوارع أمس، واقتحام مستشفى الشهيد ثابت ثابت في طولكرم تؤكد حاجة الشعب الفلسطيني إلى الحماية الدولية".